- لست أدري كيف يُغيّب صوت (حداء) القبائل في الثورة السورية المجيدة ضد حكم متسلط امتطى ظهر الحزب ليوصله إلى عصابة أصبحت الآن هي التي تسيطر على أجمل وطن في العالم العربي، بل أجمل أرض بمقدورها أن تكفي كل العالم العربي من الزاد والخير والورد، أقول لست أدري كيف يُغيّب الإعلام العربي أصوات المعارضة النبيلة من أبناء وشيوخ القبائل، ويركِّز على معارضين هامشيين ليس لهم أي دور في تاريخ النضال السوري، على الرغم من أن العالم العربي يعرف وفي صفحاته الرائعة أن القبائل العربية - النجدية الأصل - هي التي كانت السيف المشهر والشوكة المؤلمة في حلق أي استعمار حلَّ بالمنطقة، منذ حكم العثمانيين وحتى زوال ذلك الحكم، إذ كانت القبائل العربية في صدام مريع معه وكانت إذا حلّت بأطراف الشام، تستطرد حتى تقوده إلى فيافي (الحماد) في شمال الجزيرة العربية، حيث الموت والتهلكة نظراً لقلة مصادر المياه وندرة الموارد وصعوبة جغرافيا الحماد لمن لا يعرفها جيداً. - وكذلك كانت القبائل تفعل إبان الحكم الفرنسي (البغيض) الذي حاول فصل هذه القبائل العربية عن الشأن السوري باعتبارها قبائل (نجدية نازحة)، بل أصدر ذلك الاستعمار (قانوناً خاصاً - بالعشائر!) يختلف عن القانون المدني المعمول به في سوريا وقد انتفضت تلك القبائل على الفرنسيين في الوسط والشمال بينما انتفضت القبائل الدرزية العربية في الجنوب، والكل يعرف مساندة الموحّد العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيَّب الله ثراه- للثورة السورية التي انضوت تحت عباءة الشيخ سلطان الأطرش، تلك الثورة التي تذكّرنا بالشرارة الأولى للثورة الحالية - التي انطلقت من الجنوب أيضاً - وتحديداً من درعا الباسلة لمجرد أن ممثّل الحزب هناك تلفظ بلفظ بذيء يمس شرف العربي الأصيل، وهكذا اشتعلت الثورة في أرجاء سوريا لتنتفض حمص هي الأخرى لأن تركيبة المجتمع الحمصي تشمل أبناء القبائل وأبناء العائلات الحمصية النبيلة (سواء أكانت مسيحية أو مسلمة على حد سواء) ولذلك لا نستغرب أن نسمع أن أول عسكري يعلن انشقاقه عن الجيش الأسدي هو المقدم (فيصل العنزي) قائد كتيبة الدبابات في المنطقة الوسطى ثم تتالت بعده إعلانات الانشقاق وتشكيل الجيش السوري الحر. ولعل أول من أعلن معارضته السياسية والوقوف مع الثورة وعلى رؤوس الأشهاد هم الشيخ (عبد الله الملحم) من قبيلة عنزة، والشيخ (ملحم القعيط) من قبيلة شمر العريقة وشيخ قبائل البكارة المناضل العنيد نواف البشير والشيخ أحمد وعوينان العاصمي الجرباء ومحمد السلامة الشعلان وغيرهم.. وغيرهم من شيوخ القبائل العربية في سوريا العرب كشيوخ الحديدين والموالي والفواعرة والنعيم والجملان، والعقيدات والجبور والعفادلة وهنا قد يقول قائل: ولماذا يثور زعماء القبائل؟ قبل غيرهم فذلك يعود إلى أن هذا النظام الغاشم (البعثي) قد صادر أراضيهم وأهان قبائلهم وجعل من مراعيهم الصحراوية محميات يستغلها ضباطه لزراعتها لصالحهم وممارسة الصيد في تلك المراعي وبالتالي أجبر أفراد تلك القبائل على الهجرة المعاكسة نحو الجزيرة العربية باعتبارهم من القبائل النجدية النازحة إلى بلاد الشام ناسياً أو متناسياً ذلك النظام نضالات تلك القبائل ضد الحكم العثماني والاستعمار الفرنسي ليصمهم دوماً بأنهم أذناب الاستعمار (!!) والموالون دوماً لحكم ابن سعود، ناسياً ذلك النظام أن ابن سعود أي الموحّد العظيم عبد العزيز هو الداعم الرئيسي للثورة السورية ضد الفرنسيين بقيادة سلطان الأطرش. ... ونكمل لاحقاً