يشهد المسجد النبوي الشريف هذه الأيام توافد أكثر من رُبع مليون مسلم ومسلمة للصلاة والعبادة في كنفه، ويستمتعون بتناول إفطارهم فيه بعد يومٍ من الصيام، منتشرين بين أروقته وساحاته في مشهدٍ لإفطار جماعي يجسد معنى التلاحم والترابط والتآخي بين المسلمين، يجمعهم دين الإسلام باختلاف لغاتهم وألوانهم على مائدة واحدة في حرم المسجد النبوي الشريف. ومع هذا التلاحم والتآخي يتفنن أهل طيبة الطيبة بالمشاركة في تزويد موائد الإفطار داخل المسجد النبوي الشريف في شهر رمضان المبارك من كل عام بجميع أشكال المأكولات والمشروبات، في تقليد توارثوه منذ سنين طويلة. وبعد انتهاء صلاة العصر يتم استقبال موائد وسفر الصائمين من خلال أبواب معلومة من جهات المسجد الأربع لدخول هذه السُّفر المحتوية على التمر والقهوة ولبن الزبادي والخبز، هذا فيما يختص داخل المسجد النبوي الشريف، وعلى ضوء ذلك يتم بعد صلاة العصر بنصف ساعة دخول هذه الموائد من هذه الأبواب بوجود المراقبين للإشراف على ألا يخالف أحد بدخول أشياء غير مسموح بها. ومن ثم يبدأ مد السفر داخل المسجد، ووضع هذه الأطعمة عليها حتى وقت أذان صلاة المغرب، ويبدأ إفطار المصلين، وقبل إقامة الصلاة يتم رفع هذه السفر وبقايا الأطعمة بطريقة سريعة بتعاون ما بين العمالة والمشرفين وأصحاب السفر. أما خارج المسجد النبوي وساحاته فأفاد الحطاب بأنه يتم السماح بمد السفر الرمضانية من خلال تقسيم الساحات إلى مربعات للصائمين الرجال، وأماكن خاصة للنساء، وممرات واسعة لعبور المشاة والعربات الخاصة بالخدمة؛ إذ تحتوي هذه السفر على الأطعمة الساخنة المراقبة من أمانة المنطقة مثل الأرز واللحوم بأنواعها، إضافة إلى الفواكه والعصيرات المعلبة والتمر ولبن الزبادي والقهوة وحافظات مياه زمزم التي توفرها الوكالة. مبيناً أن المكان بأكمله تشمله عمليات التنظيف بعد إفطار الصائمين وقبل إقامة الصلاة لتهيئته لأداء صلاة العشاء والتراويح. وعبر عدد من الصائمين زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سعادتهم الغامرة بهذه التظاهرة الجميلة والإنسانية غير المستغربة من أهل المدينةالمنورة المتمثلة في الموائد الكبيرة التي تقدم للصائمين بتنوع الوجبات الساخنة والباردة. ويقول الزائر الجزائري سعيدي عبدالغني: عجبت لما رأيته من تسابق أهل طيبة الطيبة لهذه الموائد الكثيرة وما تحتويه من أجود أنواع التمر واللبن والعصيرات والفاكهة والماء والخبز والقهوة، وزاد إعجابي اجتماع المسلمين بأشكالهم وأطيافهم كافة على مائدة واحدة ممتدة، لتجسد وحدة إسلامية رائعة في هذا المكان الطاهر بجوار نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام؛ فجزاهم الله خير الجزاء على ما يقدمونه. وأضاف بأن الخدمات وحسن الاستقبال الذي وجدته لحظة وصولي لهذه المدينة المباركة من جميع المسؤولين لا يوصف، فالحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لا تألو جهداً في تقديم أفضل وأرقى الخدمات لضيوف الرحمن والزوار والمعتمرين. وعد الزائر فرحات عميرة من الجزائر هذه الموائالطويلة جداً والمنتشرة داخل المسجد النبوي وفي الساحات المحيطة به من أفضل ما يقدم للصائم في هذا المكان الطاهر، وقال: هي مفخرة لهؤلاء الطيبين أبناء هذه المدينة الطيبة المباركة لسعيهم في تقديم كل خيرات هذا البلد من خلال هذه المائدة المحتوية على أطيب أنواع الشراب والطعام وغيرها.