تعيش بلادنا هذه الأيام حالة استثنائية بين وبين، بين فقد رمز من رموز الوطن (سلطان الخير) وتعيين ولي عهد جديد (نايف الأمير) تقبل الوطن قضاء الله وقدره بالتسليم؛ فعوضه الله بالرجل الأمين، فكان خير خلف لخير سلف، وتلك حكمة ربانية أراد بها الخالق حفظ هذا الوطن وديمومته خدمة للإسلام والمسلمين في أنحاء المعمورة، كان الملك عبدالله صادقاً مع خالقه - كما قال الأمير نايف - في السراء والضراء، ومع وطنه وشعبه؛ فهيأ الله له طريق الرشاد وسدد أفعاله وأعطاه على قدر نيته، فكانت النتيجة، وقوع عينه على أخيه الأمير نايف ولياً للعهد، فتلقت الأمة هذا الاختيار بالقبول، وطار الشعب فرحاً، شاكراً المنعم الخالق على هذه النعمة الكبيرة؛ نعمة التلاحم والتوافق بين أفراد الأسرة المالكة، والتأييد المطلق من العلماء والشعب برمته على حسن الاختيار، مما يعطي مؤشراً قوياً لبداية مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار والبناء والعطاء لهذا البلد، بعيداً عن الثورات والأحداث المتلاطمة التي يشهدها العالم اليوم، حتى أصبحت بلادنا بفضل الله واحة غناء وعلامة فارقة في خارطة هذا لكوكب، وتأكيدا لخصوصيتها كتبت في هذه الجريدة القديرة، عن الأمير سلطان- رحمه الله- والأمير نايف وفقه الله المقالات الكثيرة - كما غيري، وهي بلا شك قليلة في حق هذين الرمزين؛ لكن ما دعاني لكتابة هذا المقال، ما شاهدته بنفسي من مشهد مبك، بكاء الفرح، يوم أن اجتمع الأمير نايف وبجواره سماحة المفتي بحضرة جمع غفير من الأمراء والعلماء والمواطنين الذين حضروا لمبايعة ولي العهد الجديد، مشهد مهيب، يتزاوج فيه الحكم مع الدين، يا جماعة الخير أعطوني على قدر عقلي، إن قلت لكم بأن هذا المشهد الذي جمع بين رمزين من رموز المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية في بلادنا؛ نقلني مباشرة لمشهد تحالف المحمدين؛ الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود رحمهما الله في بناء الدولة السعودية الأولى، لا شك أنه لقاء المحبة والخير على دروب السعادة والتآلف، يتجسد اليوم، وسبحان مكور الليل على النهار ومكور النهار على الليل، كلمتا سماحة المفتي والأمير نايف «المرتجلتين»، حملتا دلالات، تماشت بالتمام والكمال مع النهج الذي قامت عليه هذه البلاد منذ توحيدها على يد البطل المجاهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، سماحة المفتي أكد أن البيعة للأمير نايف، بيعة شرعية دينية، لا تقبل الجدل لأنها امتداد للنهجلنبوي وما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلفاء الراشدين، وخلفاء بني أمية والعباسيين، وما كانت عليه هذه البلاد منذ نشأتها، وتأكيد سماحة المفتي على أهمية السمع والطاعة وعدم التشكك أو التلكؤ، فيه دلالة على تمسك هذه الأسرة الكريمة بمعتقد أهل السنة والجماعة في أمر البيعة والعض عليها بالنواجذ، ومما يحسب لسماحته، وصيته لولي العهد الجديد بتقوى الله واللجوء إليه في الملمات والاستعانة به، وترحم سماحته على سلطان الخير، وحفظ فضل ووفاء الأمير سلمان لأخيه سلطان ووقوفه معه قلباً وقالبا في رحلته العلاجية حتى لقي وجه ربه راضياً مرضيا بإذن الله، أما الأمير نايف فاستهل كلمته بذكر سماحة المفتي مع أصحاب السمو والعلماء، وهذا له معنى يجير للمؤسسة الدينية، فقلب الأمير نايف متعلق بالله، وكأني بسموه يؤكد على تكامل المؤسستين السياسية والدينية وتوأمتهما، مما يقطع الطريق على من تسول له نفسه الوقيعة بينهما، وهي من وجهة نظري صفعة قوية في وجه المتربص بهذه البلاد، والأمير نايف بطبعه رجل متدين، تشهد له سيرته ومسيرته المشرفة وهو دائماً في حديثه يعتز بذلك، فلا غرو إن تمسك ووقف مع المؤسسة الدينية موجهاً وراعياً وداعماً،كما إخوانه البررة، والجميع يستذكر مقولته المشهورة في هذا الجانب «هذه الدولة سنية سلفية وبقاؤها مرهون بذلك» وقول سموه أنه اتجه بقلبه وحواسه لخالقه يسأله العون والسداد، حالة مطمئنة؛ بأن الله سبحانه، سيقف بجانبه ويحقق له ما يتطلع إليه، وهذا ينعكس على الوطن والمواطن بالخير والبركة، وعندما يلحظ المتابع، أن لسان سموه رطب بذكر الله على الدوام، يشعر بالأمان والاطمئنان، لم ينس سموه، سلطان الخير الذي أطلق عليه لقب (سلطان الفذ) وفيه دلالة على قمة الوفاء مع أخيه- رحمه الله-، بقي القول: إن العلاقة بين المؤسستين السياسية والدينية في بلادنا؛ علاقة تكاملية، لا ينفك احدهما عن الآخر، يحملان هماً واحداً، تؤازر الواحدة الأخرى وتقف معها في العسر واليسر وفي المنشط والمكره، وهذا سر حفظ هذه الدولة وبقاؤها قوية آمنة مطمئنة، مهيبة الجانب، لم يبق سوى دورنا، كمواطنين أوفياء - كما هو ظن القيادة بنا - باختلاف أطيافنا، أن نعي مسؤوليتنا أمام الله ثم أمام قادتنا الشرفاء الأوفياء، بحفظ هذا الكيان الشامخ من الخرق والاختراق، وندع الأبواق المسمومة التي لا تريد لهذه البلاد الخير، ونكرس وقوفنا صفاً واحداً بجنب قيادتنا الرشيدة، التي استطاعت بحكمتها وحنكتها، أن تجنب البلاد والعباد الكثير من الويلات وتنقلها إلى شاطئ البر والأمان بفضل الله، في عالم يعج بالثورات من حولنا، نعم لولي عهدنا الجديد نايف الأمير القوي الأمين - إن خير من استأجرت القوي الأمين... ودام عزك يا وطن. [email protected]