لا نشك بأن الموت حق وأن الحياة الأبدية هي حياة الآخرة، وأن هذه الدنيا مهما طال عمر الإنسان فيها ومهما عاش فيها من زخرف وهناء ورغد وقد يكون العكس بأنها فانية وقال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} صدق الله العظيم.. وكلمات التأبين لا تفي الراحلين حقهم، وتبقى الحد الأدنى من الوفاء لهم، وهناك رجال في هذه الحياة يضيفون بوجودهم بهجة وسرورا ومتعة، وإذا أمر الله برحيلهم رحلوا عنها وتركوها ويتركون اثرا بليغا في النفوس، وذلك بما كانوا يقدمونه من أعمال جليلة، وبما يبذلون من خير طول حياتهم وعطاء غيرالمحدود بما حباهم الله من مال أو جاه وقبول بين الناس وكما قال الشاعر: (ليت العمر ينباع والله لشريه وأروح لطيب وأزود سنينه) ولفقدهم يتركون حسرة وفراغا كبيرا ليس على عائلتهم بل على مجتمعهم بأسره لأن الرجل الطيب ليس طيبا لأسرته أو قبيلته فحسب بل الإنسان الطيب طيب للجميع بما حباه الله هذه الصفة في ذاته وليس يتصنعها. رجل يموت ولا يجيبون طاريه ورجل يجي طاريه في كل حزه. وهذا الكلام ينطبق على فقيدنا الشيخ الوالد ( منصور بن مانع بن جمعة )- رحمه الله- الذي فجعنا بوفاته في يوم الأحد 13-10-1432ه الموافق 11-9-2011م بعد معاناة مع المرض فترة طويلة قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}صدق الله العظيم. وبهذا أفل نجم بل كوكب مضيء لأسرته ومجتمعه وإذا غربت شمس رجل من رجالات وطن الخير والعطاء فنتذكر بقية نجوم هذا الوطن الكبير ونستعرض سيرتهم وأعمالهم وبذلهم، وكما قالها احد المعزين لأبنائه «» إنكم ليس انتم اللي فقدتموه فقط ولكن اللي فقدوه ناس اللي جتهم مصيبة أو مشكلة كبيرة ما يفكها بعد الله إلامثل (أبو مانع). وبفقده فقدت أيضا فئة من المساكين والمحتاجين تلك الأيادي البيضاء التي تعطي في ظلمات الليل لا يدري عنها أحد سوى الله سبحانه ثم القليل من المقربين له. وأمل تلك الفئة من المجتمع بالله الكريم ثم في أبنائه الكرام في عملية مواصلة ما قام به والدهم بل من أعمال جليلة وهم بمشيئة الله أهل لذلك لمعرفتي الشخصية القريبة بهم وبالصغير قبل الكبير منهم وينطبق عليهم قول الشاعر: من خلف اعيالن مطاليق ما مات لو غاب وجهه سيرته ما تغيبي وكان فقيدنا رحمه الله محبا للخير ويحث عليه وله مواقف جليلة وكثيرة والتي يعجز المقام عن ذكرها، وذلك من بذل بسخاء وفك رقاب والمساعدة فيها ومن بناء مساكن لأقاربه وبعض أفراد قبيلته، ومد يد العون لهم، كما أن باب بيته رحمه الله كان مفتوحا طوال اليوم لجميع الزوار حتى ولو لم يكن هو موجوداًً فيه نظرا لمشاغله، وقال الرسول- صلى الله عليه وسلم- (خير الناس أنفعهم للناس). وترجل الشهم تارك فراغاًً كبيراً وبرحيله قد خسرنا رجلاً باراً وواحداً من الرجال الأوفياء لوطنه وولاة الامر. وبفقده فقدت عائلته وقبيلته احد أهم أركانها البارزين لما له من أعمال جليلة ونبيلة جعلها الله في موازين حسناته، ولأن الفقيد من جيل صعب جدا تعويضه وذلك بشخصياتهم وسرائرهم وبيئتهم التي عاشوا بها والظروف التي كانوا يحاطون بها والتي ساعدتهم ايضا على ذلك، وسوف يبقى (أبو مانع) رحمه الله ومن مثله من رجال فقدناهم شامخين رموزاً في أذهاننا وقلوبنا باقين كما كانوا في حياتهم في نفوس محبيه. وكما قال أحد الشعراء في رثائه: نرثيه من نخب المعاني الجزيلة واسمه على رؤوس المعاني ركزناه يالله في الجنة تثبت مقيله واجبر عزانا في عديم فقدناه و إنا إليه وإنا إليه راجعون .