الخبر الذي نشرته الجزيرة أول أمس السبت والذي يتضمن تحذير الملحقية الثقافية في أمريكا للدارسين السعوديين وكذلك الدارسات من أن يكونوا عبر دراساتهم وسيلة للإساءة لبلادهم هو تحذير في محله ويتطلب الاهتمام والمتابعة لحساسية الأمر وخطورته خاصة أن الاستبيانات والاستطلاعات لا تجد اهتماما ومصداقية في إجابة تساؤلاتها من قبل المستطلعين كما أن كثيرين يجيبون وفق توجهاتهم وليس وفق ما هو حادث فعليا كما أن الدارس وفي ظل صعوبة الحصول على المعلومات إلا بزيارات متكررة للبلاد ومخاطبات رسمية- وهذا طبيعي- فإن كثيرين للأسف يختصرون هذه الخطوة الصعبة بإعداد إحصائيات وتعبئة استبيانات وهمية وهو ما نجده عند دارسي الداخل فما بالنا بدارسي الخارج الذين يصعب عليهم التردد على البلاد. هدف الدارس التخرج والعودة ، ولا يدري أنه يترك هناك في سجل بلاده ندبات وقروحا لا تنبري ! المطلوب من الملحقية هو التشديد على أن يكون الإطار التطبيقي للدراسة التي يتصدى لها المبتعث هو في بلد المنشأ للجامعة وليس في بلد الطالب، وفي ذلك فرصة مهمة لتعرف طلابنا على تجربة البلاد التي يدرسون فيها من حيث سير العمل وطبيعة الحياة وسلم القيم العملية ومواضع الجدارات والقوى الثقافية التي تصنع النجاحات مما يتيح للدارس خبرات مهمة ينقلها للمنشأة المتماثلة داخل بلاده. سبق ووقعت السعودية في إحراجات من جراء إحصاءات من مراكز بحثية تجارية تبحث عن الشهرة ولها أهدافها المؤدلجة مثل إحصائية أن 90%من السعوديات يواجهن عنفا جسديا أو أن 99% من السعوديات لا يردن قيادة السيارة أو أن 95 % يفضلن البقاء في المنزل وغيرها من الإحصاءات التي لا تدعمها أسانيد صحيحة. كما لا ننسى أن بعض الذين يتلقون تعليمهم على حسابهم الخاص يقعون بغير قصد في مثل هذا لصعوبة دخولهم القطاعات الحكومية في الداخل فيلجأون إلى الحصول غير الشرعي على المعلومات وفي الغالب تكون ناقصة أو يلجأون للتزوير والتضخيم. الحاجة ملحة في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى إلى مركز وطني يتأسس بمواصفات عالمية ويأخذ بعدا إعلاميا وحيزا علميا ويمثل بنكا للمعلومات والإحصاءات، وضابطا رصينا للاستطلاع وقياس الرأي العام وميسرا للدارسين والباحثين الحصول على المعلومات وتنفيذ الاستطلاعات على عينات حقيقية وجادة مما يسهم في صحة الاستقصاء ومن ثم دقة الاستنتاج التي تؤدي إلى الوصول إلى توصيات مهمة في الدراسة تترك أثرا كبيرا في المسار التنموي وكذلك في السمعة العلمية.