مدخل: (قد يبتسم لك الزمن، وتكونين نجمة متألقة في سماء الفن). طلال مداح كواحدة من أبرز الحالات الفنية التي مرت على الإنسان السعودي، تعتبر الفنانة المخضرمة ابتسام لطفي واحدة من روَّاد الأغنية النسائية السعودية بتاريخها الممتد عشرات السنين. وبالعودة إلى وسائل الإعلام خلال العشرين سنة الماضية نجد أن حالات (نادرة) جداً كتبت عن ابتسام لطفي، فيما (ضجت) في المقابل الصحف بأشباه المغنين، ومن لا علاقة لهم بالصوت أو الجمال أو حتى القبول. هل تذكرون (سافروا ما ودعوني)؟ هي ليست لفنان العرب محمد عبده، بل هي لابتسام لطفي، ولا أسوق التساؤل هذا للجيل الماضي، بل هو للجيل الحالي الذي يتساءل الآن.. من هي ابتسام لطفي، وماذا قدمت.. وأين كانت طوال هذه السنين. جميعنا ساهمنا في دفن تاريخ ابتسام لطفي وإرثها الفني، لكننا فشلنا للأسف، أمام هذا التأريخ الذي رفض إلا أن (يبصرنا) النور ويخرجنا من عتمة الإسفاف والتردي وانحدار ذائقة المستمع. إننا أمام حالة فنية سعودية نسائية استثنائية تستحق الوقوف والوقوف احتراماً وتقديراً وعرفاناً بالدور العظيم الذي قدمته ابتسام لطفي منذ ولادتها في الطائف ببصر كفيف، وحتى اعتزالها الفن أواخر الثمانينات، لكن (طربها) فينا لم يغادر وجداننا ولا ذاكرتنا حتى وإن كانت هذه الذاكرة (مثقوبة) عمداً.. عادت ابتسام لطفي ليس على خشبة المسرح ولا عبر أغنية بل عادت لتحاكي جيلا جديدا (جلّه) لا يعرفها، فكانت عودتها عبر (تويتر) لتقول لهم: أنا هنا، حين غيبني عنكم جيل قبلكم، لكن مكاني ما زال (شاغراً). لا أستطيع التعبير عن فرحتي الكبيرة بعودة ابتسام لطفي إلا بمقال هنا، وامتنان كبير أن تقوم إحدى شركات الإنتاج الكبرى بإعادة إنتاج ألبومات ابتسام لطفي للسوق مرة أخرى، وإعطائها (جزء) بسيط من حقها، ولعل الزملاء في شركة روتانا الرائدة أو mbc هم الأولى بهذا التكريم، بدل أن يطير ب (المعروف) أشقاء لنا في دول أخرى ويقومون بدور التكريم مثلما فعلوا (مشكورين) في حالات سابقة. تقول ابتسام لطفي في تغريدة لها على تويتر: من أحد أسباب عودتي، هو حزني لضياع تراثنا الغنائي العظيم، ولن أتخاذل في الحفاظ على هذا التراث، وسأحارب بصوتي للحفاظ عليه. خيرية قربان عبدالهادي، وهذا اسمها الحقيقي، ظلّت طوال السنوات الماضية في معزل عن الساحة الفنية دون أن يكلف أحد منا نفسه عناء البحث عنها أو السؤال عن حالتها، بل إن شائعات تناقلها البعض بوفاتها، فلم ينفها أحد، حتى صدقها البعض إلى اليوم. إن ابتسام لطفي، هي واحدة من رواد الأغنية في السعودية، مثلما قلت أعلاه، ولعلّ أغنية «وداع» التي كتبها أحمد رامي عام 1394 وقام بتلحينها الموسيقار رياض السنباطي، دليل قاطع وأنموذج على ريادتها. تقول الكاتبة والروائية حليمة مظفر: كان محقا سيد الأغنية السعودية الراحل طلال مداح حينما أسماها ابتسام لطفي، مبررا ذلك لها «قد يبتسم لك الزمن وتكونين نجمة تتألق في سماء الفن»، وكان حدسه صحيحا بعدما تبنى انطلاقتها في أولى أغنياتها (فات الأوان) للطفي زيني، وتمدد صوتها خارج حدود الخليج، فمن كان يحسبُ يوما أن الكفيفة، قد تقف على أكبر مسارح مصر، وتغني ضمن كبار المطربين العرب؛ أولى أعياد ذكرى انتصار أكتوبر المجيد سنة 1974.