إيقاع شعري على أصداء النصر الكبير في غزوة بدرٍ الكبرى أرى (بدراً) كأحسن ما أراه تزُفُّ النصر مبتهجاً سناهُ وتبدو (العُدوتانِ) أمام عيني كأجمل منظرٍ برزت رُؤاه ويرتفع (العريش) إلى مكانٍ تودُّ السُّحْبُ، لو بلغتْ مَدَاهُ وترمقني الرِّمالُ بعينِ فخرٍ ينال بها فؤادي مبتغاه هنا احتفل الجهادُ بخير دينٍ سَرَى في كلِّ ناحيةٍ هُداه ومدَّ يمينه بالنصر حتى تضعضع بالهزيمة من جفاه هنا ابتهل الرسولُ إلى إلهٍ عظيمٍ لا يُخيِّبُ من دعاه لقد سقط الرِّداءُ، فَظَلَّ يدعو وتهمي بالمدامع مُقلتاه كأنِّي بالثرى يختال تيهاً بدمع المصطفى لمَّا سقاهُ هنا بدرٌ، إليها المجد ألقى على حُللٍ من التقوى، عَصَاهُ ترعرع هاهنا مجدٌ تليدٌ وسارتْ دونما وجلٍ خُطاه وأَيْنَع ها هنا ثمرُ المعالي ورَجَّعَ ها هنا الحادي صَدَاهُ هنا (بَدْرٌ) هنا صَرْحٌ تسامى وطاولتِ النُّجومَ هنا ذُرَاهُ تراءَى ها هنا الجيشان لمَّا تكشَّفَ عن ثرى بدرٍ دُجَاه هنا جَيْشانِ؛ جيشٌ تاه كِبْراً كطوفانٍ تلاطَمَ شاطئاهُ على صوت القيانِ مشى اختيالاً وقد أزْرَى بحكمته هَوَاهُ تُدَقُّ له الطُّبولُ على ضلالٍ ويضربه المجونُ على قفاه وجيش مؤمنٌ، يدعو ويتلو فتنتعشُ القلوبُ بما تَلاَهُ فلا تسألْ عن الجيشين لمَّا أدارَ الموتُ بينهما رَحَاهُ تحدَّثتِ السيوفُ بكلِّ معنىً وقد صَمَتَتْ عن النُّطق الشِّفاهُ وأفصحت السِّهامُ، فكلُّ سَهْمٍ تحدَّث نِصْلُه عمَّنْ رَمَاهُ كأني بالنَّهار وقد تلاشى وأَنْسَاهُ الغُبارُ هنا ضُحاهُ هنا أَلْفٌ، ولكن، ثُلْثُ ألفٍ سيهزمُه لأن القوم تاهوا هنا العددُ الكبيرُ بغيرِ معنىً فقد شاهتْ وجوههموا وشاهوا صناديدُ الضَّلال هنا تَهاوَوْا وقد ضاقَ (القَليبُ) بَمَن حَوَاه إذا كتَبَ الإلهُ زوالَ مُلكٍ أحاط به التَّخاذُلُ واعتراهُ هنا (بَدْرٌ) هنا (الفُرقانُ)، هذا مقامٌ يبلُغُ الأتقى عُلاهُ لقد رَسَمَتْ لنا (بَدْرٌ) طريقاً تجاوَزَ هذه الدُّنيا مَدَاهُ مشى الأبطالُ فيه على يقينٍ وقد نالوا من المولى رِضَاهُ وسوف تظلُّ أُمَّتُنا تلاقي هزائمها إذا سلكتْ سِوُاه هنا (بَدْرٌ) تَزُفَّ لنا حديثاً لِسَانُ مَقامِها العالي رَوَاهُ تقول لأمتي قولاً جميلاً كَزَهْرِ الرَّوْضِ يُنْعشنا شَذاه: ستبقى الهِمَّةُ الكبرى حِصاناً يُحَصِّلُ ما يريد مَن امتطاهُ