لا حديث هذه الأيام إلا الأزمات المالية التي تمر بها الرياضة السعودية أندية واتحادات ومنشآت, الأخطر من هذا أن الأمور مرشحة في قادم الأيام إلى ما هو أسوأ في ظل التخبط الحاصل والهروب المتكرر من معالجة هذا القلق المتصاعد الذي بات يحبط ويعرقل محاولات وجهود المتحمسين للعمل الفني والإداري في المجال الرياضي, وإلى جانب شح الموارد المالية للأندية وكذلك الاتحادات الرياضية والقطاع الرياضي والشبابي بوجه عام, ففي الوقت نفسه هنالك تدابير وتصرفات وقرارات تثير الشك والريبة وتكشف بالحقائق والوقائع والأرقام أن المسألة أكبر من ضعف الموارد وأن هذه الأخيرة كان بالإمكان تخفيف حدتها لو توافرت لها الأفكار الإدارية والانضباطية الإجرائية في الصرف وفي مستوى وأسلوب توظيفها. على سبيل المثال لا الحصر: بين ما ينفق على صيانة وتجهيز استاد الملك فهد وقلة عدد المباريات المقامة عليه وبين منظر العشب المتهالك وسوء أرضية الملعب في اللقاء الودي بين قدامى منتخبنا والبرازيل يتضح لنا أن الإشكالية تكمن في إدارة وكيف وأين صرفت بنود الصيانة؟ كذلك الحال ينطبق على تعديلات ملعب الأمير عبدالله الفيصل وكيف توقف العمل بسبب زيادة قيمة المشروع إلى ضعف ما كان مقرراً له, وفي عدد مقاعد مدرج ملعب الطائي المحددة بثلاثة آلاف مقعد رغم أن تكاليف بناء المنشآت بلغت 80 مليوناً ريال, وعن بقية الملاعب وعن التناقض بين مشاكلها وتصريف سيولها ومدرجاتها وسوء خدماتها, وبين ما يصرف على صيانتها حاليا ومن قبل على بنائها عد واغلط..! أما بالنسبة للأندية فيحدث فيها ما هو أغرب, ففي الوقت الذي تتأخر فيه وتماطل في صرف مرتبات اللاعبين لشهور نجدها تنفق الملايين بسخاء على المعسكرات وعلى المكافآت بل إن جزء أو مقدم عقد لاعب واحد يعادل مرتبات أكثر من لاعب لعدة شهور, ويزداد الوضع سوءاً وتعقيداً عندما تلجأ الإدارة إلى الصرف بإسراف وتبذير ودون منهجية لفترة معينة ليتورط بعد رحيلها النادي والإدارات المتعاقبة عليه, يحدث كل هذا بسبب الفوضوية وغياب الرقابة الرسمية والمحاسبية القانونية في ضبط وتنظيم الإيرادات والمصروفات, كذلك عدم وجود لوائح تلزم إدارات الأندية بالعمل وفق موازنة واضحة ومعلنة ومعتمدة من الجمعية العمومية للنادي ومدققة من قبل محاسب قانوني. الأكيد أن رياضة وشباب الوطن أصبحوا ضحية تقاذف المسؤولية وتبادل الاتهامات غير المعلنة بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المالية من جهة, وبسبب التباطؤ في حسم موضوع خصخصة الأندية وهو الملف القديم الجديد الذي فتح منذ سنوات وما زال معلقا حتى بدا وكأن الهدف منه امتصاص غضب وسخط المنتمين للوسط الرياضي. من الآخر * لا بد عاجلا غير آجل من إعادة النظر وتطبيق ما هو معمول به في معظم دول العالم فيما يتعلق بالاستفادة من النقل التلفزيوني لتغطية الكثير من مصروفات الأندية.. * مصدر مسؤول في رابطة دوري المحترفين صرح يوم أمس للجزيرة أن الأندية لم تتسلم مستحقاتها من النقل التلفزيوني لأنها -أي الرابطة- لم تستلم ريالا واحداً من قيمة عقد القناة الرياضية السعودية البالغ 150 مليون ريال سنوياً. * في المقابل القناة الرياضية السعودية (لاين سبورت) تقدمت بعرض لشراء حقوق النقل التلفزيوني ب 200 مليون ريال سنويا وبدون تشفير, ومع هذا سيستمر الوضع على ما هو عليه, فلا المبالغ القديمة ستصرف ولا عرض لاين سبورت المغري سيحسم! * كان بإمكان الدوري السعودي وبقية المسابقات المحلية أن تتحول إلى بيئة خصبة جاذبة للاستثمار لو تخلصت من هذه المنغصات والعراقيل المحبطة.. * في بداية الأمر كانت الأزمات تقتصر على الأندية محدودة الإمكانات والشهرة والجماهير, اليوم ها هي تتجه وتعصف بناديين كبيرين الاتحاد والنصر نتيجة للتخبطات المالية السابقة للاتحاد والحالية بالنسبة للنصر.. * خلاصة القول, ولأن الوضع المالي الصعب في طريقه للمزيد من التأزيم والتصعيد حد إعلان الإفلاس.. مطلوب من الرئيس العام الأمير نواف بن فيصل أن يتحمل مسؤولياته الوطنية ويسارع في تحديد موقف الرياضة السعودية ما هويتها وما هو مطلوب منها؟ إلى أين تتجه وإلى من تنتمي؟ ومن ينفق عليها؟ تكون أو لا تكون؟ حكومية أم أهلية؟ [email protected]