لن أكتب هذه المرة عن المنتخب أو فوز فريق أو خسارة آخر أو صفقة مع نجم أو عن التحكيم أو التعليق أو الملاعب أو لجنة الانضباط ولا عن تصريح مسؤول أو ثرثرة في برنامج أو تشكيل لجان, وإنما عن قضية مهملة ومنسية أو بالأصح غير جديرة باهتمام من يعنيهم الأمر بما فيهم نحن الإعلاميين الذين انشغلنا بضجيج كرة لم نخرج منها إلا بمزيد من التأزيم والصداع والأوجاع والألم والفشل, سأكتب عن كارثة إنسانية منتشرة في معظم الأندية السعودية وفي مقدمتها الغنية منها وتتلخص في معاناة العاملين فيها من عمال نظافة وخدمة وزراعة وغيرها, فعلى الرغم من محدودية وانخفاض مرتباتهم إلا أنهم لم يتسلموها منذ عام وربما أكثر من ذلك, وهذا بالطبع خلاف المستحقات المالية الأخرى. وحتى أكون صادقاً معكم فإنني لم أكتشف أو أتطرق لهذا الأمر من باب اهتمامي أو متابعتي له وإنما من خلال اتصال تلقيته من مشجع متحمس لأحد الأندية الكبيرة والمعروفة وأيضا الغنية التي تنفق سنويا عشرات الملايين, وهو قريب ومطلع على ما يجري داخله, ولم ينقل معاناة عمال هذا النادي إلا بعد أن تحدث معهم وتعرف جيداً على أحوالهم وتفاصيل التعامل معهم من قبل إدارة النادي, يقول بنبرة حزينة: إذا كان لدى اللاعبين والمدربين وسائل عديدة لنيل حقوقهم سواء عن طريق الإعلام أو لجنة الاحتراف أو الفيفا أو حتى الضغط على الإدارة قبيل المباريات المصيرية المهمة, فإن هؤلاء المساكين ليس بمقدورهم غير الصبر وانتظار ما تجود به صدقة وفزعة أهل الخير من مأكل ومشرب وألبسة, إلى جانب أنهم يضطرون للإنفاق على مصاريفهم ومعيشتهم لتغسيل سيارات اللاعبين والمدربين والإداريين. للمعلومية وأنا متأكد من ذلك فإن ما يحدث في هذا النادي يتكرر في كثير من الأندية التي تنفق للأسف الشديد عشرات الملايين سنوياً على صفقات فاشلة, وعلى مكافآت مجزية بعد بطولة أو مباراة تنافسية, لا أبالغ لو قلت إن مكافأة لاعب واحد تكفي مرتبات عمال النادي لعام كامل, ولكم أن تتخيلوا كيف هي مشاعر وأحاسيس وآلام عمال متغربون عن بلادهم وأهاليهم أمضوا أكثر من عام أو شهوراً بلا راتب واحد في الوقت الذي يرون في نفس النادي لاعبين يحضرون للتدريب بسياراتهم الفخمة الفارهة ويتقاضون المرتبات ومقدمات العقود بالملايين؟ يا كل المسؤولين في الأندية صغيرها وكبيرها غنيها وفقيرها, خافوا الله, واحذروا دعوة مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب, أنتم في أرض الحرمين الشريفين ومهبط الوحي والشريعة الإسلامية, ووطن الخير الكثير, هؤلاء أمانة في أعناقكم, اعطوهم حقوقهم كما وصانا ووصاكم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: (اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه). أضاعوك وأي زعيم أضاعوا! أنهى الهلال واحداً من أسوأ مواسمه الكروية في كل شيء, اختياراته للمدربين واللاعبين السعوديين وغير السعوديين, هيكلته الإدارية, طريقة إعداده, حجم الإنفاق, التناقض في القرارات والتصريحات, ازدواجية التعامل مع الإعلام, المكابرة والعناد وعدم الاعتراف بالأخطاء, أضعاف النادي