أتابع ما يكتب في الجزيرة عن العناية بالأبناء ومراقبتهم حتى لا يختلطوا بأولاد السوء وتعقيباً على ذلك أقول: مهما تكن فوائد الشوارع المقابلة لمنازلنا جيدة وتحمل للأبناء ثقافة اجتماعية.. ومهما منحت الأبناء تجربة ثرية تعمق من تفكير الفرد وتعمل على ثراء تجربته إلا أن للشارع سلبيات أخرى ومشاكل عكسية أرى ويرى كثيرون أنها تشكل خطرا جسيما على الأبناء خاصة في مرحلة المراهقة.. يقول أحد الآباء أن الله تعالى رزقه طفلا وسيما شب وترعرع في كنف المنزل وازداد بحمد الله وتوفيقه مع تقدمه بالسن نضارة وبهاء.. ويضيف الأب أن هذا الابن هو الوحيد الذكر فلم يخلف بعده سوى عدد من البنات، وحيث إنه الوحيد الذي سيحمل اسم أبيه فقد حظي بعناية خاصة.. ومعاملة متفردة، ولما بلغ سن المراهقة المبكرة وأخذت قدماه تدلف للشارع بدأ خوف الأب والأم يسيطر عليهما خشية رفاق السوء أن يلتقطوه فيذهبوا به إلى مواقع الشبهات.. ومواطن السوء.. ومنزلقات الشرور فيزين له الشيطان سوء عمل هؤلاء، ويجمل له كل مكروه يقدمونه له بل وينقلونه لمواطن الإغراء المشبوهة.. وصار يمتد بالسهر لساعات متأخرة من الليل وأمه تؤنب تارة وتزمجر أخرى خوفاً عليه.. وهنا تدخل الأب ليسكت الأم عن مبالغاتها وأوحى لها أن الخوف الشديد يجب أن لا يظهر أمام الغلام فمثلما هي تخاف عليه فالأب يخاف ولكن الخوف يجب أن لا يصل للغلام فيفقد الثقة بنفسه ويبدأ الشك يداخل نفسه فيفسد شخصيته وتهتز أمام الآخرين.. بدأ الأب حالة المراقبة من بعيد دون أن يشعر الغلام أن والده يراقب أو يتابع وعرف الأب أن ابنه يرافق شخصاً سيئ الطباع وينفر منه المجتمع فأمسك بابنه ونصحه بصراحة ووضوح عن مرافقة رفاق السوء وسأله الابن:- من هم رفاق السوء؟ فقال الأب: هم أشخاص يسيرون في حياتهم بطريق الشر ويبدأون بسلوكيات صغيرة مثل التسكع بالشوارع والعبث بالتدخين وإيذاء المارة وإزعاج الناس ثم يكبر هؤلاء الفتية ويكبر معهم سلوكهم المشين فيحترفون السرقة ويتحول التدخين إلى التعاطي بالمسكرات ويتحول إيذاء المارة بالشارع إلى إيذاء مجتمعا بكامله وأمة جامعة لمجتمعات كثيرة وبهذا يتسع الشق على الراقع. يابني:- سترى من بين صحبك من يعبث بالتدخين ويبتعد عن أهله وأسرته مخافة القيود الأسرية فيجره ذلك لمعصية أهله بعدم المجيء للمنزل بحجة الانشغال ومنهم من يحاول إغراء الآخرين وإقناعهم بصحة مساره.. يا بني أصدقني القول هل بين أصحابك من بسير بهذه السلوكيات؟ قال الغلام:- نعم يا أبي كثيرون يجلسون في الشوارع ساعات طوالا ويلمزون النساء والطفال بأبصارهم ويؤذون الكبار بالسخرية والاستهزاء وهؤلاء يا أبي ليسوا من رفاقي لكنني أصدقك القول إن في رفاقي من يسهر الليل طويلا بعيدا عن منزل أسرته ويتعاطى الدخان ويمضي ساعات طويلة من النهار نائماً في الاستراحة وقبل أن تسألني عن أبيه وأمه سأقول لك إن منهم من كان أبوه متوفى وأمه متزوجة وذهبت مع زوجها في مدينة أخرى وبقي عند أعمامه وأخواله معلقا بينهم.. فقاطعه أبوه قل الحمد الله يا بني واحذر أن تنزلق في منزلقاته.. وأشكرك أن كنت صادقاً معي فكثيراً من الأبناء يبقى غامضا غير واضح مع أهله فيثير الشكوك حول سلوكه ورفاقه، لا يزال الكثيرون يقلقون على أبنائهم من خطورة الشوارع ويقلقون أكثر من رفاق السوء الذين يلتقون بأبنائهم في الشوارع إذا انعدمت الصراحة وافتقدنا الوضوح بين الأسرة والأبناء، وفق الله الجميع. سليمان بن علي النهابي