الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط، هو زميل عمل سابق في وزارة المالية، ولكن في عدَّة مناسبات يشارك فيها معاليه، يخرج بتصريحات أجدها مستفزة، لأنّه قلما يستخدم لغة الأرقام، وتغريني بمناكفته، وهذا ما سأفعله هنا، بناءً على ما نقلته الصحافة المحليَّة، حول الندوة التي عقدت مؤخرًا في القصيم، وشارك فيها معاليه: - أكَّد معاليه أن بطالة العنصر النسائي، تمثِّل هاجسًا، وتحدِّيًّا للمجتمع!! ملاحظتي: يا ليت معاليه، وبدلاً من هذا الكلام الفضفاض، أفادنا بما تخطط له وزارته، لمعالجة قضية بطالة المرأة؟! - ذكر أن إنتاجيَّة المُوظَّف الحكومي غير مرضية، وذكر أنّه يعمل مع مسؤولين آخرين، لتحسين تلك الإنتاجية!! ملاحظتي: لم يوضح معاليه، ما هي الإنتاجيَّة الحالية، وما المستوى المستهدف، وماذا ينوون عمله، ولكنَّني أنصحهم في كلِّ الأحوال، بأن أفضل الحلول، هو خفض عدد المُوظَّفين، الذين تجاوز عددهم المليون، وتطبيق الميكنة، وإعادة ملف التخصيص إلى الواجهة، خصوصًا في قطاعي التَّعليم، والصحة، وهو الملف الذي أهمل، لمجرد أن أسعار النفط تجاوزت مائة دولار!! - لم يفت على معاليه، ومثل كل مسئولينا، وهو يتحدَّث عن الهمّ الاقتصادي، أن يقحم الدين، من خلال الحديث عن أن كل خططنا الاقتصاديَّة، يجب أن تحافظ على قيمنا الإسلاميَّة، وتراثنا الثقافي!! وهنا أودُّ أن أسأل: هل هناك من أحد يطالب بإيجاد أنشطة تخالف الدين؟ ولماذا يقحم الدين في كلِّ قضية اقتصاديَّة مهما صغرت؟ والقصد من كل ذلك، هو أن يختفي وراءها المسؤول، ويتهرب من تقديم إجابات حقيقية عن حلول لمعالجة أهم القضايا، وهي البطالة، والتضخم، والإسكان، وغيرها كثير؟! - تطرَّق معاليه بفخر إلى حجم الإيرادات، ومستوى الصرف، وكُلُّنا يعرف أن ما يحدث هو نقل احتياطات بترولية من باطن الأرض، وتحويلها إلى أرصدة نقدية، وليست هي نتيجة ارتفاع إنتاجيَّة ما، أو تحسن في تقنيَّة ما، فإلى متى نستمر في ذلك الخطاب الخشبي؟! - أخيرًا، تركت أهم ملاحظة حول تصريحات معاليه إلى الآخر، لأهميتها: وهو يقول: إن هناك لغط حول انكماش الطبقة الوسطى، ويطمئننا بأنّهم في وزارة التخطيط، قد قاموا بدراسة، ووجدوا أن الطبقة الوسطى لم تنكمش، ولكن طموحها زاد!! وجوابي على ذلك سيكون تهكمي، لما قاله معاليه، وأقول: حسبي الله على الطبقة الوسطى، التي بالغت في طموحاتها، وتجاوزت طموحات وزرائنا، ولكن ما نعرفه هو التالي: بسبب التضخم، وخصوصًا في بند السكن، وبسبب البطالة، فإنَّ الطبقة الوسطى تتناقص بِشَكلٍّ كبيرٍ، ولم يعد بإمكان شاب، وحتى لو بلغ راتبه (20.000) ريال، (وهذا يتجاوز المتوسِّط بكثير)، أن يتزوج، ويؤسس عائلة، من دون دعم ما، وهذا يعني توزع الثَّرْوة، وتناقصها، من دون وجود زيادة في الدخل، إلا لقلّة قليلة من الشعب، لا تتجاوز الآلاف، وربما المئات، وهم من يحصلون على تعويضات مليونية، بسبب نزع ملكيات، لصالح مشروعات بليونية، فهل دراسة وزارته قائمة على شريحة المستفيدين من نزع تلك الملكيات؟؟ أرجو من معاليه مراعاة مشاعرنا، فالمسؤول الأول عن الإحصاءات العامَّة، يجب ألا يرسل التصريحات، إلا مدعومة بالأرقام، وهو ما لم يحدث هنا!! [email protected]