قبل أيام، اتصل أحد طلاب العلم ليتحاور مع صاحبكم عن تغريدات كتبتها في تويتر تتعلق بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ كتبت ما معناه أن الأمور أصبحت معكوسة هذه الأيام، فهناك بعض المتدينين الذين يهاجمون جهاز الحسبة بلا هوادة من خلال وسائل الإعلام الجديد، مع أنهم هم أنفسهم من كان لا يرضى بأن يتم نقد هذا الجهاز فيما مضى. هذا، رغم أن المنصف يرى بأم عينه القدر الكبير من التحسن الذي طرأ على أداء الهيئة خلال الأشهر الماضية، وهو التطور الذي كتب عنه كثيراً في وسائل الإعلام، وسمعنا عنه - ولا زلنا - في المجالس الخاصة من قبل الأغلبية الصامتة من المواطنين، فما الذي جرى؟. زميلي المتصل كان متفاجئاً من حالة الاحتقان التي كان عليها هؤلاء المهاجمون، وقد تفضل مشكوراً وأرسل لي كماً إضافياً مما كتب ولم أطلع عليه، وقد ذهلت من حجم الادعاءات التي تضمنتها تلك الكتابات، والهجوم الشرس على رموز الهيئة، فقد اعتدنا فيما مضى على أن من يكتب مثل هذا، أو حتى أقل منه تطلق عليه كل صفات التخوين، من شاكلة الاتهام بالتغريب والعلمانية، وغيرها، فهل يا ترى تحول هؤلاء المتدينون فجأة إلى علمانيين وتغريبيين؟، أم أن هناك أموراً خفية لا نعلم عنها، فالوضع يستحق التوقف بكل تأكيد!. لا أعتقد أن هؤلاء الإخوة المتدينون قد تحولوا فجأة إلى أعداء لهذه الشعيرة الهامة، والتي يعتبرها كثير منهم ركناً من أركان الإسلام، ولذا سألت زميلي المتصل عما يعتقده حيال هذا الأمر المحيِّر بحكم قربه من هذا الجهاز، ومعرفته بالكثير من تفاصيله، فقال إن الأمر له علاقة باختلاف التوجهات بين فريقين، فهؤلاء المهاجمون لم يسرهم النهج المتسامح الذي اتخذته قيادة الهيئة الجديدة، كما لم يسرهم اتخاذ كثير من القرارات التي لها علاقة بتنظيم العمل ومأسسته، والحرص على عدم مخالفة الأنظمة، والحزم في معاقبة كل من يفعل ذلك، وعندما قلت له إن هذا من شأنه أن يُدخل السرور في قلوب الجميع، فاجأني بالجواب، فماذا تراه قال؟. يعتقد شيخنا أن هذه الإجراءات ربما أفقدت بعض العاملين بالجهاز شيئاً من الامتيازات التي كانوا يحصلون عليها، فجندوا أنفسهم للهجوم على الجهاز، رغبة في إعادة الأمور إلى سابق عهدها، وعندما استبعدت مثل هذا، أكد على أن النفس البشرية قد جُبلت على النرجسية، وهذه لعمري باقعة لم أحسب لها حساباً. وفي النهاية، نؤكد على أنه يؤلمنا أن يتولى بعض من نحسبهم من أهل الخير كبر الهجوم على جهاز كانوا إلى وقت قريب لا يسمحون لأي كان أن ينتقده ولو تلميحاً، ولكنها التناقضات التي نعيشها ونراها في كل حين. فاصلة: «تساؤل: هل إخواننا الذين يهاجمون الهيئة الآن كانوا يدعمونها قبلاً كشعيرة عظيمة، أم كانوا يدعمون التشدد الذي تمارسه قلة من منسوبيها؟». [email protected] تويتر @alfarraj2