* طالب فضيلة الشيخ الداعية سليمان بن عبدالله الطريم المسلمين باغتنام الاوقات الشريفة من العشر الاواخر وذلك بتلاوة القرآن الكريم والاجتهاد في العبادة من قيام الليل وكثرة الذكر وحفظ الصيام. وتعجب الشيخ الطريم في حديثه لالجزيرة من عجلة بعض الأئمة في قضاء الصلاة ومسابقة الزمن في الزمن حيث ان بعضهم حرصا على السرعة يعظ قبل وقت الآذان ثم يؤذن حسب التوجيه. كما بين فضل الاعتكاف وانه سبب في طلب المزيد من الطاعة والعبادة مشيرا الى تهيئة السبل لاحياء تلك السنة العظيمة. وتطرق الحوار الى عدة قصايا مهمة حول العشر الاواخر وفضلها وبعض الملحوظات على بعض الصائمين وارتباط عيد الفطر بالعشر المباركة,, وفيما يلي نص اللقاء: * العشر الأواخر من أعظم مواسم الخيرات فكيف نغتنم هذه الأوقات؟ من نعمة الله عز وجل على هذه الامة تفضله سبحانه بمنحها مواسم الخيرات ومنها ايام عشر ذي الحجة وشهر رمضان وخصه العشر الاواخر التي ترجى ليلة القدر فيها وهي الليلة التي تعدل الف شهر قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر ، تنزل الملائمة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر). وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ويغتنم المسلم هذه الاوقات الشريقة بتلاوة القرآن والاجتهاد في العبادة من قيام الليل وكثرة الذكر وحفظ الصيام وهذه الاوقات مواسم عظيمة لا يفرط المسلم في ساعاتها بل ولا في لحظاتها والتي للاسف تهدر في مشاهد وصور لاهية عابثة وفي احاديث دنيوية ومجالس تؤكل فيها الاعراض من الغيبة والنميمة او استماع آلات اللهو، وصوره، مما يغضب الله ويضيع الاوقات ويفسد حياة القلوب ويضعف وازع الايمان. * من السنن المشروعة في هذا الشهر المبارك في هذه العشر الاعتكاف فكيف يعنى بهذا الأمر؟ لا ريب ان الاعتكاف سبب في طلب مزيد الطاعة والعبادة وهو حبس للنفس على التعبد والتحنث لله تعالى مما يثمر مزيدا من التقوى حيث يجتمع اثر الصيام وفضل القيام وشرف الاعتكاف بالتفرغ لتلاوة القرآن وكثرة الذكر والاستغفار وفعل السنن والنوافل والحرص على الطاعة وهي مصالح دينية عظيمة يحرص العبد في هذه الايام المباركة على اغتنامها واهتبال فرصتها, ومما يعين الراغبين على الاعتكاف تهيئة بعض الجوامع لهذا الغرض الشريف وهذا المقصد الجليل وهي حسنة مباركة وفيها احياء سنة عظيمة وهذه التهيئة تتحقق في توافر امورمتعددة منها توافر الخدمات دورات المياه ونحوها طيلة الاوقات وفتح الجامع للمعتكفين ووجود افطار وسحور في هذه الجوامع واقامة مناشط علمية فيها من حفظ القرآن وتجويده ودروس في التفسير ونحو ذلك. ويكون هناك مشرف من ادارة المسجد على حاجات هؤلاء المعتكفين وقائم بما يستطيع من قضائها والعمل على الاعلان عن ذلك الجامع للراغبين في الاعتكاف. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف ثم اعتكف ازواجه من بعده واعتكف الصحابة والسلف الصالح ولنا بهم اسوة وقدوة. * يلحظ احيانا لدى بعض الصائمين سلبيات في العنايةبهذه العشر المباركة فما هي وكيف يتم معالجتها؟ تأتي هذه العشر في نهاية الشهر الكريم بعد عشرين يوما من الصيام والقيام وقد اصيب البعض بضعف همة بعد عزيمة وفتور نشاط بعد قوة وتوان في التنافس بعد جد واجتهاد وقد كان في بداية الشهر متشوقا راغبا مجتهدا سابقا في الخيرات فتحتاج هذه النفس الملولة الى ايقاظ همتها وتجديد عزيمتها وتذكيرها بفضل هذه الايام وبيان مزيد اجرها وخصائصها على الايام الماضية وبتذكير النفس الامارة اللوامة في نشاط المجتهدين وجد المتنافسين من شيب ضعاف الابدان ونساء ثقيلات كبيرات وشباب وفتيات صابرين وصابرات وتذكير النفس ايضا بقلة الايام الباقية وقرب الشهر على الرحيل وفراق الحبيب مدة طويلة وهل سيكتب للمرء ادراك حضوره وشهود فضله مرة اخرى ام سيكون هذا العام آخر اللقاء به, وبتجديد الهمة هذه الايام يلحق المسلم بركب المجتهدين وبميدان المتنافسين فيها وان تعجب من بعض هذه الظواهر الرمضانية فعجب تسابق بعض الأئمة ولكن ليس في التدبر والتلاوة والخشوع وإنما في العجلة في قضاء الصلاة ومسابقة في الزمن والنظر في الدقائق بل والثواني حتى ان بعضهم حرصا على السرعة يعظ قبل وقت الآذن ثم يؤذن حسب توجيه وتعليمات