يتمنى أن تكون زوجة له، وتتمنى ان يكون زوجا لها، فهو مرضي الدين والأمانة، وحسن الخلق، وهي ذات الدين والنسب والجمال، ولكن من المستحيل ان يتم زواج بينهما، لماذا؟ لأنه من قبيلة وهي من قبيلة أخرى، وقبيلتها تختلف عن قبيلته، من حيث النسب والعادات، فعادات القبيلتين تمنع زواج مثلها من مثله، ومثله من مثلها، حتى ولو بقيت عانسا وبقي هو أيما! إنها من عادات الجاهلية، التي مقتها الإسلام، وحذر منها الدين، وجاء الشرع في تحريمها، وجعلها كبيرة من كبائر الذنوب، وحث على عدم وضعها في الاعتبار، يقول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله لن يسألكم عن أنسابكم ولا أحسابكم يوم القيامة، إن اكرمكم على الله أتقاكم)، إن الحكمة من جعل الناس شعوبا وقبائل هي كما ذكر الله عزّ وجلّ في الآية السابقة: (لتعارفوا) لا لتفاضلوا ولا ليحتقر بعضكم بعضا، وعلو النسب وثبوته أو عدمه ليس مقياسا لاختيار شريك الحياة، ولا ينبغي أن يكون مانعا لمشروع توفرت فيه الشروط الشرعية، ولو كان الأمر كذلك لما زوج الله عزّ وجلّ زينب بنت جحش القرشية الهاشمية، صاحبة النسب الثابت، والأصل المكين، من زيد بن حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن مثل هذه الأمور الجاهلية البحتة، لا ينبغي أبدا أن توجد في مجتمعات المسلمين، بين الذين يريدون الله والدار الآخرة، لأن فيها مخالفة صريحة واضحة لما جاء في الكتاب والسنة، يقول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب)، إنها ظاهرة خطيرة، منتنة كريهة قبيحة مؤذية، من جعلها شعارا له، ومبدأ لتعامله مع غيره، فإنه على خطر عظيم، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، فمن أنت لا أم لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام، فقال أحدهما: أنا فلان ابن فلان حتى تسعة، فمن أنت لا أم لك؟ قال أنا فلان ابن فلان ابن الإسلام، قال: فأوحى الله إلى موسى عليه السلام: أن هذين المنتسبين، أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار، فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة)، إنها المنتنة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (دعوها فإنها منتنة) حينما نادى المهاجري المهاجرين، ونادى الأنصاري الأنصار فقال صلى الله عليه وسلم: (ما بال دعوى الجاهلية؟ قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: دعوها فإنها منتنة) فيا قوم: دعوها فإنها منتنة،