توالت ردود الأفعال المصريَّة على قرار اعتذار المملكة العربيَّة السعوديَّة عن عضوية مجلس الأمن لأسباب تتعلّق بموقف المجلس من القضيتين السورية والفلسطينيَّة بالإضافة إلى فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وعدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أيّ دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية حيث أكَّد بعض السياسيين والكتّاب أن هذا الموقف موقف ثوري يحسب للسعودية ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ويضاف إلى مواقفه الإيجابيَّة في الفترة الأخيرة سواء للقضايا الدوليَّة أو العربيَّة ودعم مصر وشعبها. وقال السفير محمد أنيس منسق مجموعة الأممالمتحدة بالمجلس المصري للشؤون الخارجيَّة: إن المملكة العربيَّة السعوديَّة دولة مؤسسة للأمم المتحدة وهذه هي المرة الأولى التي يتم ترشيحها لعضوية مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن اعتذارها موقف استثنائي وسابقة من نوعها ومؤشر على مدى الشعور بالإحباط وعدم الرضا عن السياسة التي تتبعها هذه المؤسسة الدوليَّة فضلاً عن عدم رضا المملكة عن أسلوب تعامل مجلس الأمن مع القضايا الراهنة وعدم قدرته على تولي مسئولية الأمن والسَّلام العالميين. ومن جانبه أوضح عبد الناصر سلامة رئس تحرير الأهرام المصريَّة أن العواصم العربيَّة كانت تلهث في الماضي وراء مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي وتهلل طربًا لهذا الإنجاز ولم تسع أبدًا إلى الحصول على مقعد دائم للعرب في ظلِّ هيمنة القوى العظمى على الاستحواذ وصناعة القرار في هذه المنظمة التي لم تكن أبدًا عادلة أو منصفة يومًا ما لا في القضايا العربيَّة ولا غيرها من قضايا العالم الثالث، مشيرًا إلى أن الدول العربيَّة وقضيتها الفلسطينيَّة كانت الأكثر تضررًا من مواقف مجلس الأمن الدولي، حيث إن عدد المرات القياسية التي تَمَّ فيها استخدام حق النقض «الفيتو» لعدم إدانة دولة الاحتلال على جرائم القتل المتكررة للأطفال والنساء واغتصاب الأراضي فإنَّ أي من العواصم العربيَّة أو قادتها، لم تطرح يومًا فكرة الانسحاب من هذه المنظمة أو اتِّخاذ موقف جماعي بشأنها تجاه عدم عدالتها، موضحًا أن موقف المملكة العربيَّة السعوديَّة بالاعتذار عن عدم قبول العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن موقف فردي إلا أنّه موقف سوف يسجله التاريخ للقيادة الحالية للمملكة حيث يمكن البناء عليه عربيًّا في المستقبل القريب مؤكِّدًا أن الموقف السعودي سوف يمثِّل ركيزة أو نواة تبنى عليها أيْضًا دول أخرى غير عربيَّة مواقفها تجاه منظمة الأممالمتحدة في المراحل المقبلة سواء بالاعتذار عن عدم قبول العضوية أو الانسحاب أو عدم تسديد الاشتراكات والمساهمات الماليَّة منوهًا بأن موقف المملكة يمكن أن يجبر القوى المهيمنة على المجلس لإعادة النظر في سياساتها تجاه الدول الضعيفة من جهة وتجاه طريقة عمل هذه المنظمة من جهة أخرى. وقال سلامة: إنّه في كلِّ الأحوال يجب على الدول العربيَّة تحديدًا استثمار الموقف السعودي ودعمه بما يحقِّق المصالح العربيَّة وبما يبرهن على أن هناك شعوبًا مازالت تنبض بالحياة، وخصوصًا أنَّه قد آن الأوان لأن تعبّر سياسات هذه الدول عن تطلعات شعوبها وآمالهم بعد سنوات طويلة من الجفاء. وأشار سلامة إلى أن المملكة العربيَّة السعوديَّة يمكن