أشفق للصغار كثيراً، فهم، بين الكثير الكثير من التناقضات،... فأي الوَجبات الروحية التي يتلقونها فوق طاولات مدارسهم.., وبيوتهم.., وأسواق يرتادونها..، وأصدقاء يتناقضون...,؟.. ويتفاوتون.., ومختلفون..؟.. *** أشفق للصبيات في مقتبل العمر, يتخبطن في اختيار الملبس، والحذاء، والزينة التي لم تعد شرائط حرير بألوانها الطيفية تغري طفولتهن، وتجذب بهجتهن، بل تبدلت الإمدادات، وبقيت فيهن الحاجات هي الحاجات..!. *** أشفق لأقلام تلهث للخوض فيما يعرف أصحابها, وفيما لا يعرفون.., تهرف بالغثاء، وتكبُّ دلاءها على النفوس كآبة، وتُلحِق بالتذوق انحساراتها.. *** أشفق لسابحين في فضاء، بسطوته سحب البوصلة عن اتجاهات خضراء، تُنعِّم الأبصارَ, والأسماع، فإذا الساعة تئن من تسارع عقربيها، وإذا العيون تشكو غبشاً لاستهلاكها، وإذا الصدور تحوك فيها غمغمات لا تصمت.. وإذا به هذا الفضاء مشتتاً، فوضوياً.. أفاد يسيراً، وعطل كثيراً.. *** أشفق للأطفال في مدارسهم المبتدئة، لا تزال تغتالهم وحشة الخوف من كفوف المعلمين، ورهبة تجتاحهم من صراخهم.. وإذا بهم يرتعبون في المدرسة ومنها.., فيهابون التعلم.. ويتمارضون للغياب..!! *** أشفق للمياه المهدرة بعد سباحة ترف تَنعَّم بها من الناس في بيوتهم،.. بينما خزانات الأحياء تشكو الجفاف، والعطش.. *** أشفق لمستهلك تغريه الاتصالات بباقاتها، ليست من ورد تهديه، ولا وعود تفرح بها.., استلهام جيوبٍ تدر، وكدٍّ يتلاشى.. *** أشفق لصديقة أن واجهت جفاء حاداً من نظيراتها، بعد عودتها من غربة طويلة، شاءت الاستقرار, وأمن الديار، ورحمة الاحتواء..فإذا هي تخيب.. إذ بهن يناصبنها الجفاء جداراً، ويقمن بينهن وبينها أسواراً.. مجتمع لا خير في خاصته، كيف ينمو الخير في عامته..؟.. *** أشفق لمجتمعنا الذي يتكلم كثيراً كثيراً..، ويهدر كثيراً.. كثيراً.., ولا يتدبر إلا قليلاً... قليلاً..!.. ولا يحب إلا بالقطارة..!! *** يا لموجبات الشفقة، ويا لحسرة الخاطر..!!.. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855