أكدت دراسة بحثية أن تحقيق التوحيد والعبودية لله تعالى وحده لا شريك له ومتابعة سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعدم الابتداع، سبب لتحقيق الأمن في الدنيا والآخرة، وأن جريمة التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة تعني خلق فكرة الاعتداء على أمن، وسياسة الدولة في ذهن الغير عبر الوسائل الإلكترونية، والحث والتشجيع على ذلك عبر الحواسيب، أو أجهزة أخرى قارئة أو مزودة ببرامج حاسوبية، بإعطائها تعليمات (أوامر) خاصة، لغرض غير مشروع يخل بأمن الدولة. جاء ذلك في الدراسة التي قام بها الشيخ راشد بن رمزان آل طامي الهاجري بعنوان: (جريمة التحريض الإلكتروني المخلة بأمن الدولة) وبينت الدراسة أن وسائل التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة تتضمن: الشبكات الاجتماعية، وهي عبارة عن مواقع على الإنترنت يتواصل من خلالها ملايين البشر الذين تجمعهم اهتمامات أو تخصصات معينة، ويتاح للأعضاء هذه الشبكات مشاركة الملفات والصور وتبادل مقاطع الفيديو، وإنشاء المدونات وإرسال الرسائل، وإجراء المحادثات الفورية، مشيراً إلى استغلال الخوارج والإرهابيين وجود هذه الوسائل لنشر وبث أفكارهم عبر هذه الوسائل لسهولة استخدامها وسرعة انتشارها وقوة تأثيرها، ولوصولها لجميع طبقات المجتمع. ولفت إلى سرعة انتشار التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة، وقوة تأثيره في الملتقى، وأن هناك فروقاً مهمة بين التحريض الإلكتروني والتحريض التقليدي، مما يبين خطورة التحريض الإلكتروني وبالغ أثره في المتلقي، وتحقيق نتائجه الوخيمة والإخلال بأمن الدولة، وأن جريمة التحريض الإلكتروني المخلة بأمن الدولة تعد من الجرائم الشكلية، والتي لا يشترط فيها نتيجة ضارة معينة، وإنما هي من جرائم الخطر الذي يهدد القيم المحمية نظاماً وقال الشيخ راشد الهاجري: إن النتيجة الضارة من جريمة التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة تتمثل في عدم السمع والطاعة لولاة الأمر وعدم الرجوع للعلماء الربانيين لاهتزاز ثقة الناس بهم بسبب ما يثار حولهم من الشبهات والكذب عليهم والافتراء من الخوارج أهل الزيغ والضلال وأصحاب الفتنة، ثم الخروج عليهم بالتكفير والتفجير وأعمال الخوارج وزعزعة الأمن، إن عقوبة جريمة التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة في الشرع هي نفس عقوبة الخوارج إذا ثبت ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (ستكون هنات وهنات، ألا ومن خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان). وفي التوصيات التي خلص إليها الباحث في نهاية دراسته التأكيد على ضرورة ترسيخ العقيدة والتوحيد والسنة لأن ذلك سبب جلب كل خير ودفع كل شر في الدنيا والآخرة، وسبب للأمن والاطمئنان وحماية للفرد والمجتمع من دخول هذه الأفكار وانتشارها والتأثر بها، وذلك عبر الدروس والمحاضرات والمؤتمرات والندوات من أهل العلم الربانيين مثل هيئة كبار العلماء، ونشرها في وسائل الاتصال الحديثة، لتصل إلى كل طبقات المجتمع. وأكد أهمية حث وتوعية الجمهور بشتى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، ومن خلال دعوة العلماء والمختصين، والمؤسسات الدينية والوزارات المسئولة عن التربية والتعليم والثقافة والأعلام، بأخطار التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة وعلى أعمال الخوارج والإرهاب، ودعوتهم لضرورة الامتناع عن زرع الفتن ، وإثارة الحماس الدافع إلى الخروج وأعمال الإرهاب، والأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم ولزوم غرز العلماء الربانيين، لدرء الفتن والمضار المترتبة على الخروج والعمليات الإرهابية، وذلك لاستئصال الإرهاب من جذوره، والقضاء على التطرف والتعصب القومي والديني والمذهبي والعرقي بين المسلمين، وأهمية إبراز جهود المملكة العربية السعودية في سبيل مكافحة جريمة التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة. وطالب بسرعة مكافحة من يثبت بحقه التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة لتخفيف الردع الهادف لمكافحة هذه الجريمة الخطيرة، لأن هؤلاء هم سبب تورط كثير من الشباب في أفكار الخوارج والانخراط في الخلايا الإرهابية، مع أهمية إعلان العقوبات الصادر بحقه، وإشهارها، حتى يكون ذلك الأمر رادعاً له، ولكل من تسول لهم أنفسهم للوقوع في تلك الجرائم، مؤكداً ضرورة تجديد العقاب على المساهمين في الجريمة الإرهابية لما للمساهمة التبعية من دور كبير في تسهيل ارتكاب الجرائم الإرهابية. وقال: بما أن التحريض الإلكتروني المخل بأمن الدولة هو بث أفكار الخوارج في المجتمع، فلا بد من واجهة هذا الفكر بالفكر الصحيح المتمثل في العمل بالكتاب والسنة بفهم الصحابة وسلف الأمة الذي صارت عليه هذه البلاد - حرسها الله - وتمكين أهله في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، مما سيكون له الأثر الكبير في حماية المجتمع. وشدد على ضرورة تفعيل قنوات الحوار مع كافة الجماعات التي تسلك منهجاً متطرفاً، وعمل حملات إعلامية مكثفة توضح خطورة المساهمة التبعية على الفرد والمجتمع وضرورة، إلزام أصحاب مقاهي الإنترنت باتخاذ إجراءات أمنية، وذلك بإلزام كل من يدخل تلك المقاهي بأن يكشف عن هويته والساعة التي شغلها المستخدم، حتى يمكن الوصول إليه متى ما وقعت الجريمة. وأوصى بسرعة إصدار لائحة لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لضمان دقة تنفيذه وعدم التوسع في تفسيره، وإصدار نظام تحدد فيه الجرائم التعزيرية الماسة بأمن الدولة وعقوبتها، لكي لا يفلت المجرم من العقاب، ولا يتوسع في تجريم الأفعال المباحة والعقوبة عليها، وبإدخال مادة دراسية في الكليات وخاصة كليات الشريعة والأنظمة والمعهد العالي للقضاء في المملكة العربية السعودية تعنى بالجرائم المعلوماتية وعقوبتها، وأمن المعلومات، حتى تكون لديهم المعرفة التامة بها والقدرة على التعامل مع الجرائم الإلكترونية، وسن الأنظمة المناسبة لها. ودعا الباحث في ختام توصياته إلى تكثيف الدراسات والبحوث المتعلقة بالجرائم الإلكترونية وبحفظ الأمن الإلكتروني وتطوير الأنظمة التشريعية لها، وتأسيس إدارة خاصة تتولى مكافحة الجرائم الإلكترونية وتدعيمها بالوسائل الضرورية لعملها ،وتشمل اختصاصاتها جميع النواحي الإدارية والفنية المتعلقة بالجريمة الإلكترونية.