لا يقاس نجاح أي بلدية بما تقوم به من إنجازات ومشروعات كمالية، فالمواطن يهمه بالدرجة الأولى البنية التحتية السليمة، فيرى الاهتمام بالطرق والعناية بها، والنظافة والمحافظة عليها هي أهم شيء، ثم يلتفت فيما بعد إلى الأشياء الأخرى التي تزيد من جمال المحافظة، وتظهرها بمنظر رائع إذا ما قورنت بمثيلاتها من المحافظات. ولعل ما تقوم به بلدية محافظة الزلفي من جهود تشكر عليها، فهي تعمل بدأب على كثير من المشروعات التي تزيد المحافظة جمالاً وبهاء، فاعتنت بزخرفة الأرصفة وتلوينها، واهتمت بالتشجير و الزراعة، وأولت عناية فائقة للمناظر الجمالية، فتلك نافورة السيارة، وذاك أكبر فانوس، ولكنها في الحقيقة أهملت ما هو أهم من ذلك، فالشوارع ما بين حُفَرٍ تجذب المركبة ونتوءات ترفعها، والحفريات لا تكاد تنتهي، أضف إلى ذلك بطء في التنفيذ وعدم إتقان العمل. تغيب عن المحافظة زمناً وترجع إليها فتجد كثيراً من التطوُّرات والتغيُّرات، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يتغيّر فيها تلك الشوارع المليئة بالحفر، والحفريات والتحويلات التي ملأت الشوارع، فغيرت المعالم، وشوّهت المحافظة، وفي النهاية لا تنتهي من تلك الأعمال إلاّ وتجد أعمال الصيانة قد بدأت بعد فترة وجيزة من ذلك العمل. صحيح أنّ المناظر والعناية بها أمر لا بد منه، وهي تبهر الناظر؛ لكنها لا تلهي المواطن عما هو أهم، فسلامة المواطن في نفسه ومركبته أهم من أي أمر آخر، فأي شيء يعني المواطن إنْ كان الشارع مزخرف الأرصفة إذا كان غير مرتاح في ممشاه على سيارته، فلا يخرج من مطب طبيعي إلاّ ويقع في مطب صناعي. وأنت تسير في المحافظة وتتأمّل شوارعها وتنظر في مطباتها الطبيعة والصناعة تتذكّر شيئاً واحداً فقط إنه وجه المجدور. فلا تكاد تخرج من شارع محفور إلاّ وتجد شارعاً أشد منه حُفَراً، وما تقوم به البلدية في أكثر الشوارع إنما هو عمليات ترقيع، تحاول يائسة معها إصلاح الفاسد منها، فغدت كالعجوز التي تدس إلى العطار سلعة بيتها ليُصلح ما لَحُب من جنبيها وما احدودب من ظهرها وما هو بقادر. بعض الشوارع أعيد رصفها من جديد، ووضع في ظهر الرصيف المحسنات والملوّنات التي تلفت النظر، ولكن إذا سرت مع هذا الشارع فأنت تتمنى أنه ترابي لم يسفلت، إذ إنّ الشارع الترابي سيكون أكثر راحة منه.