أتى الأمير عبدالرحمن بن مساعد من بين دواوين الشعر وعزف الحروف وألحان القصيد بعد أن أروى جزءاً ليس بالضئيل من ظمأ عشقه تجاه القلم وما ينزفه من عذب الكلام، أتى ليركب صهوة جواد كبير القوم في مجالٍ آخر، ليروي ظمأ عشق الطفولة وليقوده لما فوق قمة المجد التي اعتاد معشوقه الكبير التربع عليها. قدم على الهلال كبشرى سارة واستقبلوه بحبٍ لا زيف فيه، كيف لا وهو الشاعر الكبير المتيم بكل ما هو أزرق. فالعمل بعشق هو نصف طريق النجاح إن لم يزد على ذلك. أمضى شبيه الريح سنتين من الأحلام، رغد عيش ودعم جماهيري يسبقه توافق شرفي (اعتاده الهلاليون) حتى قيل عن الهلال: (حتى ثوب الزعامة المهيب، قد ضاق عليه وسيبدأ بالبحث عما هو أرحب منه). ثم وبلا سابق إنذار، بدأ الهبوط وكثرت معه الأعذار، زادت رقعة عدم الرضا وتناثرت سهام الاتهام في كل الاتجاهات ولم ترحم رئيساً أو إدارة أو لاعبين أو حتى جماهيراً. المدرجات بدأت تئن تدريجياً من تناقص ساكنيها الزرق، فما يرونه أقل بكثير مما يطمحون إليه (حتى و إن كان ما وصلوا إليه يعتبر لدى غيرهم حلماً أشبه بالمعجزة) فهو لا يرضي نهمهم الجنوني للذهب والمتعة والتفرد بالأفضلية في آنٍ واحد. كيف لا وهم اختاروا أن يكونوا رجالاً ومناصرين لكبير القوم وزعيم هذه القارة. (متعبة هذي الزعامة) ولكنها واقع لا مناص منه، فإما ارتقاءٌ لمستوى الحدث أو رحيلٌ بشموخ المخلص الذي قدم كل ما لديه وتاركاً المجال لمن يرى في نفسه القدرة لإكمال مسيرة (بنو هلال مدمنو الذهب). وعندما شارف الموسم الماضي على الانقضاء، توالت الأخبار على قرب رحيل شبيه الريح تاركاً هذا الحمل الثقيل خلف ظهره كإداري مستقبلاً إياه كعاشق مشجع كما كان في الأصل. وانتظر الهلاليون الخبر طويلاً بين رافض ومؤيد وسط ترقب شديد لم يسبق له مثيل. وقرر شبيه الريح بصمت، افتتاح الجزء الثالث من مسيرته مع الهلال، فبدأ بالحفاظ على مكتسبات الفريق بالتجديد مع صغار الهلال عمراً وكباره مستقبلاً ومستوىً، ثم تعاقد مع اسم توافقي كبير داخل الأوساط الزرقاء ليقود دفة الفريق فنياً في مغامرة يخوضها الأمير عبدالرحمن والكابتن سامي وجمهور الهلال أيضاً، ويراهن على نجاحها (بعد توفيق الله) كل الأطراف التي سبق ذكرها. تبع ذلك استقطابات محلية كبيرة الوزن والصدى، ومعسكر احترافي لم ينته إلا بتواجد جميع اللاعبين من سعوديين وأجانب. ابتعدت الإدارة عن عشوائية القرار، والاعتماد على من هم ليسوا بذوي اختصاص، فظهرت بوادر نجاح تبث الأمل والتفاؤل بين الهلاليين. الجزء الثالث من مسيرة الأمير عبدالرحمن بن مساعد سيكون العنوان الأبرز للمسيرة ككل، فبعد تذوق الشهد في الجزء الأول، وتجرع مرارة غضب المحبين في الجزء الثاني، ها هو الآن يسير بقوة إلى كتابة الفصل الثالث محملاً بعتاد عناصري، وعتاد خبرات أزمنة الفرح والكرب، وعتاد جماهيري أصبح يعد الثواني انتظاراً ليكحل عينه بصورة هلالٍ خلع ثوباً أقل من حجمه بكثير ارتداه في الأعوام السابقة، ليعود بحلّة كبير القوم التي لا تليق إلا به. صمتك يا أبا فيصل وأنت المتحدث اللبق المفوّه، يترائى لنا كصمت حكيم، ينتظر أن يتحدث الغير عما أنجز ويكفونه عناء الكلام. فهل ستصدق رؤيانا؟ لنرى! بقايا... - أن تحقق في خمس سنوات فقط لقبين للدوري، وخمسة ألقاب لكأس ولي العهد فأنت في عرف الهلاليين رئيس منجز، ولدى غيرهم أنت رئيس أسطوري يستحق أن تنصب له التماثيل. الفارق جليٌ. - مع كل هذه التغييرات الجذرية في الهلال، لم يتلمس الهلاليون أي تغيير في النهج الإعلامي. فهل سيتم التغيير فيه عناصرياً أم عملياً أم سيبقى كما هو عليه رغم عدم الرضا الجماهيري عنه؟ - لقاء الهلال والشباب الودي يشهد ترقباً وشوقاً من جماهير الفريقين لم يسبق له مثيل، وإن كانت كفة اللهفة تميل للهلاليين كثيراً لشوقهم لرؤية الذئب يقود فرقة الذئاب الزرقاء. - هل ثورة شبكات التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول للمعلومة وللشخص المسؤول كان لها أثر ملحوظ في تقييم وتعظيم أو تقزيم أداء الإدارات سلباً أو إيجاباً؟ - تعاقدات إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد ستكون زرعاً سيحصد هو بنفسه طلْعهُ، وسيستمتع به كثيراً من سيخلفه. خاتمة.. - مجدنا الأعظم ليس بأن لا نسقط، بل بأن نستطيع النهوض بعد كل سقوط (كونفوشيوس) Twitter: @guss911