مؤلم جدا أن نشاهد حالات رياضية إنسانية، أو نقرأ عن سيرة نجوم سابقين كانت لهم صولة وجولة خاصة ممن بلغت شهرتهم الآفاق وكانوا في ماضيهم الجميل يرفعون علامة النجاح والفلاح في ساحة الانتصارات، ويجذبون الابتسامة والابتهاج لمحبي وعشاق الكرة من أقصى تفوقهم الرياضي والسلوكي، وبعد توديعهم الملاعب وتوقفهم عن الركض في الميادين التنافسية، إما بسبب تقدم العمر أو مداهمة غول الإصابات الخطيرة التي كتبت نهاية بعض المواهب الكروية باكراً،.. أصبح معظم اللاعبين السابقين ضحية لنظام رياضي جائر وحائر وثائر. لم يشفع لهم في إيجاد أو ضمان حياة عفيفة وكريمة أو يمنحهم أبسط حقوقهم الإنسانية المتمثلة في الحق المالي والعيش الكريم مثل ما يحدث في معظم دول الجوار ، بل إن بعض اللاعبين السابقين وجدوا أنفسهم مقذوفين في أحضان الظروف المعيشية والاجتماعية والصحية والنفسية وإرهاصاتها المؤلم! وبالتالي كانوا ومازالوا ينتظرون شمس الأمل تشرق عليهم من جديد تعيد لهم توازنهم المعيشي واستقرارهم النفسي وهدوءهم الاجتماعي. قبل أيام عاد المهاجم الدولي الشهير ناصر الدوسري ( سدوس). نجم الرياض السابق للظهور من جديد عبر البرنامج التاريخي (سيرة) الذي تعرضه القناة الرياضية السعودية ويقدمه الزميل الرائع عبدالله الحصان متحدثا عن تجربته الرياضية وتاريخه الكروي الذي تجاوز العقدين من الزمن قاد «مدرسة الوسطى» للفوز ببطولات الذهب قبل 17عاما لأول مرة في تاريخ النادي العاصمي العريق وقد (لبس) في لقائه التاريخي الفضائي (شماغ) الهموم الإنسانية القاسية و(عقال) العيش المرير و(طاقية) البطالة وإرهاصاتها الاجتماعية، وهو الذي يعول زوجتين وثمانية أطفال، ويقبع في بيت مستأجر، حتى أن المذيع الحصان انبرى وعلى الهواء قائلا إن النجم ناصر الدوسري جاء للاستديو على( ليموزين)!!، كاشفا ساق ظروفه المعيشية المحزنة وأحواله المادية المتردية التي تتكئ على أرضية «البطالة»وأوجاعها الوجدانية المؤلمة. فأذرفت دموع النجم الخلوق بعد مداخلة عضو الشرف المعروف (ماجد الحكير) متحدثا عنه، وهو أي -الحكير- الذي سبق وأن وعد بإقامة حفل تكريم لنجم المدرسة الشهير، تقديراً لتاريخه الرياضي المشرف، ووفاء لتضحياته وخدماته وإسهاماته الإنجازية مع عشقه الأزلي (الرياض). خصوصا وأن سدوس، حينما كان في (عز نجوميته) رفض كل عروض الانتقال إلى أندية داخلية وخارجية، عروضاً كانت تسيل لها لعاب نجوم الأمس الرياضي، غير أن هذه الوعود الشرفية ذهبت مع الأسف إلى دولاب النسيان لتسكن في صف الجحود والنكران دون أن تكون هناك مبادرة وفائية ولمسة عرفانية من رجالات المدرسة، تجاه نجمهم الشهير، الأسير لظروفه المادية وهمومها الموجعة، تعيد له التوازن المعيشي والاستقرار النفسي والاعتدال الاجتماعي. وأمام هذه الحالة الإنسانية الرياضية التي قدمها برنامج سيرة في قالبها الإنساني، ربما يكون رئيس النادي السابق، وعضو شرفه الأبرز (تركي آل إبراهيم) خير من يتفاعل ويتجاوب مع دموع ومعاناة المهاجم الدولي (ناصر سدوس) وتكريمه، حتى (لو) كان هذا التكريم أو مهرجان الاعتزال مهرجانا داخليا مع أحد أندية الرياض الجماهيرية، يضمن على أقل الأحوال ريعا مناسبا ومردوداً مالياً يخفف عنه الأعباء المادية وتنتشله من قسوة ومرارة الأوضاع الاجتماعية المعيشية المتكالبة فالعقل المستنير (آل إبراهيم) الذي دفع من جيبه الخاص -أبان رئاسته - أكثر من ستة ملايين ريال دعما للنادي العاصمي، وقاده للمنافسة بقوة على الصعود في الموسم الفائت لولا خسارة المدرسة الأخيرة إمام الشعلة. يملك رصيداً كبيراً من الحس الإنساني والأصالة العرفانية والشهامة الوفائية والتفاعل الكريم، ربما يلمع اسمه في مضمار المبادرة وأخذ الزمام والهمام وإعلان تكريم نجم المدرسة الاستثنائي ناصر سدوس. فهل يسجل الرئيس السابق هدفا نبيلا في شباك النجم المعتزل الكبير؟!