هي فكرة متاحة لكل إنسان إلا أن خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زرعها وأرساها في مجتمع هذه البلاد بشكل علمي ومتجذر بل إن ما تم من ترتيبات تتسم بالسلاسة والقبول في بيت الحكم في الآونة الأخيرة يدل على نجاح نظريته في اعتماد الحوار في كل متطلبات حياتنا. فلما أطمأن إلى قبولها من الأطراف الشعبية في الداخل وسع مدارها وأطلقها كفكرة عالمية وقد لمسنا جميعا قبولها من جميع سكان المعمورة بشكل مذهل وهي بلا شك منطلق لتفاهمات هامة سيكون لها نتائج باهرة بين شعوب الأرض بكل تفرعاتها ودياناتها وطوائفه المختلفة وهي دعم كبير للدين الإسلامي وتأكيد بأنه دين المحبة والسلام وأنه ليس منغلقًا على نفسه ولا يؤمن بالعنف بل بالحوار والتآخي والتفاهم وبأنه دين الرحمة ودين حقوق الإنسان التي أخذ بها ديننا قبل أن تشرع ذلك هيئة الأممالمتحدة بأكثر من ألف عام. لقد جاءت دعوة الملك عبدالله في وقتها وعبر قنواتها الصحيحة مثل رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرهما من المنظمات الأخرى ثم إن اختيار مكةالمكرمة مهبط الوحي التي يتجه إليها كل مسلم وفي كل مكان تصديقًا لحسن النوايا المخلصة للأمم جمعاء. إن هذه الدعوة الكريمة الصادقة والصادرة من قلب مخلص من أجل خير البشرية جمعاء لم نفاجأ بها فالملك عبدالله لديه أرضية إنسانية في شخصية ينطلق منها فلا يستغرب أن تصدر مثل هذه الدعوة منه التي تجمع ولا تفرق كل شعوب الأرض وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. إن هذه البلاد موفقة في مثل هذه الدعوات منذ المؤتمر الأول الذي جمع المسلمين كافة والذي دعا إليه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في مكةالمكرمة ثم بعد ذلك دعوة التضامن الإسلامي التي أطلقها الملك فيصل بن عبدالعزيز أيضاً من مكة ثم يأتي نداء الملك عبدالله لطرح الحوار مخرجاً للجميع من جميع الأزمات والاختلافات التي تعيق مسيرة الأمة الإسلامية وكل أمة على وجه هذه الأرض. إن هذه الدعوة المباركة على أرض مكة الطاهرة هي المخرج الحقيقي من كل المشكلات فعلينا أن نحافظ عليها وأن نجعل منها نبراساً يضيء لنا طريقنا في هذه الحياة حتى نستطيع أن نتعايش مع الجميع من حولنا. نبارك هذه الخطوات وهذه النتائج لهذا المؤتمر والتي نصت من ضمن بنود كثيرة على إنشاء مركز الملك عبدالله للحوار الدائم بين الأمم والذي سيفزع إليه الجميع عند كل ملمة أو اختلاف. أبعد الله الخلاف عن هذه الأمة وهذا الإنسان أينما وجد. إن الجميع يتمنى على خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- أن يجمع العرب - كل العرب - في رحاب مكةالمكرمة في حوار واضح وصريح يحفظ عليهم بلدانهم وأنفسهم قبل فوات الأوان وقبل أن تلعب بهم رياح الأحلاف والفرقة والتشتت والتشرذم.. وقانا الله من تلك الآفات.