لكل جديد نظرة ولذة ورونق، يسحب بها الأضواء عن كل قديم؛ وبالتالي فلا لوم ولا عتب على من أخل بالعهد مع القديم، وانحاز مع الجديد، وهذا ما وقعت فيه منذ مدة يسيرة مع معشوقة أخرى وجدت نفسي معها أقضي الدقائق المعدودة مهمشاً المعشوقة الأولى بلا إرادة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وأستميح العذر من الأولى؛ فهكذا حال العشاق والمحبين! وحتى لا يُساء الظن سأعلن اسم هذه المعشوقة الجديدة أمام الملأ، وعن هذه الحسناء الفتية التي صرتُ مرتبطاً بها منذ مدة ومع إطلالتها الجديدة، إنها إذاعة «نداء الإسلام»، هذه الوليدة الجديدة، فقد ظهرت منذ سنوات طوال في وقت يسير من إذاعة البرنامج العام، لكنها ظهرت بحلتها الجديدة، وعلى أمواج جديدة، فكان القلب ميالاً معها شغوفاً بها؛ فلا أركب السيارة إلا وتتجه الأصابع نحو مفاتيح التشغيل لجهاز الراديو حيث شدتني هذه الإذاعة بحسن اختيارها لموضوعات قديمة من أرشيف الإذاعة العامة، وإذاعة البرنامج الثاني، وإذاعة القرآن الكريم من قراءات متنوعة للقرآن الكريم، ودروس التفسير، والمواعظ العامة قديمها وجديدها، بل إني أنتظر في السيارة حينما أصل إلى الجهة التي أريد الوصول إليها حتى ينتهي البرنامج الذي أستمع إليه. وبين المعشوقة الأولى «إذاعة القرآن الكريم» والمعشوقة الثانية «إذاعة نداء الإسلام» أتمنى أن تكون العلاقة علاقة ضرتين متنافستين على قلب المستمع، وليست علاقة الأصل والفرع إذا ما أرادتا جميعاً النجاح، وحتى لا يعرض عنهما قلب المستمع إلى عشيقات أخرى، ولاسيما في زمن الفضائيات. وأتمنى أن يكون التنافس بين الفتاتين على أشده، وسيكون المستفيد هو المستمع حينما تحرص كل «عشيقة» على إبراز ما لديها من محاسن وجماليات تسرق لبه، وتلفت انتباهه. أما إذا كانتا على حال واحدة وصورة واحدة فإن النفور منهما جميعاً سيكون حتمياً لا محالة! إن إذاعة القرآن الكريم وإذاعة نداء الإسلام سيكون لهما القبول - بإذن الله - من المستمعين والمستمعات، ليس في بلادنا المباركة (المملكة العربية السعودية) فحسب، بل سيتعدى ذلك لكل المسلمين في بلدانهم أو في البلدان التي يعيشون فيها بوصفهم جالية مسلمة أو أقلية مسلمة؛ فأنظار وقلوب المسلمين تتجه لبلادنا (مكةالمكرمة) وتتلهف قلوبهم معها إلى (المدينةالمنورة) وكل ما يصدر عنهما من خير، وفيهما الخير كله بإذن الله، ومن ذلك الإشعاع الطيب لصوت القرآن والسنة النبوية والكلام الطيب المفيد والمنهج السليم والمعتقد المستقيم بما يعزز المكانة والمحبة لهاتين الإذاعتين في قلوب المسلمين عامة. لقد خرجت إذاعة القرآن الكريم في الآونة الأخيرة ببرامج تطويرية في الإلقاء والعرض والأسلوب، وخرجت من إطار التقليدية في برامجها إلى البرامج الحوارية المباشرة والعروض المتميزة على الهواء صباحاً ومساء؛ ما عزز من تأثيرها وارتباط المستمعين بها؛ لذا فإن على إذاعة نداء الإسلام ألا تكون مماثلة لإذاعة القرآن الكريم، بل يجب أن تكونا متنافستين لتقديم المتميز بصورة إعلامية مناسبة، ولا يعني التنافس في المضمون، بل في العرض والأسلوب والجذب، وإلا فكلتاهما مكملة للأخرى وتؤدي رسالة واحدة. وإنني متفائل بهذه الفتاة بأن تكون ذات حضور متميز في الفضاء الإعلامي الإسلامي لبدايتها القوية، ومتفائل أيضاً بأن يكون ظهورها حافزاً ل»ضرتها» الأولى إذاعة القرآن الكريم أن تحاول المحافظة على مكانتها في القلوب، وألا تسرق منها الأضواء. إننا نتمنى لكلتا «المعشوقتين» المزيد من الحضور والبهاء والطلة الجميلة بما تأسران به القلوب، وتستحوذان به على الأفئدة، وأن تملكا اللباب والعقل فلا يُلتفت لغيرهما. والله المستعان.