إن كنت ربَّ عملٍ، فبإمكانك الاعتماد على مؤشرات كثيرة لتحدّد مدى تناسب شخص يافع لأداء وظيفة معيّنة. وإن كنت تبحث عن شخص يستطيع الكتابة، قد تسأل إن كان المتقدّم بطلب العمل يملك مدونة إلكترونية. وبالنِّسبة إلى مبرمجي الكومبيوتر، قد تحاول أن تعرف ما العلامات التي حصدها في مسابقة TopCoder أو GitHub. وبالنِّسبة إلى عاملي المبيعات، بإمكانك أن تسأل عن أنواع المنتجات التي باعوها مؤخرًا. ثمّة اختبارات أخرى قد تجريها للموظفين المحتملين، لترى إن كانوا مناسبين لأداء الوظيفة، مع العلم بأن بعضًا من هذه الاختبارات يكون مباشرًا، في حين إن اختبارات أخرى على غرار «ناك» Knack تستخدم ألعاب الفيديو لرصد مواصفات قد لا تبدو على صلة بالمكتب، ولكنَّها أثبتت ارتباطها بالأداء الحسن. لم أدرج الشهادة الجامعية في عداد الأدلة على حسن الأداء. ويعود السبب إلى اعتقادي بأنّها لا تشكّل خير دليل على ذلك، مع العلم بأنّ الأمور تزداد سوءًا مع مرور الوقت. ومن أكثر الأمور إنتاجية، التي قد تخطر في بال ربِّ العملِ، الكفّ عن صب ّ هذا القدر من التركيز على الشهادات الجامعية وشهادات الدِّراسات العليا. ولكن لسوء الحظ، يقوم أرباب العمل بعكس ذلك تمامًا. ويشير مقال صدر مؤخرًا في «نيويورك تايمز» إلى أن «الشهادة الجامعية باتت بمثابة شهادة الدِّراسة الثانوية الجديدة، وهي قائمة على الحدّ الأدنى من المتطلبات الضرورية، على الرغم من كونها مكلفة، للحصول على وظيفة، وإن كانت من أسوأ الوظائف على الإطلاق». ثمّة مشكلتان على صلة بهذا الموضوع، أولهما أن الجامعة مكلفة إلى حدٍّ كبيرٍ، مع الإشارة إلى أن هذه التكاليف تتزايد يومًا بعد يوم علمًا أنّ الحجم الإجمالي لقروض الطُّلاب في الولاياتالمتحدة يتخطى حدود دَين بطاقة ائتمان، ولا يمكن التخلُّص من هذا الأخير، حتَّى في حال الإفلاس. إلا أن المشكلة الكبرى تكمن في تناقص قيمة الشهادة الجامعية مع الوقت، وفي زيادة تكاليف الحصول عليها. وتتزايد البحوث المرتبطة بنوعية التعلّم في حرم الجامعات في أيامنا هذه، مع العلم بأنّه ليس بالتَّعليم الجيِّد في معظم الأحيان. ويَتطلَّب الطُّلاب وقتًا أطول للحصول على شهاداتهم، كما أن مستويات الرسوب ترتفع. وما يثير قلقًا أكبر هو أن بحثًا وضعه مؤخرًا المؤلِّفان ريتشارد أروم وجوزيبا روكسا (وفقًا لما أورده وصف في كتابهما الصادر في 2011 بعنوان «انجراف أكاديمي» Academically Adrift) كشف أن نسبة 45 في المئة من عيّنة طلاب جامعيين أمريكيين لم تظهر تحسنًا ملحوظًا في القدرات التحليلية خلال أول عامين من الدراسة. وبغضّ النَّظر عمَّا يختبره هؤلاء الطلاب، فهو ليس تعلمًا على الإطلاق. إنّ ما يحصل يتراوح بين كونه فقاعة وفضيحة. ولن يتحسن إلى أن يبدأ أرباب العمل بتقييم عناصر غير الشهادات الدراسية. - (أندرو ماكفي عالم بحوث رئيس في مركز الأعمال الرقمية ضمن كلية الإدارة في «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا». وهو مؤلف كتاب «المؤسسة 2.0» Enterprise 2.0 ومشارك في تأليف «سباق ضد الآلة» Race Against The Machine بالتعاون مع إريك برينيولفسون).