النقد مهم وضروري لتعديل ما كان مائلا حتى يستقيم، وتقويم ما كان ناقصاً حتى يكتمل، لا نعني من هذا المفهوم أن نلغي دور العاملين والمجتهدين عندما نُواجههم بأخطائهم - بل على العكس تماماً- إنما يجب أن نتفق على وجود مصلحة مشتركةٍ تجمع الناقد والمنقود، ووجود هدف ينشُدُه الجميع بدافع الحب والولاء للقيمة المقدَّمة التي هي نتاجُ هذا العمل ومقدار أهميته للمجُتمَعَ. ونحن في المجال الرياضي نُدركُ جيداً أننا أمام مجالٍ خصبٍ ومتشعبٍ في أهدافه وخصائصه، ولا يمكن أن ترى فيه عملاً متكاملا يرتقي لكل الطموحات؛ لأنها عملية نسبيَّة يصْعبُ تحديدهُا، فهناك من يتوقف طموحه عند نقطة معينةٍ، ويكتفي بذلك، ولا يجدُ جديداً ليُضيفَه، والأمثلةُ على هذا الأمر كثيرة، وما دام الأمر متعلقا بالرياضة في هذه الزاوية، فلا ضير من أن نستشهد بحديث بعض النصراويين ممن يؤثرون على القرار وربما - هم من يصنعونه أحياناً - فعندما تسألهم عن سرَّ توقف إنجازات النصر؟ يكون الرد - ولا أعلم هل هو من باب الغرور، أو السخرية من غيرهم-: (نحن وصلنا للعالمية)! ولا يوجد طموح أبعد من هذا في تاريخ كرة القدم! وعندما تقول لهم يوجد ما هو أهمَّ، وهو: المحافظة على القمة وتاريخ البطل وأن يكون هذا الأمر محفزا حتى تعودوا بطموحاتكم حيث كنتم! يكون الرد: بالطبع يعتبر لكن ماذا بعد؟ بالتأكيد يوجد بعد! إنجازات وتاريخ مُشرفٌ، ونقطة ما بعد العالمية هي الأهم، ولعل هؤلاء هم من يشكلون نكسات النصر الماضية واللاحقة، وإلا فما معنى أن تقرر إدارة النادي الاحتفال بمرور 10 سنواتٍ على الوصول للعالمية؟ في الهلال الحال ذاته، فعلى المستوى الآسيوي، هم زعماء القارة بعدد البطولات، ولا أحد يُنُكر ذلك، وذات السؤال يتكرر، لماذا أنتم غائبون عن المشهد الآسيوي؟ فيكون الجوابُ قريبا من جواب الجار (نحن زعماء القارة)! ولا يوجد من ينافسنا! ونحن نادي القرن بكل مكتسبات هذا المسمى، ولا يوجد طموح أكبر من هذا! من كل ما ذكرت أُقدمُ أمراً مهماً يتعلق بقضيتين أشغلت الوسط الرياضي في الأيام السابقة: القضية الأولى: حال الأخضر وحظوظه في المنافسة على بطاقة التأهل. والقضية الأخرى: لجنة الانضباط ولوائحها الجديدة. وسأتناول القضيتين من منظور واحد يعتمدُ على الطموح والرغبة في مواصلة الإنجازات، وعودة الكرة السعودية إلى سابق عهدها، كضلع أساسيّ، ومنافس قويٍّ على مستوى القارة، فالطموح هنا لا يمكن أن يتوقف عند عدد المشاركات في كأس العالم، والنقد أيضا لا يصلُ لمرحلة السخرية، إلى درجة أن يخرج من يتمنى عدم تأهل الأخضر! ليس عيبا أن نتراجع، ولكن العيب أن تتوقف طموحاتنا، ورغبتنا بالعمل تتضاءل، ونقبل أن يتجاوزنا غيرنا، ويصل إلى تلك القمة التي تربعنا عليها ذات يوم، هنا العيب ومِن هنا يأتي التراجع! هناك من سخر من المنتخب، لأنه لم يستطع أن يتجاوز عمان وتأكيد التأهل، وهناك من سخر من عمل رجال كُلفوا بوضع ضوابط ولوائح جديدة لمسابقاتنا، وكان حرياً بنا أن نقدم لهم يد العون، وأن ندعم عملهم بنقد بناء، فالأخطاء واردة وهي من سمات البشر منذ أن خلق الله سيدنا آدم، فكيف بنا أن نعالج أخطاءنا بالسخرية؟! ثم نقول للعالم: ليست سخريةً، ونحاول استدراك الأمر، حتى لا يقال لساخر وقعت في المحظور! رأس الهرم الرياضي الأمير نواف بن فيصل يتعامل مع الجميع بمنتهى الشفافية، ويعلم الله ليس فيما أقول رياء أو تملق، فبوادر العمل التي أشاهدها تفرض على كل منصف أن يقول هذا. كنت في السابق أخشى على هذا الشاب الطموح من حجم المسؤولية، خصوصا والرياضة السعودية في أسوأ حالاتها، لكن الأيام كشفت مقدرته على تقديم الحلول، وحنكته في اتخاذ بعض القرارات، بدليل تدخله في إيقاف العمل باللوائح الجديدة. دمتم بكل خير..