تعقيباً على ما نُشر في صفحة (عزيزتي الجزيرة) حول زواج المسيار والآراء حوله، أقول: انتشرت ظاهرة المسيار أو (الدمار) إن صح التعبير في مجتمعنا العربي انتشار النار في الهشيم، فكثرت لدرجة ضجت منها البيوت وفزعت القلوب، ولا يزال البعض يلهث، يبحث ويسأل.. لم نعد نسمع إلا فلاناً تزوج مسياراً وفلانة أيضاً، والمضحك المبكي معاً أن من يعتاده لا يصبر عنه رجالاً كانوا أو نساءً، فلقد سمعت عن إحداهن تزوجت إحدى عشرة مرة خلال خمس سنوات فقط، وتملك الآن ثلاثمائة ألف ريال! «تجارة رابحة» يا بلاش!!! والأدهى من ذلك أن إحداهن تشترط راتباً شهرياً، وسائقاً وشغالة ومهراً يتفاوت حسب الشكل والعمر، وقد يصل إلى مائة ألف وعلى بيتها، البضاعة جميلة، شابة صغيرة، تسعدك، تسكن معك في فندق، في شقة مفروشة، على بيتها دون أي مشاكل وتبعات، تخيلت هذا فضحكت وحزنت في الوقت ذاته ألهذا الحد رخصت النفوس؟؟ أنت أيها الإنسان!! أترضى هذا لابنتك؟ لأختك؟ لأمك؟ هناك بعض النساء من تجبرهن أحياناً ظروفهن القاسية على قبول هذا الوضع، فهي إما أن تكون أرملة تحتاج من ينفق عليها وأيتامها، أو مطلقة وتخشى لو تزوجت علناً يُؤخذ أطفالها منها، وهي ما زالت شابة وتحتاج لرجل، هناك ظروف تجبر إحداهن على الرضوخ فلا تكن أنت والزمن عليهن، والمحزن أن منهم مخادعاً لا يخاف الله يخدعها بوعود زائفة وأحلام وردية وهي الساذجة (ناقصة العقل والدين) تصدقه، فمنهم من يفرض عليها شروطاً قاسية، تنسف الزواج نفسه نسفاً (كعدم الإنجاب) يقول: ننتظر حتى نتعرف على بعضنا مدة من الزمن ثم نفكر بالأولاد، وفي عزمه وقرارة نفسه طلاقها بأسرع وقت، هذا الفعل الزواج بنية الطلاق (محرم) وهذا ما عليه جمهور العلماء. فاتق الله يا مسلم، اليوم دار وغداً قرار فإما جنة أو نار، ولا تقل هي وافقت بمحض إرادتها والعقد شريعة المتعاقدين. لا يا أخي، من الأساس أنت غير صادق معها وهي الضعيفة كالغريق المتعلق بقشة، تريد الهروب من واقع مرّ أليم، فتصدقك بعد أن تعدها وتمنيها ولا تعدها إلا غروراً، في ظنك أنك تحافظ على بيتك وأسرتك وفي نفس الوقت تمتع نفسك مقابل المال! هذا بالضبط ما تفكر فيه، ولا يخطر ببالك أنك بفعلك هذا، بل بظلمك هذا، تدق أول مسمار في انهيار بيتك، فهناك مظلومة مقهورة تدعو عليك ليل نهار. ما تزرعه اليوم، تحصده غداً.. وما لا تقبله لأهلك اليوم تجده ولو بعد حين، إن التسلل في الليل كالخفاش فعل مشين مسيء، فالتلصص ودخول البيوت خلسة يعرض سمعتها للانهيار، فكيف تقبل أن تتهم من ارتضك زوجاً بالسوء؟ الزواج إعلان وإشهار وإلا لماذا تُقام الأعراس إذاً؟ وأنتِ يا من جارَ عليك دهرك كيف تقبلين بهذا الظلم؟ ولو اضطررت له مرة ورأيت كم من التلاعب بك والاحتقار لك من قِبل هذا الشريك، كيف تعيدين الكرّة مرة ومرة؟! كم من القصص التي يدمى لها القلب بسبب هذا المسيار، فبعضهم أول ما علم بحملها طلقها ورفض الاعتراف بالجنين، وآخر طردها في آخر الليل قائلاً: لم تتفق على الإنجاب.. يا سبحان الله ما حيلتها إذا رزقها الله. بأي مروءة تتخلى عن قطعة منك وعن هذه المسكينة التي أوقعها حظها العاثر بك وتعرضها للفضيحة؟ وآخر تزوجها أسبوعاً واحداً فقط واختفى ولم يعرف عنه شيئاً بعد أن تبين أنه تزوجها باسم مستعار!! ومنهم من تزوجها لثلاث ليال فقط، بعد أن أخذها للفندق الذي يقطنه أثناء عمله خارج مدينته، تركها بعد هذه الليالي المعدودات عاما كاملاً لا وصل ولا فصل، لا إقبال ولا إدبار، لا زواج ولا طلاق، أهذا عدل يا عبد الله؟ الزواج أمر سماوي شرعي، تُقام عليه المجتمعات فلا تتلاعب بشرع الله. وأنتن يا حرائرنا العفيفات، بنات الأصول والأخلاقيات، لا تجعلن من أنفسكن أجساداً مُباعة مُباحة لكل من لا يخاف الله، من خلقك يتكفل بزرقك فلا تدّعي العوز وتكثري الشكوى لتقبلي بوضع مهين كهذا، وغذا الظروف أقوى من احتمالك.. لا بد من السؤال والتحري وإملاء الشروط التي تضمن حقك وكرامتك حتى لا تصبحي ممتهنة لكل عابر سبيل يدفع. ومع الوقت سيختلط هذا الفعل على الجهّال، فلم يعودوا يميزون بين الزواج المشروع المشروط المقنن، وبين هذا العبث الفاقد للأهلية والشروط السماوية، والمروءة العربية، أخيراً صرخة من الأعماق أطلقها، فليسمعها من له قلب واعٍ أو ضمير حي. - رحاب رجب