فترة غير يسيرة مرت على تطبيق قرار السماح للشباب بدخول المجمعات التجارية أسوة بالعائلات، لكن يبدو أن الشارع السعودي سيستغرق مزيداً من الوقت قبل أن يبلور موقفاً محدداً تجاه هذا القرار، فالآراء مازالت قيد «المد والجزر» بين فريقين مؤيد ومعارض، يرى أولهما بأن من حق الشاب أن يجد أماكن لتمضية وقته فيها وشيء من الترفيه مثل الأسواق إضافة لقضاء مستلزماته، فيما يرى الآخر بأنه لا يجب أن يسمح للشباب لدخول الأسواق لما يصدر منهم من تصرفات تجعل العائلات تهرب من هذه الأسواق. «الجزيرة» قامت بجولة ميدانية سبقتها أحاديث الناس عن تواجد أمني كثيف منذ تطبيق القرار يصل إلى 200% عن السابق إضافة إلى تواجد فرق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل أكبر في الأسواق بشكل عام، وأصبح هذا التواجد الكثير في أيام الأربعاء والخميس والجمعة من كل أسبوع لضبط الحالة الأمنية والتحكم بها بشكل أكبر مما كان عليه سابقا. كما قامت المراكز والأسواق في الرياض بوضع عدد أكبر من حراس الأمن الصناعي لمواجهة أي مشاكل تطرأ بعد تطبيق القرار . في جانب آخر، فإن التطلعات المتعلقة بإمكانية انتعاش تجاري ناتج عن قرار السماح بدخول الشباب للأسواق التجارية تبدو غير واقعية تماماً حيث أفصح عاملون بتلك الأسواق عن بقاء الهامش الربحي على ما كان عليه قبل القرار بل إنه انخفض في بعض الأحيان بسبب مغادرة العائلات باكراً خشية تعرضهم لمضايقات سلوكية من بعض الشباب. فيصل علي يحيى وهو يعمل بائعا في أحد المراكز قال: ان المبيعات لدنيا لم تتغير كثيراً بعد قرار السماح وبقيت كما هي واعتبر ان دخول الشباب لم يكن بهدف التسوق بدليل عدم زيادة المبيعات لدنيا، فيما أكد على حديثه البائع محمد حسين: «لا جديد فالمبيعات لدينا لم تتغير وبقيت كما هي بل إنه في بعض الأحيان تنهي بعض العائلات تسوقها بسبب مضايقات تصدر من الشباب وبالتالي تنخفض المبيعات». مشكلات «بحكم العادة» محمد الثنيان هو أحد الشباب الذين وجدناهم في الأسواق ويصف القرار ب»الإيجابي جداً» مشددا على أن دخول المجمعات التجارية يعد حقا مشروعا للجميع: «يحصل من بعض الشباب مشاكل في الأسواق لكن هذا الشيء طبيعي جداً فعند تطبيق أي قرارجديد لا بد من وجود ملاحظات ولكنها مع الزمن ستنتهي». من جهة ثانية أكد الكثير ممن قابلناهم وطلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم أن المشاكل زادت في المجمعات التجارية بشكل ملحوظ وكبير يصل لحد «تطفيش» العوائل من الأسواق، فيما رأى البعض أن القرار في بدايته وأن الحكم على إيجابيته أو سلبيته امر لم يحن اوانه بعد، متوقعين بأن الوقت كفيل بتعليم الشباب فن التسوق والترويح عن أنفسهم في إطار الالتزام بتعاليم الشريعة الإسلامية والآداب العامة للأسواق. الميدان له رأي آخر قد يكون لكل شخص وجهة نظره، ولكن هذا يبقى ضمن خانة الموقف الذهني ليس إلا، أما على الارض فقد يكون للتنفيذ حسابات مختلفة يمكن التعرف عليها مباشرة من خلال حراس الأمن الذين تحدث لنا أحدهم، وهو يعمل في مركز تجاري وسط الرياض، كاشفاً عن أن دخول الشباب للأسواق سبب ارتباكا وعبئا إضافياً: «أصبح الضغط علينا كبيرا وفي كل يوم نحتاج مجهودا مضاعفاً للسيطرة على تحركات الشباب وضمان عدم مضايقتهم للأسر والحفاظ على الأمن داخل المركز»، مشيرا إلى أن المركز وفر موظفات أمن نسائي للتدخل في حال حدثت مضايقات من الشباب للأسر حيث تقدم الفتاة بلاغا في المركز النسائي لإثبات تحرش الشاب بها ليتم القبض عليه وتحويله لمكتب الأمن في المركز. بينما يرى حارس الأمن الصناعي مشعل العنزي أن الأسواق شهدت الكثير من المشاكل بعد تطبيق القرار من قبل الشباب ما بين تحرشات لفظية إضافة إلى دخول الشباب بشكل جماعي من «5-10» أفراد في الأسواق مما يثير التخوف بين العائلات من عدم التزامهم بالتعليمات في المركز. وأكد يحيى خالد يحيى أن المشاكل زادت بنسبة كبيرة في الأسواق من قبل الشباب والفتيات وقال: إن نسبة مشاكل الشباب تشكل الأكبر من الفتيات وتعتبرمشاكل الفتيات حالات فردية نادر تمثل 5%. أما حارس الأمن عادل الكثيري فقال: إن المراكز شهدت شيئا جديدا ورغم أنه حالة نادرة جداً إلا أنها تعتبر جديدة وهي السرقة من المحلات التجارية: «سجلت لدينا حالة سرقة قبل نحو أسبوع لكن لم يتم التعرف على السارق حتى الآن». «الجزيرة» حاولت أن تأخذ انطباع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واقع تجربتها الميدانية للتعامل مع الفترة التي تلت تطبيق القرار لكن أعضاء الهيئة رفضوا الحديث بحجة وجود متحدث رسمي للهيئة وأن الأنظمة والتعليمات لا تخولهم بالحديث للصحف .الأمر الذي جعلنا نحاول الاتصال على الأستاذ خالد المحمود مساعد المتحدث الرسمي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي طلب إرسال السؤال ولكنه لم يجب حتى الآن. يذكر أن المحكمة الجزئية بمنطقة الرياض أصدرت أحكاماً على عدد من الشباب المقبوض عليهم بتهمة معاكسة النساء والتحرش بهن في الأسواق والمجمعات التجارية وذلك حول ما صدر منهم من ممارسات خاطئة ومضايقة للنساء وتعد على حريات الآخرين وإثارة الفوضى والإخلال بالنظام.