تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا تفرقن تكسرن آحادا وهذا البيت من الشعر لم يأت عبثاً، وإنما هو تعبير عن حقيقة عرفها القاصي والداني، والعرب المعروفون بذكائهم وبفطرتهم وفراستهم عرفوا ذلك حق المعرفة، وكانت كتب الأدب والتاريخ العربي مليئة بالحث على الاجتماع والاتحاد والتعاون والبعد عن التنافر والتباغض والفرقة، فالاجتماع هو الذي يتحقق فيه النصر والعزة بإذن الله، أما الفرقة والتفرق فلا تجلب إلا الويلات والمصائب والكوارث، ولا حول ولا قوة إلا باللّه، إن ما يهمنا في الحياة الدنيا هو تمكين دين اللّه في أرض اللّه، فقد منّ اللّه تعالى علينا بهذا الدين الحنيف، واللّه تعالى أوصانا في محكم التنزيل بالطريق الذي يوصلنا لسعادة الدارين، ألا وهو الاعتصام بحبل اللّه، يقول تعالى: «واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولاتفرقوا»، والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم أوصى بذلك في أكثر من حديث شريف، ولا خيرة لمؤمن ولا مؤمنة إذا ما أراد اللّه ورسوله أمراً، فطريقنا هو الاجتماع والتقارب والتعاضد والتآزر على الحق، كي نكسر قلاع الباطل، ونحطمها، ونحقق ما يريده اللّه لنا بإذن اللّه، لقد عرفت قيادتنا الرشيدة الراشدة ومنذ بدايات التأسيس هذه الحقيقة الساطعة، فكان أكبر توحيد تشهده بلاد العرب في العصر الحديث على يد الموحد الملك عبد العزيز رحمه اللّه ، وكانت بداية وانطلاقة ستستمر الى ما شاء اللّه، نحن الآن في وقت تكالب فيه الأعداء على الأمة، في وقت فيه البلاء والامتحان الكثير الكثير، في عصر اختلط به الحابل بالنابل، ولا نستطيع أن نواجه ذلك إلا باجتماع دون فرقة، ووحدة دون فرقة ووحدة دون تبعثر وتعاون دون تفكك، وهذا الأمر لا خيار لنا فيه، فهو أمر اللّه تعالى كي يظهر الحق، وتعلو كلمة اللّه، وتكون الطاعة للّه في أرض اللّه، لقد عانت أمتنا الكثير الكثير من الفرقة والتفرق والشرذمة والاختلاف، وإننا إذ نقول: إنه لا بد أن توجد اختلافات معينة بين شخص وآخر أو مجموعة وأخرى، ولكنها خلافات في الجزئيات، أما الجوهر والأصل فواحد لا تفرق به بإذن اللّه، فهذه الخلافات هي كالألوان التي يمكن أن تكون عليها الملابس أو المنازل أو الأجهزة، وما هذه الألوان المختلفة إلا تكميل لبعضها البعض، والنتيجة تعاون وتآزر وتوحد ووحدة وبالتأكيد انتصار بإذن الله، واللّه من وراء القصد، alomari1420@yahoo، com