التخصصات الجراحية من أكثر المجالات الطبية التي تحتاج لدقة ومهارة خاصة في التعامل مع حالة المريض داخل غرف العمليات، وفي حالة ما إذا كان هذا التخصص هو جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري فإن الأمور لا تحتمل أي نسبة للخطأ أثناء العملية إذ إن من شأن ذلك إصابة المريض بمضاعفات خطيرة قد تصل في بعض الأحيان للشلل -لا قدر الله- وهو ما يؤكد على أن تلك الجراحات تتطلب دقة ومهارة وخبرة أكثر من الجراحات الأخرى. عن هذا التخصص المعقد وجراحات المخ والأعصاب والعمود الفقري المتنوعة وعن دور المناظير والتقنيات الحديثة والجراحة الميكروسكوبية في تلك العمليات كان لنا هذا اللقاء من مجموعة د.سليمان الحبيب الطبية مع أحد أمهر جراحي المخ والأعصاب والعمود الفقري الدكتور عبدالله النبهان الحاصل على الزمالة الألمانية. * د. عبدالله... في البداية نريد أن نتعرف على طبيعة هذا التخصص؟ - تعد جراحات المخ والأعصاب من أصعب وأدق تخصصات الطب، حيث يعالج هذا التخصص إصابات الجهاز العصبي المركزي والعمود الفقري والنخاع الشوكي، ويشمل أمراض أورام الدماغ، إصابات الرأس والدماغ، العمود الفقري، النخاع الشوكي، آلام الظهر، تآكل فقرات العمود الفقري والانزلاق الغضروفي. تقنيات حديثة * وماذا عن التقنيات الحديثة في هذا المجال؟ - لا شك أن التقنيات الحديثة أحدثت ثورة ونقلة نوعية في مختلف التخصصات والعمليات الجراحية وكان لجراحة المخ والأعصاب نصيب لا بأس به حيث أدخلت تقنيات متطورة على رأسها المناظير والتي أصبحت تستخدم في جراحات المخ والأعصاب والعمود الفقري بشكل واسع جداً. إضافة إلى تقنيات جراحية جديدة تضمن أقل تدخل جراحي أثناء العملية وهي ما تعرف طبياً Minimally invasive، وكذلك مكنت الطرق والوسائل الحديثة من توسيع القناة الشوكية بأقل تدخل جراحي. وأيضاً أصبح بالإمكان زراعة الغضاريف المتحركة وإجراء عمليات تضييق النخاع الشوكي في الرقبة بنسب نجاح عالية، وكذلك استبدال الفقرات التي تعرضت للكسور إثر حوادث السير والإصابات الأخرى وكذلك الفقرات المصابة بالسرطان وغيرها. أحدث طريقة جراحية ومن بين الطرق الجراحية في هذا المجال ما يطلق عليه تقنية Minimally invasive أو ما يعرف بالجرح الصغير وهي تقنية جراحية جديدة متميزة ساعدت المريض في الإسراع من الشفاء والتقليل من فترة النقاهة التي يحتاجها. لا حاجة لنقل دم إن مزايا استخدام تقنية Minimally invasive في هذا النوع من الجراحات تكمن في عدم حاجة المريض فيها لنقل دم نتيجة لصغر الجرح المستخدم، كما أن الألم يكاد لا يشعر به المريض بعد الجراحة ويصبح لديه القدرة على السير بعد العملية بيوم. الأنسب لمرضى السكر والضغط وهذا النوع هو الأنسب للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة كالضغط والسكر، كذلك فإنهم لا يحتاجون لفترة نقاهة كبيرة. العمود الفقري يعمل بكفاءة استخدام تلك التقنية يجعل العمود الفقري يعمل بكفاءة عالية وبطريقة سليمة عن العمليات التقليدية حيث إن جميع