انتهيت من رسم إحدى لوحاتي التجريدية... وأخذت أتأمل إليها بكل سرور حينما أجد روحي ترجمت كل ما بها بريشة ولون... ربما يجدها البعض خطوطاً وزوايا تحتاج إلى توحيد أضلاع! ربما هذا رأيهم... ومن هم حتى يخاطبوا الروح؟... من غير صاحب الروح يخاطبها؟.. من غير جسد الروح يشعر بها؟ تندمج الألوان مع طيات مشاعرنا وأحاسيسنا... وتراها أعيننا بصورة جميلة... ونرى نحن أنها جميلة! وتعبر عما بداخلنا.. ربما وحدة الرسام من يعرف خبايا لوحاته.. بل أكيد.. وحده الرسام يناقش كل بقعة لون تعترض لوحته.. بينما يعترضها الغير بآرائهم وانتقاداتهم... التي دائماً ما تشير إلى أن أصحابها لا يهدفون سوى للنقد المستمر... المراد به إلى الشهرة؟!.. ذلك النقد الذي اعتاد أصحابه عليه... واعتاد هو على ألسنتهم.. هم يظنون أن «الفن وخيال الرسام كالقانون الذي يجب على الفنان أن يطبقه في لوحاته... هم يعتقدون أن الرسم كمادة الحساب الذي يجب أن يأخذ الفنان حذرة... وكأنهم تماماً لا يريدوننا أن ننقل خيالنا على لوحاتنا.. بل يريدون أن نطبق تماماً كل نقد يقولونه سلبياً أم بناءً... وهم نسوا أن الألوان وجدت من الطبيعة... لتكون للطبيعة... من أحاسيسنا وفطرتنا» إلى العالم الذي نعيشه... الكثير منا لا يعلم ما هو النقد؟ ومتى يُستخدم؟ ولمن؟ ولماذا؟ حينما يضع الفنان أمامه وردة... فهو يريد أن يرسم وردة واقعية... وهو مدرك أنه سوف يطبق ما هو أمامه... إذاً هو مدرك أن الرسم الواقعي كالقانون الذي ينبغي أن ينفذه كما هو... أو يدعه كما هو.. حتى لا تشعر الوردة أنها ذبلت بعد أن نقلها من عالمها... إذا هنا نستطيع أن نستخدم القانون الحقيقي! وهو أن تخيل ما هو أمامك... ليكون تماماً كما هو أمام أعين الناس.. لكن... حينما يأخذني الحنين إلى أن أمسك بريشتي وأندمج معها في أروع عالم... عالم لا يشعر به سواي وحدي وفرشاتي... وتلك الألوان التي تمزج معها أحاسيسي المخبأة تحت ذلك المزيج... هو ذلك الفن المتجرد من أي قيود... هو ذلك المكان الذي يمثل لي عالماً بلا قانون يحكم متى؟ وإلى أي مدى هذه الرموز اللونية سوف تستمر؟ وماذا تعني؟... هي لوحة يراها البعض كصورة جميلة في نظرهم؟ وربما صورة مليئة بالنقد عند من هو فنان بالنقد... لكن! ليس فناناً بتقدير العمل الفني... ليس فناناً ولن يكون حينما ينقد ويناقش ويشد ويمد في حديث خاص بين الروح وصاحبها.. ومن يكون ذلك الذي ينقد أعمالاً هي مجردة من الحكم... مجردة من القوانين.. مجردة من أي قيود قد تعيق حرية هذا الفن.. لكن مكتسية بأحاسيسنا.. وجداننا.. غضبنا حينما تعصرنا الظروف.. متفسحنا إذا ضاقت بنا أنفسنا.. نعم هو الفن التجريدي الحقيقي.. الذي لن يسمح بمخاطبته سوى.. من يخاطبه بلوحاته.