في تفاعل سريع مع مقالي للأسبوع الماضي (انتخابات نزيهة = مساواة - استثناء)، وصل إلى بريدي الإلكتروني مقال كان قد نشر سابقاً للكاتبة بجريدة المدينة الأخت العزيزة نبيلة محجوب تحت عنوان (نقد التجربة الانتخابية في نادي جدة الأدبي) تعتب فيه وبشدة على رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبد المحسن القحطاني، بل وتلومه على إحجامه عن تفعيل الاستثناء من شرطيْ منح عضوية مجلس الجمعية العمومية للأندية الأدبية، على أساس كما تقول: «إن اللائحة أتاحت الاستثناءات ووضعتها بيد مجالس إدارات الأندية». وتكرر الكاتبة في أكثر من موقع تأكيدها على أن القحطاني «لا يريد استثناءات»، وهو لا يستخدم حقاً «أباحته اللائحة»، ولأنه لا يستخدم هذا الحق الذي «مكنته منه اللائحة» - وهو الاستثناء من شرطيْ التخصص والإنتاج الأدبي-، فقد تسبب في عزوف المثقفين عن طلب العضوية، بينما لو أنه طبق قانون الاستثناء لارتفع عدد المسجلين «إلى أضعاف المتوقع». بعد قراءة مقال الأخت نبيلة تبين لي أنه كتب قبل الحدث، فقاعدة الاستثناء قد تم تفعليها فعلاً فيما بعد وكأن ما كتبته كان محفزاً ودافعاً، وربما رأي النادي النور واستهدى بهدي المقال، فعقد مجلسه واستباح ما ظن أن اللائحة قد أباحته، وارتفع عدد المسجلين تماماً كحسبة المقال، وإن لم يزد عن المتوقع، بل لم يصل إلى المأمول. وأقول الحق أن الشك ساورني في فهمي لللائحة، وحسبت أنني ربما أكون قد تجنيت على مجالس إدارة الأندية باتهامهم في مقالي الأسبوع الماضي بضرب عرض الحائط بمنصوصها، فعدت أقرأها بحثاً عن كلمة (استثناء) مرة أخرى.. والله لم أجدها قد ذكرت سوى تلك المرة الواحدة، وسأعيد الفقرة: المادة السادسة: «العضوية».. تنقسم العضوية إلى: أولاً: عضوية عاملة، ويشترط فيها أن يكون العضو: سعودي الجنسية مقيما في المنطقة ولا يقل عمره عن 24 سنة ودفع رسوم العضوية وأن يتوفر فيه أحد الشرطين التاليين: أن يكون حاصلاً على مؤهل علمي يحدد مستواه مجلس الإدارة أو أن يكون قد أصدر كتاباً أدبياً مطبوعاً أو أكثر وللجمعية العمومية الاستثناء من أحد الشرطين. (* اللائحة بعد اعتماد معالي الوزير في: 15 أكتوبر 2011) هل هناك لائحة أخرى لم تصل إلينا؟ هل هناك ملحقات وتعديلات طالت هذه الفقرة لم يتم تعميمها؟ أين قرأت الأخت نبيلة أن اللائحة تعطي رئيس النادي القحطاني أو غيره الحق في الاستثناء من الشرطين سوياً؟ لكن رئيس النادي وأعضاءه تحركوا فعلاً للاستباحة تماماً حسب تلك القراءة التي لم أجد لها مرجعاً، ولا حتى في تصريحات الوزارة الرسمية. يا ترى ما سبب كل هذا الخلط المريع؟ أيكون السبب أنه ربما تم الاتفاق تحت جنح الليل أن تكتب اللائحة كيفما اتفق ومن باب تحصيل الحاصل، في غياب تام للنية الصادقة في تطبيق المكتوب حرفياً؟ الأمر يبدو على هذه الشاكلة في هذه المادة على الخصوص، وربما في نصوص مواد أخرى. هل تشكون في ذلك؟ حسناً، سأثبت لكم أن المكتوب ليس هو المقصود بالتنفيذ، لنقرأ الفقرة الأخيرة التي تخول ذلك الاستثناء من أحد الشرطين وننتبه جيداً إلى من توكل اللائحة صلاحيته. نعم، «وللجمعية العمومية الاستثناء من أحد الشرطين». يعني بالمختصر المفيد، ليس لأعضاء مجالس الإدارة الحق في التدخل واستثناء من جاء يسعى للحصول على عضوية مجالس العموم وهو لا يملك مؤهلاً أو منتجا أدبيا، ما دام النص يعطي الصلاحية، كل الصلاحية للجمعية العمومية فقط. فبناءً على أي قانون، أو اتفاق مرتجل أقدم القحطاني وغيره لمنح العضويات لأصحاب وصاحبات امتياز الاستثناء؟ ولو كانت كتابة اللائحة قد تمت بنية التطبيق النزيه لما جاءت على هذه الشاكلة المهتزة التي تضع الوزارة في كل هذا الحرج مرة بعد أخرى. وأنا أضع اللوم كل اللوم على اللجان الرجالية التي شكلتها الوزارة لكتابة ومراجعة وتعديل وتصحيح بنود اللائحة على مدى سنوات طويلة (من 2008 وحتى 2011)، ثم يأتي نص شروط العضوية على هذا السوء من الصياغة. لنقرأه مرة أخرى: « وأن يتوفر فيه أحد الشرطين التاليين: أن يكون حاصلاً على مؤهل علمي يحدد مستواه مجلس الإدارة أو أن يكون قد أصدر كتاباً أدبياً مطبوعاً أو أكثر وللجمعية العمومية الاستثناء من أحد الشرطين». يعلم الله أني أقاوم الضحك بشدة!! كيف تعطي اللائحة حق الاستثناء من الشرطين للجمعية العمومية في حين أنها قد اشترطت الاستثناء في نصها؟ بداية هي تحدد ضرورة توفر أحد الشرطين، وليس كلاهما، ثم تعود لتعطي الجمعية الحق في استثناء أحد الشرطين، أليس هذا تكرارا فجاً وفي غير محله؟ طالب العضوية إما أن يكون عنده مؤهل (أو يا جماعة!) يكون عنده منتج، لكن الجمعية لها حق الاستثناء من أحدهما !!!! عجبي.. لكن رغم أن صياغة التكرار سيئة، إلا أنه يفيد التأكيد الشديد على أهمية توفر شرط واحد من اثنين، إلا أن مجالس الأندية تخيلت أن بإمكانها العبث بالشرطين وإلغاؤهما تماماً. اللائحة لم تعط الحق للقحطاني ولا غيره من أعضاء مجالس الأندية الأدبية لتطبيق قانون الاستثناء الجائر ولا هي مكنتهم من الإخلال ببنودها. وعليه فإن منح العضويات لمن لم يستوفِ الشروط هو باطل في أصله ومنطلقاته ومنهجه. إن الاستثناء حسب الأمزجة ولمجرد الحاجة إلى رفع أعداد المسجلين لاستكمال لزوم الديكور في الجمعيات العمومية بشكل خادع، هو أمر مخالف وفاقد للشرعية، وهذه ليست ثغرة في اللائحة يمكن تلافيها في مشروع المراجعة الشاملة الذي وعد به سعادة الوكيل بعد انتهاء الانتخابات، بل هي حفرة في التطبيق الخاضع للمزاج المتذبذب. الاستثناء معيار تمييزي غير ديموقراطي وغير عادل أتاح الفرصة بشكل محدود ولأفراد بعينهم للحصول على عضويات لم يستحقوها وفقاً للائحة، بينما طبقت الشروط على أعداد كبيرة تم قبولها أو تم رفضها، كما أدى نشر الشروط، التي انتهى بها الأمر إلى التمييع والكشط، إلى إحجام أعداد كبيرة من الذين يطمحون إلى تلك العضوية المرموقة دون مؤهل ولا منتج، حتى يكونوا كمالة عدد، عن طلب الاستمارات من البداية. هو استثناء باطل.. باطل.. باطل. نأمل أن تتكرم الوزارة بتوضيح أسباب هذا البطلان، وتبيان إن كانت تباركه أو تنكره، فأعضاء المجالس العمومية الذين دخلوها باستحقاق مشروع يتساءلون عن معنى هذا الانحياز المستغرب، وهم قلقون بشأن المستقبل الأدبي الثقافي للأندية ليس فقط من جراء انضمام أفراد بطريقة غير نظامية إلى المجالس، ولكن، وهذا الأخطر، بسبب ترشحهم، بل وفوزهم بعضويات في مجالس إدارة الأندية، مما يضاعف البطلان وآثاره الفادحة، التي من أهمها فقدان الثقة في نصوص اللائحة، وفي حرص الوزارة على تحقيق نزاهة الانتخابات وتطبيق بنود اللائحة التي اعتمدتها.