وافق مجلس الشورى أخيرا على مشروع إلزام المنشآت والأنشطة الأهلية ذات الأخطار المرتفعة والأمكنة التي تكتظ بالجمهور، وكذلك المنشآت والأنشطة الحكومية التي تديرها شركات أو مؤسسات أهلية بغطاء تأميني ضد الغير.. هذا المشروع بلا شك جاء على خلفية ما شهدته البلاد خلال السنوات الأخيرة من وقوع حوادث خطيرة ومروعة تسببت بالكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات، والتي منها: حادثة سقوط إحدى عربات الألعاب التابعة لإحدى المدن الترفيهية في الرياض وتسببها في إصابة 12 طفلا، وقبلها حادثة احتراق قصر الأفراح في قرية عين دار في الأحساء والتي راح ضحيتها نحو 26 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، مرورا بكارثة مدرسة «براعم الوطن» التي وقعت في جدة أيضا. والحقيقة أن أهمية هذا المشروع تكمن بما يقدمه من المحافظة على المكتسبات من خلال إلزام أصحاب المنشآت بتوفير الغطاء التأميني لمنشآتهم، تحوطا من تحمل تعويضات عالية في حالة وقوع أي كارثة لا سمح الله، والأهم من ذلك كله أن دخول شركات التأمين طرفا في الموضوع سيلزم ملاك تلك المنشآت بتطبيق شروط السلامة والقيام بإجراءات صيانة دورية ذات جودة عالية تحسبا لحدوث أي خلل، وبالتالي الإفلاس من التعويض وخسارة قسط التأمين أيضا. ومن المنشآت التي من المتوقع أن ينطبق عليها إلزامية التأمين هي: الأسواق التجارية الكبرى، المدن الترفيهية، قصور الأفراح والاحتفالات، والمدارس، هذه المنشآت التي تعد أكثر التصاقا بالجمهور ولطالما كانت تحجم عن التأمين بسبب عدم وجود تشريع يلزمها بذلك، إلى جانب ضعف الوعي لدى أصحاب تلك المنشآت كونهم ينظرون إلى التأمين بأنه غير ضروري بالنسبة لهم لعدم تعرضهم لمخاطر سابقة، في ظل عدم تقديم شركات التأمين أي جهود أو محفزات لتعريف أصحاب تلك المنشآت أو غيرهم من أصحاب الممتلكات الأخرى غير المؤمنة بأهمية التأمين وتوضيح مجمل فوائده ومنافعه. من الواضح أن فرض الإلزامية على نوع جديد من التأمين سيفتح باب «رزق» جديد أمام الشركات العاملة في السوق المحلية! كي تبيع منتج تأمين إلزامي يضاف إلى أبواب «الرزق» الإلزامية الأخرى التي جاءت هي أيضا بفضل القانون وهي: التأمين الطبي، تأمين السيارات، والأخطاء الطبية. لذلك أرى أن القرار الحكومي قام بدور فاعل في إيجاد عملاء للمنتج التأميني في السوق المحلية ومنح الشركات فرصا كثيرة وعميقة للربح والتدفق النقدي، فليس أكثر من إلزام المشتري باقتناء المنتج في سوق مفتوحة لا تشبع، لكن في المقابل، فإن شركات التأمين لم تقوم بأبسط أدوارها تجاه هذا المشتري من خلال توعيته والرفع من ثقافته التأمينية بما يعود في النهاية على مصلحة هذه الصناعة ككل.. إذ أن ما نشهده حاليا من جهل المجتمع بالتأمين هو مؤشر على غياب الثقافة التأمينية لديه، وأكاد أجزم أنه بالرغم من وجود أكبر سوق للتأمين لدينا فأنه لولا قوة النظام التي تجبرنا على التأمين ضد بعض الأخطار لما وجدت أحد يؤمن ضدها. [email protected] @alionazi تويتر