ترأس صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في مقر الهيئة في الرياض الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية لمركز التراث العمراني الوطني. وفي بداية الاجتماع ثمَّن أعضاء اللجنة عالياً صدور توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لأمراء المناطق بالتأكيد على الجهات ذات العلاقة بعدم إزالة أي مبنى تراثي إلا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، للتأكد من أهميته التاريخية والعمرانية والإبلاغ عن أية تعديات أو إزالة للمباني التراثية، والذي يأتي تفعيلاً لتوجيهات الدولة السابقة بحماية مواقع التراث العمراني بدءاً بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام - يحفظهم الله -، وتوجيهات وزارة الشؤون البلدية والقروية التي أصدرها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية السابق، وأكدها صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية بالتعميم على أمانات المناطق بمنع التعدي على مباني التراث العمراني والعمل على حمايتها وتنميتها بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. وأوضح سمو رئيس الهيئة خلال الاجتماع بأن أعمال المركز ستبنى على ما قامت به الهيئة من تأسيس منظومة من الشراكات والمشاريع وبرامج التمويل والقدرات المحلية لدى مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمواطنين بهدف حماية وتطوير وتنمية التراث العمراني السعودي، والذي يستلهم اهتمام القيادة الرشيدة بالتراث العمراني الوطني من خلال تبني المشاريع والأنظمة والتمويل واتخاذ القرارات التي تصب في حماية التراث العمراني والمحافظة عليه، وكذلك التعاون المميز بين الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارتي الداخلية والشؤون البلدية والقروية في مجال الحفاظ على التراث العمراني وتنميته، ورفع الوعي لدى المحافظين وأمناء المناطق ورؤساء البلديات الذي عملت الهيئة عليه من خلال برنامج لاستطلاع التجارب الدولية الناجحة في المحافظة على التراث العمراني واستثماره لتحقيق الفوائد الاقتصادية والثقافية للمناطق، بالإضافة إلى التعاون مع وزارة التربية والتعليم في تطوير الوعي لدى الناشئة عبر تنفيذ برنامج موجه لطلاب المدارس، مستشهداً سموه بصندوق «ثمين» الذي أطلقته الهيئة في عدة مناطق، ومتابعة تنفيذ برنامج تمويل مشاريع التراث العمراني من خلال بنك التسليف والادخار، إضافة إلى العمل على تأسيس شركة لاستثمار المباني التراثية المملوكة للدولة، وشركة للفنادق التراثية التي تستثمر هذه المباني. وأكد سموه على الأهمية الكبرى للتراث العمراني في تنمية وعي المواطن بوحدة المملكة وتاريخها العظيم وتعميق الانتماء الوطني، مشيراً إلى أن مركز التراث العمراني الوطني سيواصل ما قامت به الهيئة من إنجازات سابقة في هذا المجال للعمل على المحافظة على هذا التراث في كافة مناطق المملكة وتطويره واستثماره بما لا يفقده أصالته وتأثيره في بناء شخصية المدينة السعودية في الحاضر والمستقبل، وتعزيز الهوية الوطنية من خلال التأكيد على أن التراث العمراني حي يعيش بيننا، ويشكل جزءاً من حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والجمالية وملائم لاحتضان التقنية المعاصرة والمستقبلية. وأشاد سموه بالوعي المتنامي لدى كافة شرائح المواطنين في المملكة بأهمية هذا النوع من التراث ودوره الحضاري والاقتصادي وأهمية الحفاظ عليه، باعتبار أن المواطن هو الحارس الأول لهذا التراث وهو المستفيد الأكبر من تطويره. كما أكد سموه أن مركز التراث العمراني يدافع عن قضية ثقافية لها تأثيرها العميق في «الهوية الوطنية». وتناول الاجتماع خطة المركز للسنوات الثلاث المقبلة، والمشاريع المقترحة للعام المالي المقبل 1433-1434 ه، إضافة إلى استعراض نماذج مما تم من أعمال في المرحلة الحالية، حيث تضمنت هذه الخطة تبني إنشاء أرشيف وطني للتراث العمراني يمثل قاعدة معلومات متاحة لكل من يتعامل مع التراث العمراني وتحفظ ذاكرة المكان في قرى ومدن المملكة العربية السعودية. كما أن الخطة تضمنت تبني إستراتيجية وطنية لتأهيل وتطوير التراث العمراني الوطني تهدف بالدرجة الأولى إلى الاستفادة من الثروة الضخمة التي يمثلها التراث العمراني بوصفه رصيداً اقتصادياً ضخماً إذا ما تم استثماره بالطريقة الصحيحة التي تحفظ الثقافة المحلية وتفتح مجالات عمل جديدة للمواطنين في مواقعهم. كما استعرض المجتمعون برامج تأهيل وتطوير التراث العمراني، مثل مواقع التراث العمراني المرتبط بتاريخ الدولة السعودية، إضافة إلى المواقع التي يمكن تطويرها من قبل المستثمرين من قرى تراثية وتجمعات عمرانية ذات عائد استثماري للمواطن وتولد فرص عمل في جميع المناطق، بالإضافة إلى برنامج تنمية القرى التراثية، وبرنامجي تحسين مراكز المدن التاريخية وتأهيل وتطوير الأسواق الشعبية بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وبرنامج تأهيل المباني التاريخية للدولة في عهد الملك عبد العزيز بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، والذي تشمل مرحلته الأولى (10) مشاريع.وتم التأكيد خلال الاجتماع على أن التراث العمراني يمثل قضية وطنية ومساراً اقتصادياً مهماً، وأن تفاعل المجتمعات المحلية سيسهم في إعادة بناء هذا القطاع الحيوي، وتحويل مواقع التراث العمراني إلى تراث معاش، تحتوي على وثائق تاريخية ومعلومات ثقافية حية تسهم في ربط المواطنين بتاريخ بلادهم ومسيرة الوحدة التي أسهم فيها آباؤهم في جميع المناطق. كما أكد المجتمعون على أن يعمل المركز «كعقل مفكر» لا مؤسسة تنفيذية، لأن دوره الأساس هو تمكين المجتمعات المحلية من أجل التعامل مع التراث العمراني، والعمل مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتفعيل مستوى المحافظة والتأهيل والاستثمار للمواقع بما يكفل استفادة المواطنين منها.