طالعتنا الصحف ببيان أصدرته الأمانة العامة بالاتحاد السعودي لكرة القدم تطالب فيه أندية الدرجتين الممتازة والأولى ووكلاء اللاعبين بتقديم مسيرات الرواتب وإثبات سداد ما على هذه الجهات من التزامات مالية. إلى هنا والبيان يقدم لنا صورة رائعة عن قيام الاتحاد السعودي عن طريق لجانه المختصة بالأمر بعمله على أكمل وجه، ولكن هل هذه هي حقيقة الأمر أم أنها مجرد بيانات روتينية يجب إصدارها بغض النظر عن حقيقة تنفيذها؟ كلنا يعلم عن تراكم ديون الأغلبية الساحقة من أنديتنا، والأخبار لا تتوقف عن تأخر في رواتب اللاعبين الذي قد يصل إلى عدة أشهر ويتضاعف عدد هذه الأشهر عند الحديث عن العاملين داخل هذه الأندية. يجب على الاتحاد السعودي التدخل السريع لوقف هذا العبث الإداري والمالي ليس حباً وتعاطفاً مع اللاعبين فقط بل حرصاً وخوفاً على مستقبل اللعبة في بلدنا. فالتهاون الحاصل في هذه النقطة بالذات يمثل كرة الثلج التي تقف على قمة جبل شديد الانحدار وبدأنا فعلاً تلمس دحرجتها وكبر حجمها وما تلبث أن تسقط على رؤوسنا لتعيدنا إلى نقطة البداية في عصر الهواية. منطقياً، يجب على الأطراف المتعاقدة أن تفي بالتزاماتها. ويجب عليها أن تدفع ما عليها من استحقاقات فور حلول وقتها. فالعقد والالتزام به هو الأساس والإخلال به هو الاستثناء. وذلك الاستثناء يجب التعامل معه بكل حزم وقوة بتطبيق اللوائح حرفياً بما يتناسب مع الحالة، فإما خصم للنقاط، أو منع من تسجيل لاعبين جدد، أو حتى قرارات بهبوط النادي للدرجة الأدنى. مجرد تطبيق للوائح وضعها الاتحاد بنفسه، وعلمت به الأندية فور اعتمادها. فما المانع إذاً من تطبيق القانون؟ ليس من المنطق إطلاقاً التسليم بأن (الحال المايل) هو واقع يجب تبنيه والبحث عن مخارج له لتفادي مشاكله بدلاً من حلها وبترها من جذورها. تستفزني دوماً عبارة (تم جدولة الديون المستحقة على النادي)، فهذه الجدولة ليست خياراً جديداً لطرق دفع المستحقات لتنضم إلى أخواتها مثل: شيك مصرفي أو حوالة بنكية أو دفعات نقدية (كاش)، جدولة الديون هي خطة إنقاذ لوضعٍ ماديٍ مستفحل السوء، يتم كخيار أخير بديل عن إيقاف عمل الجهة المتعثرة في الإيفاء بالتزاماتها وتسييل أو التنازل عن أصولها بغرض الدفع للمطالبين بحقوقهم، ويجب في خطة الإنقاذ تلك أخذ موافقة جميع الدائنين بلا استثناء، وفي حالة رفض أحدهم للجدولة يتم استبعادها من الطاولة كخيار تفاوضي. وخلال فترة الجدولة يجب على الجهة المتعثرة التوقف عن زيادة ديونها إلى حين استيفاء ما سبق، فلا يمكن بعد شهرين أو ثلاثة إعادة جدولة (جدولة الديون) وبعد ذلك بأشهر قليلة تعاد الكرّة ويضاف على الديون ديون جديدة، بكل بساطة هذا هراء محض وافتقار إداري لأبسط أبجديات إدارة الأموال والاستثمارات في المنشآت التي تقع تحت مظلة اتحادنا الموقر. يا اتحادنا العزيز، أنقذوا أنفسكم قبل أن تساعدوا أصحاب الحقوق، فكرة الثلج ستسحق كل من في طريقها ولن تتوقف لسماع أسباب الاستثناءات أو إعادة الجدولة. بقايا.. - بعض اللاعبين يقوم بالتوقيع على مسيرات الرواتب دون استلامها تحت ذريعة (الوقوف مع النادي في أزمته)، ثم إذا أحس بالحاجة بدأ بالصراخ يمنة ويسرة. ألم يسمع بمقولة: القانون لا يحمي المغفلين؟؟ - هل عدم قدرة الاتحاد السعودي لكرة القدم أو رابطة دوري المحترفين على تسليم الأندية مستحقاتها هي السبب الحقيقي في تهاونها بتطبيق اللوائح؟ ربما! - عندما نعود بالذاكرة للقرارات الرادعة للتهاون في المستحقات، لا نستحضر سوى قرارات تعد على أصابع اليد الواحدة، في حين أن عدد أصابع المتضررين بالمئات!! ما السبب؟؟ - مساعدة الاتحاد للأندية والدفع عنها عندما تصل لمحاكم الفيفا تذكرني بوليّ أمر الطالب الذي يحل واجبات ابنه التي عجز عنها، في النهاية (الطالب لم ولن يستوعب الدرس ونجاحه مجرد خدعة). - ننشد البناء ونهدم الأساس، ونستغرب عدم الارتقاء. عجبي!! خاتمة.. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَعْط الأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ). رواه ابن ماجه. Twitter: @guss911