فقدنا بالأمس القريب شخصية استثنائية وفريدة من نوعها، رجل دولة من الطراز الأول، إنه أمير الإنسانية والخير والعطاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله. فقد كان سموه وكما عرفته عالي الهمة، صلب الإدارة، سامق القامة في أعمال الخير والتي ليس لها حدود، في صدره مساحات لا تتسع إلا لأعمال الخير والبر وللحب والإنسانية في داخل الوطن خارجها، فهو كما وصفه شقيقه وأخوه الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع بأنه (مؤسسة إنسانية قائمة بذاتها، ومؤسسة خيرية. فأعمال سموه - رحمه الله - تتحدث بلغة الإنجاز والإعجاز. وأياديه البيضاء وأعماله النبيلة تعكس نبل الإحساس وصدق المشاعر، وحياة الأمير سلطان بن عبدالعزيز كانت وحتى الرمق الأخير حافلة وزاخرة بالنشاط والحيوية والعمل الدؤوب، وحافلة بالإنجازات والأعمال والمتابعة والمثابرة، وهي مسيرة طويلة أمضاها بكل جد واجتهاد وإخلاص، وكان بحق شخصية بارزة ومؤثرة لها وقعها وأثرها العميق والفاعل منذ أن تولى أول المناصب القيادية في الدولة حيث عينه والده الملك عبدالعزيز أميراً لمدينة الرياض بعد أن توسم فيه النباهة والفطنة والذكاء منذ الصغر، ثم تقلد عدداً من المناصب الوزارية، فقد عين وزيراً للزراعة ثم المواصلات ثم وزيراً للدفاع والطيران ومفتشاً عاماً فكانت أعماله وإنجازاته خير شاهد لرجل الدولة وصاحب المبادرات الإنسانية المتجددة وكان مثالاً يحتذى به من طاعة ولاة الأمر من ملوك الأسرة السعودية الذين عاصرهم، ولقد كان حاضر الابتسامة لا تفارقه أبداً فهو أمير الابتسامة لا يملك كل من عرفه من قريب أو بعيد إلا أن يفسح له مساحة واسعة في قلبه من المحبة والتقدير، وقد تشرفت مراراً بلقاء سموه وعرفت فيه القائد ولمست فيه الإنسان وتلمست محبته لعمل الخير وعرفت من سموه الحكمة والتروي وسعة الأفق وعمق البصيرة وجرأة وشجاعة القرار، وحضوره كإنسان ودود، عرف بالسماحة والتواضع والأدب الجم والإيمان بالله، وهي جميعاً فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده، وإذا كان الأمير سلطان بن عبدالعزيز قد غاب عن دنيانا الفانية، فإن أعماله وذكراه العطرة سوف تبقى خالدة بالدعاء له بأن يسكنه الله فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء لما قدمه - رحمه الله - من أعمال جليلة لأمتيه العربية والإسلامية ولوطنه ومواطنيه. والكل شاهد ورأى مدى الحب الكبير الذي اجتمع من كل مكان من أرجاء المملكة في يوم وداعه والصلاة عليه وأيضاً تلك الوفود الغفيرة التي جاءت من كل مناطق المملكة ومحافظاتها للعزاء في فقيد الوطن سلطان.. إنه مجموع الحب المتدفق الذي اجتمع على محبته حياً وميتاً وهو الذي صنع الحب بداهة وعلى مدى سنوات عمره التي قضاها محباً لوطنه ومواطنيه سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الفقيد الغالي بواسع رحمته ومغفرته وأن يلهمنا جميعاً الصبر والسلوان وأن يوفق صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وأن يسدد خطاه ويوفقه لإكمال المسيرة. محمد بن عبدالعزيز الجميح - رجل أعمال