الوزارة ويقيم مباشرة او بعد دقيقة او دقيقتين فلماذا هذه العجلة واين التسابق في التدبر والتلاوة الخاشعة. ثم هم بعض الأئمة ادراك ختمة الشهر في ليلة السابع والعشرين ولذا هو في حرج نفسي من حيث كسب الخروج من الصلاة مبكرا في ادراك الختمة فهو في عجلة من قراءته وصلاته في غير تلاوة وطمأنينة وقد يفوته مقصد العبادة وهوالخشوع والاخبات. والدعاء من اعظم العبادة وقد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (الدعاء هو العبادة) وقال تعالى (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) والمسلم في اموره يرفع يديه الى ربه داعيا وسائلا الله توفيقه ونصرة دين الله واعزاز اهل عبوديته وتوحيده والاصل في اختيار هذه الادعية جوامع الادعية من الكتاب والسنة وفيها الخير والبركة والفضل والاولى الاقتصار عليها وعلى أدعية السلف المستمدة منهما وما شابهها من الادعية الجامعة وعدم الاطالة المملة ورفع الصوت بأكثر مما يحتاج اليه مع العناية بخشوع القلب في التلاوة والادعية وحضور القلب فيهما فان الله لا يستجيب لقلب غافل لاه. ومن غرائب الظواهر الرمضانية تتبع الأئمة في المساجد بحثا عن تجديد الاصوات او عن غاية الحسن من اهل مزامير داوود عليه الصلاة والسلام وقطع المسافات البعيدة شرقا او غربا او شمالا وجنوبا والتعرض للاخطار والافات والتأخر في حضور المفروضات، وفوات الجماعات رغبة في ادراك حسن الصوت ثم التجمع والازدحام واختلاط الرجال والنساء في الدخول والخروج مما يذهب مع هذا كله الخشوع وحسن الادب في الصلاة والمشي اليها. ولست أعارض البحث عن الاحسن صوتاً والاهيأ مسجداً والاقوى سببا في الخشوع ولكن أخشى ان يكون الامر زاد عن حده واصبح تفاخرا وتأخرا وفتنة وازدحاما وضررا. ومن الظواهر البادية: انشغال فئات من الناس ذكورا وإناثا انشغالا قاطعا وانصرافا واسعا عن العناية بهذه العشر ولا سيما آخرها الفاضل في امور دنيوية ومشاغل اجتماعية كشراء حاجات العيد التي قد اسرف الناس فيها مما ادى الى ترك صلاة القيام، والتهاون في المداومة على قراءة القرآن ولا سيما ان كان الله قد تفضل عليه بختمه والمرء بحاجة الى استغلال جميع هذه الايام اولها وآخرها وساعاتها ولحظاتها، اما هذه الحاجات فتعطي فضول الاوقات ومتسع نهار الايام ولا تكون في هذه الليالي الشريفة. ومن هذه السلبيات استغلال بعض الافراد هذه الاجازات في هذه الايام المباركة بسفرات خارج هذه الارض الطيبة بعيدا عن مكة وحرمتها والمدينة وفضلها الى ديار يضعف فيها وازع الصيام ويقل فيها التهجد والقيام وهي ايام شريفة قليلة مباركة جدير بالمرء ان يستغلها في افضل الاماكن وخير الاعمال وحاجات المرء لا تنتهي والاوقات في غير هذه الاوقات الشريفة مدركة مع بقاء العمر وحين حصول السلامة والعافية بفضل الله ورحمته. * عيد الفطر يرتبط بنهاية هذه العشر المباركة وهو من شعائر هذه الامة المسلمة فما هي المعاني المرتبطة بينهما؟ العيد هو الشعور بالفرح والسرور والغبطة بصيام هذه الايام المباركة وبرجاء نيل ما ادخره الله للصائمين من الفضل والاجر والمغفرة والقبول وللتوفيق في تذكر احوال المستضعفين من المسلمين باخراج زكاة الفطر لتكون عونا لهم على قلة الزاد والطعام في عموم السنة حيث يشعرون بالحاجة اليه اشد من حاجة الصائم الى الطعام والشراب، وعيد الفطر فيه جائزة الصائمين عند الله، والصائم في هذا العيد يعلن عبوديته لربه صياما وافطارا وامساكا وأكلا وشربا فلم يصم الا من اجل الله ولم يفطر الا باذن الله وهذا هو معنى العبودية وهي الطاعة في كل الاحوال. وعيد الفطر يتجدد فيه اللقاء والاجتماع والمحبة بعد شغل الاوقات بالاجتهاد في تلك الايام الفاضلة ومن ثم هذه العشر والوفاء بحقها واخذ جائزتها حضور صلاة العيد والاستماع لخطبتها والاتعاظ بمواعظها وقد يحرم اناس هذا الفضل بما اضاعوه في ليلتها من السهر فلم يقدروا على شهودها وحضور فضلها فأضاعوها وضيعوا ليلهم بالتعب والسهر, ومن معاني العيد المتجددة الحرص على زيارات الاقارب واهل العلم والفضل والبعد عن مواضع اللهو المختلطة المزدحمة ودوام الشعور والفرح بنعمة الله وفضله قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فيفرحوا هو خير مما يجمعون,