تعقيبا على مقال الكاتب د. عبدالعزيز جارالله الجار الله بعنوان: (لماذا محو ذاكرة الدلم؟) المنشور في جريدة الجزيرة بتاريخ 13-5-1434ه العدد 14788 وحيث قال: (مدينة الدلم وهي إحدى محافظات منطقة الرياض الجنوبية وجارة الخرج اللصيقة) والحقيقة أن الدلم جزء من الخرج وهي مقر إمارته سابقا قبل قيام مدينة السيح المعروفة التي عمرها لا يزيد على بضع سنين فقط. ثم قال: (تعيش اليوم على عقوق معماري وتاريخي، حيث يدور الحديث عن النية لهدم أقدم نموذج معماري في الدلم بني من الأسمنت والخرسانة عام 1377ه 1957م حينها كانت الدلم بيوتا متطامنة من الطين وشوارع ترابية ومساكن ريفية ومهاجع مزارعين، قيل إن قرار بناء المدرسة جاء بالخطأ، حيث كانت مقررة لمدينة الدمام وكتبت بالخطأ للدلم هكذا تقول (الحكاية) وهكذا سمعتها) ولقد أثار انتباهي قول الكاتب (السعي إلى هدم مدرسة ابن عباس بالدلم.. هو محو وإزالة جزء من تاريخنا المعماري وإرثنا المدني ومحو لهوية عمرانية شاركت جهات حكومية عدة في إزالته تحت مظلة التطوير أو التوسع في الطرق..) وقبل ذلك قال: (المدرسة التي تدور حولها الحكاية هي مدرسة ابن عباس الابتدائية بالدلم وهي أول مدرسة بالدلم افتتحها الأستاذ أحمد بن مرشد بن مسلم كمدرسة أهلية عام 1365ه..). ولأن الكاتب ليس من أهل الدلم ومبلغ علمه عنها قوله (هكذا تقول الحكاية وهكذا سمعتها) فإنه لم يوثق معلوماته، ولأنني من أبناء المنطقة وعشنا بناءها على مر السنين أوضح التالي: أولا: مدرسة ابن عباس لم تبن على أنقاض المدرسة القديمة التي بنيت في عهد المؤسس غفر الله له بل بنيت على الجزء المقتطع من قصر الإمارة الذي منحه سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله للتعليم ومساحته 2000 متر مربع بالأمر رقم 249 في 14-9-1376ه. ثانيا: مدرسة ابن عباس بنيت من الأسمنت والحديد والبلوك أسوة بمدارس الدلم ومثيلاتها في المملكة، وتهدم لانتهاء صلاحيتها واتقاء خطورتها إذ بدئ في بنائها عام 1377ه وبدأت الدراسة بها في نهاية عام 1379ه فعمرها العملي يقرب أربعة وخمسين عاما، والخطر قائم على المارين بجوارها إذ جزء منها الآن في وسط طريق من أهم طرق الدلم. ثالثا: وجه صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز غفر الله له بإخلاء مدرسة ابن عباس من الطلاب ونقلهم إلى مبنى صالح للاستخدام بأمره رحمه الله رقم 8071 في 23-7-1431ه رابعا: قامت وزارة التربية بترميم المدرسة عدة مرات وآخر ترميم لها سقط آخر ساعة من الليل ولكن الله سلم إذ لم يوجد بها طلاب والطريق خال من المارة. والمباني المسلحة وبخاصة القديمة لها أعمار تصبح بعد انتهائها خطرا على الناس ولا ينفع معها الترميم. خامسا: المدرسة كما أسلفت تعترض طريقا حيويا هاما يربط شرق المدينة بغربها، وبقاء المبنى الحالي (آثارا) يعيق التنمية، بينما الكاتب يعترض على هدم المدرسة لتضطر البلدية لتوسعة الطريق من الجهة المقابلة شمالا بهدم البرج الأثري المبني من الطين التابع لهيئة السياحة والآثار!! سادسا: قامت وزارة الشؤون البلدية والقروية بنزع ملكية العقارات في طريق الأمير سلمان بن محمد ليكون بعرض ثلاثين مترا وكان القرار في ذلك قد تم بتاريخ 19-9-1414ه وصرفت المبالغ للمواطنين لعقاراتهم ولم يبق سوى مبنى مدرسة ابن عباس وما جاوره من جهة الشرق، ولا زال المواطنون ينتظرون تنفيذ قرارات وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمر أمير منطقة الرياض رحمه الله. إن الدولة أعزها الله قد هدمت مباني كثيرة في مكةالمكرمةوالمدينةوالرياض وغيرها من مدن المملكة لأجل مصالح عليا منها التيسير على المواطنين ودفع عجلة التنمية ولم يكن العائق يوما مبنى أثري، وأحسب أن المسؤولين في الدولة وفقهم الله يدركون كما يرى المؤرخون وكل مثقف أن التاريخ محفوظ بوقائعه وأحداثه وما جد من وسائل التصوير التقنية عالية الجودة، ولم تعد هناك حاجة لبقاء مبان تهدد حياة الناس، وتعترض التنمية وسعة الطرق التي تتطلبها الحياة الحاضرة وتحقيق سلامة الأرواح لسالكي الطرق. سابعا: مدرسة الشيح أحمد بن مسلم ليست في مكان المدرسة الحالية (ابن عباس) ولكنها في مكان آخر بعيد عن مبنى الإمارة الذي منه أرض المدرسة الحالية كما أسلفت. ثامنا: انطلاقا مما أوضحت في الفقرات السابقة أقول وبكل اطمئنان: أطمئن الكاتب بأن أحداً لن يستطيع أحد محو تاريخ الدلم، ولا غيرها من مدن المملكة حرسها الله، ولن يؤثر هدم مبنى في محو ذاكرة، وتكفيك زيارة لمكتبة الملك فهد الوطنية أو غيرها لترى التاريخ أمامك مثبت بوثائقه وصوره وأخباره، وما زال آباؤنا يروون لنا من ذلك ما نحمله تاجا على رؤوسنا ولله الحمد والمنة. حفظ الله بلادنا ووفق ولاة أمرها لكل خير. عبدالعزيز بن صالح العسكر - الدلم