في هذه الأيام تمر ذكرى اليوم الوطني؛ وفيها تلوح في الذاكرة تَحَوّل هذه البلاد الطاهرة من الشتات والفرقة إلى الوحدة والألفة، ومن الفوضى وعدم الاستقرار إلى الأمن والطمأنينة، ومن الجهل والفقر إلى العلم ورغَد العيش. إن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية هو يومٌ لتذكّر نعمة الله على أهل هذه البلاد المباركة، واسترجاع كفاح مؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - حين استشعر ضرورة إعادة تأسيس الدولة السعودية التي قامت على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فهذا اليوم لاشك عزيز علىكل مواطن ومواطنة على هذه الأرض الطيبة، لأنه يجسد تفاصيل ملحمة تاريخية لا تنسى على مَرّ السنين؛ ففيه أتمّ الموحد والمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - توحيد أجزاء هذا الوطن الغالي على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبعده توالت المنجزات الحضارية الفريدة والشواهد الكبيرة التي أرست قاعدة متينة لحاضر زاهٍ وغد مشرق في وطن تتواصل فيه مسيرة الخير والنماء وتتجسد فيه معاني الوفاء لقادة أخلصوا لشعبهم وتفانوا في رفعة بلدهم حتى أصبحت له مكانة كبيرة بين الأمم تزداد يوما بعد يوم. فقد انطلقت هذه البلاد الطاهرة منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود على بناء راسخٍ دستوره كتاب الله وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وأركانه العلم والعدل الحكمة، والسعي لرغد العيش للمواطن، وتحقيق البناء الحضاري للوطن. وقد تحقق كل ذلك بفضل الله تعالى ثم بجهود وإخلاص المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - ثم بجهود ومتابعة أبنائه البررة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمهم الله تعالى، وتواصل العطاء والخير والمنجزات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - فملك الإنسانية، ملك العلم، ملك المحبة خادم الحرمين كان وما يزال همه السهر على أمن الوطن وراحة المواطن؛ وتوفير العيش الكريم له ودعمه في ظل الظروف الاقتصادية والأزمات المالية بزيادة الرواتب، والرواتب الإضافية، والمعونات الاجتماعية، ودعم المواد الاستهلاكية. كما اهتم خادم الحرمين ببناء وطنه في شتى المجالات؛ فقد أرسى- حفظه الله - دعائم الحوار الوطني من خلال مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ودعم اقتصاد الوطن بالمشاريع العملاقة والمدن الاقتصادية في مختلف المناطق، وكان للعلوم الحديثة نصيبها بإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وبدعم مشاريع تقنيات النانو، وإنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة. وإدراكا من ملك الإنسانية الملك عبدالله لأهمية العلم في تطور الشعوب فقد عمل على تحقيق ذلك واقعا ملموساً في الميزانيات الكبيرة للتعليم العام، وكذا العالي بإنشاء الجامعات في مختلف المناطق والمحافظات حتى وصلت لثلاثين جامعة بين حكومية وخاصة؛ وتواصل العطاء المعرفي ببرنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي الذي يهدف إلى إكساب أبناء الوطن مختلف المعارف من مختلف المشارب. وعطاء خادم الحرمين وحكومته الرشيدة أفاد منه العالم العربي والإسلامي بدعم القضايا وتقديم المعونات وقت الأزمات؛ بل كان لخادم الحرمين رسالته الواضحة في تحقيق الأمن العالمي، من خلال دعوته ودعمه للحوار بين أتباع الديانات بما يحقق السلام والأمن العالمي. والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أنموذج صادق على ما قدمته وتقدمه المملكة العربية السعودية للإسلام والمسلمين؛ فهذه الجامعة المباركة التي تأسست عام 1381ه، لتكون منارة معرفية إسلامية عالمية رائدة متميزة في العلوم الشرعية والعربية وسائر مجالات المعرفة. وتسهم في تعليم أبناء المسلمين في أنحاء المعمورة، حظيت بدعم ومتابعة قادة هذه البلاد الطاهرة منذ إنشائها وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي لم يألُ جهداً في دعمها في كافة المجالات، ومنه موافقته السامية الكريمة على إنشاء العديد من الكليات والأقسام العلمية ومنها: (كلية الطب، كلية الحاسب الآلي ونظم المعلومات، كلية الهندسة، كلية العلوم، كلية الصيدلة، وقسم الاقتصاد الإسلامي، وقسم الأنظمة في كلية الشريعة، وقسم الإعلام في كلية الدعوة وأصول الدين)، ودعمها بالكثير من المشروعات. ختاماً: منجزات الوطن أكثر وأكبر من أن تعدّ أو تحصى؛ ولكن يلوح بعضها في الخاطر في ذكرى يوم الوطن الذي يجب أن نستلهم منه الدروس والعبر، لتعطينا الدافع للعمل الجاد والمتواصل بحثاُ عن مستقبل أكثر إشراقاً لبلادنا الطاهرة. وبهذه المناسبة ونيابة عن نفسي وعن جميع منسوبي الجامعة الإسلامية يسرني ويشرفني أن أرفع أصدق التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين وزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود والأسرة المالكة والشعب السعودي كافة، وندعو الله تعالى أن يديم على وطننا الغالي نعمة الإسلام والأمن والأمان في ظل قيادة الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة إنه سميع مجيب الدعاء. مدير الجامعة الإسلامية