(الكروس لينكنج CXL) هو علاج ضوئي كيميائي، يهدف إلى تماسك القرنية وزيادة صلابتها، وهو العلاج الأحدث والأكثر أماناً لعلاج القرنية المخروطية المبكرة، ودعونا أولاً نتعرَّف على القرنية المخروطية وما هيتها.. المخروطية.. الرحلة من الكروي إلى البيضاوي تعتبر القرنية المخروطية أحد الأمراض الشائعة في بلادنا، وهي تصيب فئة عمرية حساسة وهي فئة الشباب، فتمنعهم من ممارسة حياتهم بحرية، بل ربما منعتهم من الالتحاق ببعض المهن التي تحتاج إلى حدة إبصار كاملة. ولكن دعونا أولاً نتعرَّف على القرنية الطبيعية.. القرنية الطبيعية هي نسيج شفاف شبه كروي يسمح بنفاذ الضوء إلى داخل العين ويقوم بتجميع الضوء. وتحتفظ القرنية على مدى الحياة بشكلها الكروي، وعلى الرغم من تعرضها لعوامل داخل العين مثل ضغط السوائل الموجودة داخل العين، وعوامل خارج العين مثل الضغط الخارجي من دعك أو فرك، إلا أنها تبقى محتفظة بنفس الشكل، وبالتالي تؤدي نفس الوظيفة بكفاءة. وهناك نسبة من البشر - ولأسباب غير معروفة- تكون أنسجتهم رخوة وضعيفة وتتمدد مع الزمن وبالتالي تفقد القرنية قدرتها على تجميع الضوء، مما ينتج عنه ضعف في مستوى الرؤية. القرنية تتمدد أكثر ويبدأ تمدد القرنية عادة في سن البلوغ وقد يكون التمدد بسيطاً، وقد لا يلاحظ المريض أية أعراض عدا بعض المشاكل في الرؤية الليلية وبالذات القيادة ليلاً، ثم يزداد التمدد فيحتاج المريض إلى لبس النظارة ولكنه يلاحظ بعد فترة من الوقت أن مقاس النظر يتغيّر باستمرار وأن كل طبيب عيون يعطيه وصفة مختلفة، بل إن الأمر يصل إلى أن الرؤية حتى مع النظارة ليست بجيدة. في هذه المرحلة يتم اكتشاف المرض، حيث يبيّن التصوير الطوبوغرافي للقرنية وجود تغيّرات تؤكّد تشخيص المرض ولكن المرض قد لا يتوقف عند هذه المرحلة.. ففي حوالي 20% من المرضى تستمر القرنية في التمدد حتى تصبح الرؤية ضعيفة جداً. عدسات صلبة! ولذلك قد يضطر الطبيب في هذه المرحلة إلى استخدام العدسات الصلبة وذلك لإجبار القرنية على أخذ الشكل القريب من الطبيعي. وقد يتمتع المريض برؤية جيدة بعد لبس العدسات الصلبة تمكنه من الرؤية بوضوح ولكن وخصوصاً في بلادنا وبسبب قسوة المناخ فإن هناك نسبة لا يُستهان بها من المرضى لا تستطيع مواصلة لبس العدسات الصلبة. ونقطة الضعف الأخرى بالنسبة للعدسات أنها لا تمنع تقدم المرض.. فبعض المرضى يستمر تقدم المرض لديهم رغم لبس العدسات، وقد ينتج عن ذلك تكون بياضات (سحابات) في وسط القرنية تسبب نقصاً شديداً في الرؤية وعند هذه المرحلة لا يصبح لدينا خيار سوى زراعة القرنية. هذا كان استعراضاً موجزاً للتطور الطبيعي لمرض القرنية المخروطية سنحاول في السطور التالية إلقاء الضوء على العلاج الأحدث لإيقاف تقدم المرض. فكرة العلاج بالكروس لينكنج CXL تتلخص فكرة العلاج في تشبيع أنسجة القرنية بمادة الرايبوفلافين (Riboflavin) وذلك لمدة نصف ساعة يتم خلالها تقطير هذه المادة على سطح العين بكثافة (نقطة كل عدة دقائق لمدة نصف ساعة)، بعد ذلك يتم تسليط الأشعة فوق البنفسجية (Ultra violet rays) على سطح القرنية لمدة نصف ساعة أخرى فيحدث تفاعل بين الأشعة والمادة الكيميائية يؤدي الى تقوية الروابط بين الأنسجة وبالتالي يزداد تماسك القرنية (Corneal Hysteresis). عملية لوقف الضعف إذاً نحن أمام عملية ليس الهدف منها تخليص المريض من عناء لبس النظارة والعدسة بقدر ما هو الهدف منها أن نوقف الضعف التدريجي الذي يصيب القرنية المخروطية ونحاول مساعدة المريض على أن يتمتع برؤية جيدة وعلاجه قبل أن يستفحل. أمر آخر ينبغي مراعاته عند الحديث عن عمليات (كروس لينكنق) وهو ضرورة توفر باقي الاشتراطات المطلوبة لنجاح العملية وأهمها أن تكون سماكة القرنية لا تقل عن400 مايكرون، وأن تخلو من عتامات أو سحابات أو جفاف شديد. 3 دقائق فقط للعلاج ومن المشاكل التي كانت تواجه المريض والطبيب طول العملية، فالمريض تبقى عينه مفتوحة لأكثر من نصف الساعة لتلقي العلاج الضوئي، مما يتسبب في كثير من الألم والإجهاد، ومن هنا جاءت هذه التقنية الجديدة التي اختصرت مدة العلاج بصورة كبيرة من ثلاثين دقيقة إلى ثلاث دقائق فقط. العلاج الضوئي المُسَرَّع هي نفس خطوات العلاج الضوئي الكيميائي التقليدية ولكن مع اختصار كبير في الوقت، مع تغيير قوة الطاقة المنبعثة من الأشعة فوق البنفسجية من 3 مللي واط/ سم مربع إلى 30 مللي واط/ سم مربع، نتج عنه اختصار الوقت من ثلاثين دقيقة إلى 3 دقائق، وبالتالي إنهاء معاناة المريض والطبيب عند إجراء هذا النوع من العمليات. يعزّز الآخرين ختاماً.. بقي أن نعرف أن العلاج الضوئي الكيميائي غالباً ما يستخدم مع علاجات أخرى لعلاج القرنية المخروطية وذلك حسب مستوى المرض وخصائص القرنية المراد علاجها، والجدول على اليسار يبيّن أهم هذه الاستخدامات. د. وليد الطويرقي / استشاري أول طب وجراحة العيون