أن تكون هي الدَّوْلة المؤهلة للقيام بدور إيجابيّ الآن في ظلِّ ما يحاك لها أيْضًا، من مؤامرات خارجية، كغيرها من دول المنطقة، فإننا سوف نعوّل عليها كثيرًا لقيادة هذه القاطرة التي قادها من قبل الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز خلال حرب أكتوبر 1973م، وأعتقد أن ثقة الشعوب العربيَّة في عروبة ووطنيَّة وقومية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي أكبر دعم له في هذه المرحلة وخصوصًا بعد وقفته المشهودة مع الشعب المصري، التي برهن من خلالها على أن الوحدة العربيَّة سوف تبقى أملاً يراودنا بعد أن ظننا أنها اندثرت إلى غير رجعة كما وصف أحمد بهاء الدين المنسق العام للجمعية الوطنيَّة للتغيير موقف السعوديَّة بالثوري ونحييها عليه خاصة أنّه من المعروف أن السعوديَّة دولة محافظة في سلوكها السياسي، مشيرًا إلى أن مجلس الأمن مهيمن عليه من قبل الدول الأعضاء، التي تفرض مصالحها ورؤيتها على المجتمع الدولي فتمر من خلالها مئات المواقف المعادية لمصالح الشعوب. وأكَّد شعبان أنّه إذا لم يتم تغيير النظام الدولي وتركيبة الأممالمتحدة وآليات عملها ستظل الجهود الدوليَّة في حالة سيطرة كاملة من الدول الكبرى التي تملك حق الفيتو ويظل باقي الدول مُجرَّد مظهر ولذلك نحتاج لتغيير هذه المنظومة بالكامل لتحقيق التوازنات الدوليَّة لصالح العالم كلّّه وليس لبعض الدول فقط فيما أعرب الدكتور عبد الحكيم الطحاوي عميد معهد الدراسات والبحوث الآسيوية عن تقديره لقرار المملكة العربيَّة السعوديَّة بالاعتذار عن شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي حيث إن هذا المنصب تسعى إليه كثير من الدول لافتًا إلى أن السعوديَّة وقفت بجوار الحق لأن المجلس لا يسعى إلى حل القضايا بل إلى إدارتها وتمديدها لتأخذ فترات زمنية طويلة من دون حل ولعملة لمصلحة الدول دائمة العضوية فقط حيث أثبت أنَّه غير قادر على تحقيق ونشر السَّلام والأمن العالمي وأشاد الطحاوي بموقف خادم الحرمين الشريفين لوقوفه دائمًا بجوار الحق، متمنيًّا أن تؤدى هذه الخطوة إلى تصحيح الأوضاع في مجلس الأمن والأممالمتحدة التي أصبحت تكيل بمكيالين في القضايا الإقليميَّة والدوليَّة والعربيَّة. وثمن المهندس محمد صلاح زايد رئيس حزب النصر الصوفي الموقف المشرف للمملكة العربيَّة السعوديَّة برفضها شغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الذي يعد صفعة جديدة للغرب خاصة بعد تأييد المملكة لثورة 30 يونيو ودعم الحكومة الانتقالية وقال زايد: إن رفض السعوديَّة لشغل المقعد يعني رفضها التآمر على تقسيم الدول العربيَّة من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد وعدم حل القضية الفلسطينيَّة، مشيرًا إلى أن مجلس الأمن الدولي يهتم فقط بمصالح أعضائه وتربطهم المصالح المشتركة ويكرس من الهيمنة الاستعمارية على دول العالم الثالث من خلال إسرائيل. وأكَّد زايد أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قرأ الرسالة جيّدًا وتفهم مضمون الدعوة لشغل المقعد في هذا التوقيت بالذات ورفض أن يكون شريكًا في المؤامرة التي تحاك ضد سوريا بعد الاطمئنان على أمن إسرائيل وتدمير الأسلحة الكيميائية لدى سوريا وناشد زايد المجتمع العربي والإسلامي تأييد ودعم موقف المملكة القوي ليصبح الرفض من جميع الدول العربيَّة والإسلاميَّة لسياسة المجلس.