رائع جداً ذلك المنظر الأخّاذ حينما تصل لمدينة الرياض عن طريق مطار الملك خالد ليواجهك أول ما تراه في عاصمتنا الحبيبة تلك الجوهرة التعليمية الراقية والتي كانت في يوم من الأيام أمنية صعبة المنال، ولكن حينما تحققت أصبحت مفخرة معمارية كبرى يُشار إليها بالبنان. فجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن هي إحدى المنجزات الحضارية لقائد مسيرتنا النهضوية في كافة المجالات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -. تلك الجامعة التي قلّ ما تجد مثيلها في دول العالم، ويكفينا نحن مواطني المملكة العربية السعودية أننا لم نشهد الميترو في مدن المملكة، بينما سُخر لبناتنا في جامعة الأميرة نورة، وفي عرف المال والأعمال من السهل أن تبدأ المنشأة أو المشروع من حيث انتهى الآخرون، ولكن التحدي في البقاء على الصدارة والبناء عليها، لا أن تبدأ كبيراً وتتلاشى شيئاً فشيئاً نتيجة الأفعال والقرارات الخاطئة. جامعة الأميرة نورة رائعة في كل شيء ولكن من طريقة الأداء وما نسمعه ولمسته بنفسي أن هناك خللاً في الإدارة يعتريها، والخلل يكمن إمَّا في عدم وجود أنظمة، أو أن الأنظمة موجودة ولكن غير مطبقة وإن طبقت فهي بلا متابعة، أو أن العاملات عليها غير مؤهلات عملياً، والعملية ليست لغزاً، ولكن تكمن في إحدى هذه الأضلاع، إضافة إلى مراقبة الجودة. ودعوني أنافش مشكلتي والتي تتلخص فيما يلي: ابنتي طالبة في كلية إدارة الأعمال، جاءتها رسالة عن وقت تسجيل المواد للمستوى الثالث والرابع، وحينما ذهبت وجدت بأن الشُّعب مغلقة ولا إمكانية للتسجيل، الغريب أن هناك من هن مسجلات في أوقات غير أوقاتهن التي حُدِدَت في الرسائل، والمسؤولة آخر من يعلم، حيث إنها أصرت بأنها لا تعلم عن شيء والردود تأتي من كافة المسؤولات بروح غاضبة وأسلوب فج، حاولت الطالبة لعدة مرات بالتواصل مع المشرفات ولكن على عكس ما تدعيه الجامعة بأن هناك مساعدات ويتلقون الشكاوى برحابة صدر طبقاً للدعاية الموجودة على موقع الجامعة.. المهم اختارت لها الكلية شعبة لها في إحدى المواد دون اختيارها ولكن اتضح بأن هذه الشعبة لا يحضر لها سوى طالبة واحدة هي وابنتي مما اضطرهم لقفل هذه الشعبة، وحينما ذهبت للمشرفة مستفسرة أفادتها بأن عليك الذهاب لرئيسة القسم التي طمأنتها بأن المواد لن تذهب عليها، وأخذت رقم هاتفها ولم تجد منها أي اتصال مما اضطرها لمراجعتها مرة أخرى، فما كان منها إلاَّ أن أحالتها للعمادة بنموذج الحذف والإضافة موقّع ومختوم من الدكتورة رئيسة القسم، وعند مراجعة العمادة أفادوها بكل فوقية وعصبية أن هذا الأمر لا يخص العمادة وهو من مسؤولية إدارة الكلية، وحينما طلبت لقاء عميدة القبول والتسجيل أفادوها بعدم إمكانية ذلك معتذرين بالاجتماعات المهم أن الأبواب موصدة، ونفس المحاولة للقاء الوكيلة باءت بالفشل، وواضح جداً بأن سكرتيرات العميدة والوكيلة لديهن تعليمات مشددة، بالتصريف ومنع الدخول وإبقاء الأبواب موصدة، وعدم الرغبة في حل المعضلات والمشكلات من هذا القبيل.. وبنفس الطريقة أحيلت لمركز التسجيل الآلي الذي أرجع المشكلة لإدارة الكلية. الشاهد بأن لا من مجيب ولا رقيب حتى الآن وقد مضى على الفصل الدراسي قرابة الشهر وما زالت الطالبة لم تستطع التسجيل إلا لمادتين فقط!!! تخيلوا أين هي مراقبة الجودة؟ وكم من طالبة غير ابنتي بهذه المهزلة، ثلاث شعب أقفلت.. بعد ذلك وعدتها مسؤولة شؤون الطالبات برفع موضوعها للعمادة ولم يحدث شيء. والآن ستقضي هذه الطالبة الفصل الدراسي كاملاً بمادتين والثالثة لا يعلم أمرها بعد!!! يا جماعة أنا ولي أمر وأتحدث عن موضوع يخص ابنتي وقد يكون في أسلوبي شطط ولكن في نفس الوقت أنا أتحدث عن كلية الإدارة، إذا كانت هذه هي كلية الإدارة وهذا أسلوب تعامل العاملات فيها فكيف بالكليات الأخرى؟ وكيف بإدارة الجامعة، ولكن يبدو أن فاقد الشيء لا يعطيه. قديماً وحديثاً ولاحقاً ضرب لنا معهد الإدارة العامة أروع الأمثلة في التفكير، والتخطيط، والتنفيذ، والمتابعة، وخرّج لنا أجيالاً أصبحوا مثالاً للإدارة، والانضباط والإبداع، ألم تستطع جامعة الأميرة نورة - والعاملات فيها الاستعانة بهذه التجارب؟.. ناهيك عن عضوات هيئة التدريس واللاتي فهمن المسؤولية الأكاديمية خطأ بأن الأستاذة الجامعية حرة في التزاماتها تأتي كما تشاء وتغيب كما تريد، حيث إن مستوى الغياب لدى عضوات هيئة التدريس تخطى المعقول لدرجة أن بعضهن لا تتعامل مع اختراع اسمه وسائل الاتصال لإشعار الطالبات بأن حضرتها لن تشرف في ذلك اليوم، وبعضهن يبادرن بالاعتذار ولكن في الأخير أن ارتفاع مستوى غياب عضوة هيئة التدريس في جامعة الأميرة نورة أصبح ظاهرة.. وهذا ليس كلامي فقط بل سمعته من الكثير. أنا أكاديمي، وتخرجت من عدة جامعات وأبنائي أيضاً مروا على العديد من الجامعات داخلياً وخارجياً ولم نسمع جميعنا أو نرى هذا الغياب. على أية حال أنا طرحت المشكلة بهذا الشكل وكما سمعتها ولمستها من ابنتي، والأبواب موصدة، والفصل الدراسي تقدم والأيام فاتت ولا أعرف ما هو الحل، وكيف السبيل إلى الوصال مع الجامعة، إن ما أعلمه أن طالب وطالبة الجامعة لا يحتاجون إلى مجالس آباء كي يناقشوا قضاياهم.. ولكن هذه المثالية تحتاج أيضاً إلى جامعة مثالية تراعي أمورهم، والتعليم على مقاعد الدراسة، والتدريب أثناء هذه السنوات هو الضمانة لتخرج للبلد أجيالٌ صالحة مؤهلة لديها الأسس وليس العكس يتخرجون متشبعين بالتعقيدات الإدارية وعدم المبالاة وقلة الإنتاجية.. أنا قلت بأن هناك مشكلة إدارة، المثل صحيح فتش عن الإدارة إذا كانت هناك إنتاجية ونجاح فتش عن الإدارة، وإذا كان غير ذلك أيضاً فتش عن الإدارة، وهل من مجيب؟.. إنني أنتظر الحل.