على الرغم من أن المحطات الفضائية لم تنقل المعركة التي حصلت بالأيدي بين «شيخين» من شيوخ السياسة في مصر ما بعد الثورة، إلا أن واقعة المعركة بالأيدي التي حصلت بين الناشط السياسي الليبرالي عبدالحليم قنديل والناشط الإسلامي السياسي صفوت حجازي في أحد استديوهات التلفزيون المصري قد كشفت إلى حدٍ كبير حالة الاحتقان التي يعيشها المجتمع المصري بما فيها طبقة النخبة من كبار المثقفين والذين وصلوا إلى مستوى حادٍ من الشقاق والانقسام التي تجعل من ناشطين كبيرين في السن إلى الاشتباك بالأيدي بعد عجزهما عن الحوار بالكلمات وبالأفكار. وهذا هو بالضبط ما تشهده الميادين والساحات في مصر، ففي الوقت الذي يحتشد فيه مناوئو الرئيس محمد مرسي في ساحة التحرير وشارع محمد محمود وشارع القصر العيني، احتشد مؤيدو الرئيس وأنصار جماعة الإخوان المسلمين ومن يناصرهم من التيار الإسلامي أمام قصر الاتحادية في مصر الجديدة. وقد ترجمت الهتافات والخطب التي أُلقيت في الموقعين مدى التباعد والتناحر بين الفريقين. الخلافات لم تقتصر على التظاهرات والوقفات المؤيدة أو الاحتجاجية، بل تعدت ذلك إلى إحراق مقرات جماعة الإخوان المسلمين في الأسكندرية وأسيوط وبورسعيد والسويس والإسماعيلية. وهو تطور خطير للعنف ينذر بمواجهات وانقسام بين المجتمع المصري الذي أصبح منقسماً بالفعل. وقبل أن يضمد المصريون جراحهم بعد مواجهات الجمعة بدأ الشارع يتساءل عن مصير قرارات الرئيس محمد مرسي التي اعتمد على نصوص الإعلان الدستوري ليعزز سلطته ويحصن قراراته الجمهورية. والسؤال الذي يتداوله المصريون، هو هل يتراجع الرئيس عن قراراته؟ أم يمضي قدماً لفرضها على من يعارضها، وإذا ما أصر الرئيس على ذلك فما هو موقف المعارضين..؟ لمعرفة ذلك يتابع المصريون وكل من يهتم بالشأن المصري مواقف ثلاث قوى لها تأثيرها على الرأي العام المصري، وهم: 1- مستشارو ومساعدو الرئيس الذين قدم اثنان منهم اسقالتهما وهما المهندس سمير مرقص، والأستاذة سكينة فؤاد، وينتظر أن يحسم الآخرون أمرهم. 2- رموز وقادة الأحزاب المدنية مثل عمرو موسى ومحمد البرادعي والسيد البدوي وحمدين صباحي الذين يقودون الاحتجاجات والتظاهرات في ميدان التحرير والشوارع المحيطة بالميدان. 3- القضاء بمؤسساته المتنوعة ومستشاريه من القضاة والمدعين العامين، وهناك تخوف من إضراب أو امتناع القضاة من النظر في القضايا وعدم توجه المدعين العامين إلى أعمالهم. في انتظار مواقف هذه القوى التي تقود الشارع المصري المعارض لقرارات الرئيس، يحبس المصريون أنفاسهم وينتظرون بفارغ الصبر ما تؤول إليه الأوضاع، آملين ألا تكون على شاكلة معركة قنديل وحجازي التي لن تكون مقتصرة على الأيادي إذا ما انتقلت إلى فئات المجتمع الأخرى. [email protected]