وإهدار حقوقه وعدم الدفاع عن مصالحه, غياب الاحترافية والانضباطية, تدهور فئاته السنية, عزوف أعضاء الشرف, انعزال الإدارة عن الجماهير والمهتمين بالنادين, هذه وغيرها مجتمعة لم تنتج سوء النتائج فحسب بل شكل ومستوى وحاضر ومستقبل كرة القدم الهلالية. يكفي لتتعرف على الخلل الكبير في الهلال أن تستعرض نوعية مدربيه ولاعبيه غير السعوديين, باستثناء البرازيلي ويسلي الذي يؤكد تراجعه الفاضح بعد أن كان هدافاً أن هنالك أمراً ما أدى إلى انتكاسته, أن تنظر لمستوى البدلاء في دكة الاحتياط, أن تتفوق الجماهير على الإدارة في عدم قناعتها بأن المرشدي ونامي والزوري والحارثي والغنام ومسعد غير مؤهلين للمشاركة مع فريق كالهلال يطمح للمنافسة على البطولات المحلية والآسيوية, أن تقرأ وتسمع الرئيس الأمير عبدالرحمن يصرح بعد مباراة العين أن استمرار المدرب زلاتكو لم يتحدد بعد, وغير ذلك من تسريبات تأتي في أوقات حرجة ومنعطفات حساسة كتلك التي سبقت لقاء لخويا الحاسم بأيام, إضافة إلى التباين الغريب والمريب في معاملة الإعلاميين, ففي الوقت الذي يكون فيه الغمز واللمز والإقصاء والتذمر وعدم الارتياح لوجهات نظر وآراء تحتمل الخطأ والصواب لإعلاميين معروفين بنزاهتهم وحسن نيتهم ومواقفهم الإيجابية أو لنقل العادلة مع الهلال, نجد في المقابل الاحتفاء والعلاقات المميزة والود والاحترام المتبادل مع أقلام ومطبوعات وقنوات كانت وما زالت تستهدف وتحارب وتتطاول وتشوه صورة وتاريخ كل ما هو هلالي. حاليا سواء استمرت إدارة الأمير عبدالرحمن بن مساعد أو رحلت, حضر سامي أو أي مدرب آخر مهما لمع اسمه وتاريخه فلن يعود الهلال زعيما وقادراً على استعادة أمجاده وألقابه الآسيوية إلا عندما يغير الكثير من أساليب إدارته مع نفسه وجماهيره والإعلام, ويطور فكره الكروي ويغربل العديد من عناصره ممن لا يجدون مكانا شاغرا لهم في فرق دوري الدرجة الأولى. من الآخر * أستاذنا محمد العبدي خير من شخص الداء ووصف الدواء لأوضاع الهلال في حواره مع الزميل النشط سلطان الحارثي في صحيفة قول أونلاين الإلكترونية. * المدرب زلاتكو قال هو الآخر كلاماً مهماً كشف فيه بالوقائع والحقائق واقع الهلال الفوضوي إدارياً, وفشله في استقطاب لاعبين يشكلون مصادر قوة لا ضعف. * هذا هو حال كرة القدم, انقلبت إشاداتنا وإعجابنا بالأهلي بعد خسارته من الشباب وخروجه من البطولة وبالتالي عدم مشاركته في دوري أبطال آسيا القادم إلى ذم وانتقاد وانتقاص لا أستبعد أن يترتب عليه قرارات أهلاوية قوية. * فريق يمتلك دهاء خالد البلطان وخبرة خالد المعمر ونجوم كبار داخل الملعب وفي دكة الاحتياط من الطبيعي أن يتأهل لنهائي كأس الملك رغم زحمة المباريات وإرهاق التنافس الآسيوي. * قد يكون لصحفي توجه أو لكاتب أهواء ورأي خاص مع أو ضد ناد أو مسؤولين أو لاعبين في أحداث معينة وتحسب عليهم كأشخاص, لكن أن تتبنى صحيفة لها مكانتها حروباً سخيفة معلنة ومواقف عدائية مكشوفة ضد الهلال والشباب تحديداً فهذه فضيحة بل مهزلة إعلامية ستتطور إلى ماهو أسوأ وأخطر مستقبلاً. [email protected]