المفاصل تعود لطبيعتها لأن الطريقة العادية تقلل مجال الحركة وهو ما يتم تجنبه من خلال تلك التقنية الحديثة. يضاف إلى ذلك أن الجراحة تتم من خلال ثقوب صغيرة جداً مقارنة بالثقوب التي تحتاجها التدخلات التقليدية حيث لا تزيد عن 1.5 سنتيمتر بينما تزيد عن 20 سنتيمتراً في التقليدية، كما أنها لا ينتج عنها تمزق في العضلات. مناظير العمود الفقري * دكتور.. دعنا نتحدث بشيء من التفصيل عن المناظير في جراحات العمود الفقري؟ - لقد شهدت السنوات الماضية استخدام المناظير الحديثة في عمليات جراحة العمود الفقري القطني والصدري على نطاق واسع وأثبتت التجارب نجاح استخدام المناظير في استئصال الغضروف الصدري وهو الغضروف المواجه للصدر والضاغط على النخاع الشوكي من جهة الأمام كما أمكن استخدام المناظير في استئصال جسم الفقرة الصدرية بالكامل في حالة الكسور أو الأورام كما تستخدم المناظير في جراحات تشوهات العمود الفقري خاصة في الأطفال وهي التشوهات الناتجة عن عيوب خلقية. الانزلاق الغضروفي * وما مزايا المناظير في جراحات العمود الفقري؟ - في جراحات العمود الفقري فإن المناظير تستخدم من الأمام ومن الخلف وفي الاستخدام الخلفي يمكن استئصال الانزلاق الغضروفي الفقري. ويتم الاستئصال من خلال فتحة صغيرة لا تزيد على 1,6 سنتيمتر وتستغرق الجراحة ساعة ويمكن للمريض الخروج من المستشفى في نفس اليوم والعودة إلى علمه خلال عشرة أيام من الجراحة عكس الجراحة التقليدية التي تستدعي إقامة أطول للمريض ولا يعود إلى علمه إلا بعد مرور شهرين على الجراحة. ضيق القناة الشوكية * وهل من استخدامات أخرى للمناظير في هذا التخصص؟ - الأبحاث الحديثة أثبتت أنه يمكن استخدام المناظير في إجراء عمليات ضيق القناة الشوكية أو عند الإصابة بعدة غضاريف. كما توجد عدة استخدامات للمناظير في عمليات التخلخل الفقاري تستخدم أيضاً في استئصال الغضاريف من الأمام أو في حالة استئصال الأورام بالعمود الفقري من جهة الأمام. أكثر المشكلات انتشاراً ننتقل بالحديث لمشكلات الغضاريف باعتبارها أحد أشهر الأمراض في عيادات جراحة العمود الفقري والمخ والأعصاب.. دكتور النبهان نريد فكرة سريعة عن تلك المشكلة؟ الغضاريف الفقارية (Intervertebral Discs) -كما يدل اسمها- هي أنسجة خاصة تفصل بين فقرات العمود الفقري، لا يزيد قطرها عن بضعة سنتيمترات ولا يزيد سُمكها عن بضعة مليمترات، وتعمل كوسادات ماصة للصدمات بين الفقرات. وتعتبر مشاكل هذه الغضاريف من أكثر المشاكل الطبية انتشاراً على الإطلاق. تنتج مشاكل الغضاريف الفَقَريّة من الإصابات الشديدة والمباشرة، أو من الضغوط الشديدة والمتكررة التي تخضع لها أثناء النشاطات البدنية العنيفة، مثل رفع الأجسام الثقيلة من على الأرض بشكل خاطئ، أو مع حوادث الانزلاقات والالتواءات الشديدة. ويمكن أيضاً للشيخوخة، أن تؤدي لتحلل وضعف هذه الغضاريف بشكل تدريجي، ضمن الضعف العام الذي يصيب معظم غضاريف الجسم مع التقدم في العمر. الضغط على الأعصاب الفقارية * وماذا يحدث في تلك الحالات؟ - الذي يحدث في هذه الحالات أن الغطاء الليفي الخارجي للغضروف يُصاب بالضعف، مما يؤدي لبروز قلب الغضروف في شكل انتفاخ أو نتوء خارجي، وأحياناً ما ينفجر الغطاء الليفي الخارجي تماماً. هذا البروز أو النتوء الخارجي، يضغط على الأعصاب الفقارية المارة على مقربة من الغضاريف. آلام مزمنة * وماذا ينتج عن ذلك؟ - ينتج عما سبق ظهور أعراض متنوعة ومختلفة، حسب المنطقة التي حدث فيها البروز، وحسب العصب الذي يتعرض للضغط. وإن كانت جميعها تتميز بالآلام المزمنة، وبالضعف في عضلات المنطقة التي يغذيها العصب المصاب. ويعتبر مصطلح (الانزلاق الغضروفي)، تعبيراً خاطئاً عن حقيقة ما يحدث، حيث لا يمكن لهذه الغضاريف أن تنزلق أو أن تتحرك من مكانها. ولذا يعتبر مصطلح الفتق الغضروفي (disc herniation) هو التعبير الأفضل عن حقيقة ما يحدث في تلك الحالات. ضيق ومعاناة للمريض وبوجه عام، تشير الدراسات الطبية إلى أن آلام الظهر تصيب 80 % من الذكور والنساء على حد سواء، من وقت لآخر. وفي نصف هؤلاء، تتحول تلك الآلام إلى حالة مزمنة يعاني منها المصابون بشكل حاد عدة مرات في حياتهم، أو بشكل مزمن على مدار فترات طويلة، تصل أحياناً لسنوات عديدة. وتتسبب آلام الظهر في الكثير من الضيق والمعاناة. العلاج التحفظي * وماذا عن العلاج؟ - في الحالات التي تنتج عن الفتق الغضروفي مثلاً، نجد أن العلاج يعتمد في البداية على الراحة والمسكّنات لعدة أسابيع، على أمل أن يلتئم الغضروف تلقائياً. ولكن إذا ما فشلت هذه الإستراتيجية في العلاج، أو ترافقت الحالة مع أعراض خطيرة مثل عدم القدرة على التحكم في البول أو الضعف العام في الساقين، يصبح التدخل الجراحي حينها ضرورياً. زراعة الغضاريف ويعتمد الأسلوب الجراحي هنا على نزع الغضروف المصاب، ثم دمج الفقرات معاً. هذا الأسلوب على رغم نجاحه في تخفيف الآلام والمضاعفات الناتجة عن انفتاق الغضروف، يؤدي إلى تقليل مجال الحركة في الفقرات التي تم دمجها، وربما يؤدي أيضاً إلى تسارع ضعف وتحلل الغضاريف في مناطق أخرى. ولذا لجأ الأطباء مؤخراً إلى فكرة استبدال الغضاريف بأخرى اصطناعية بدلاً من نزعها تماماً، وهي الفكرة التي حققت قدراً من النجاح. جراحة اليد * د. النبهان.. نريد أن نتعرف على الحالات التي تشملها جراحات اليد؟ جراحة اليد هي إحد الجراحات التخصصية وتشمل مجموعة واسعة من العلاجات والجراحات للعديد من الأمراض والإصابات بمنطقة اليد والرسغ والساعد ومنها علاج إصابات اليد، إعادة زراعة الأصابع والأطراف المبتورة، وكذلك الجراحات للكسور المضاعفة لليد والساعد، وعلاج متلازمة النفق الرسغي، وأيضاً زراعة الأعصاب الطرفية إضافة إلى جراحات نقل الأوتار كما تشمل إزالة الأكياس الدهنية والعضلية وترميم وزراعة الأوتار العضلية المقطعة وتحرير الأعصاب والأوتار العضلية. وهناك تقنيات حديثة مثل الجراحة الميكروسكوبية لإصلاح الأوتار والأعصاب والأوعية الدموية، إضافة إلى المنظار الجراحي الذي يستخدم في علاج إصابات الرسغ والمرفق الرياضية.