حينما يختلط الغلو بالنفاق والتنطع تضرب الأمة في مقتل. والمسلمون كأمة وكمجتمع تعرضوا لمثل هذه الحالة منذ صدر الإسلام وحتى يومنا هذا، ومن يتابع ما يبث من خلال مسلسل الحسن والحسين يرى كيف استطاع المنافقون ممن عاشوا في المدينةالمنورة، وحاولوا الحد من انتشار الإسلام عندما قدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمدينة، وظلوا يكيدون الدسائس حتى تمكّنوا من صنع الفتنة التي أودت بحياة الخليفة الثالث عثمان بن عفان التي فجرت الفتنة الكبرى بين المسلمين والتي لا نزال نعاني منها. نتابع المسلسل ونرى أن ابن سبأ وابن ملجم وكبار صناديد النفاق والذين دخلوا الإسلام كرهاً هم الذين حرضوا الغوغاء وممن استجابوا إلى دعوات الغلو والعصبية القبيلة التي قادت نفرًا من المسلمين وبجهل تام، بعد أن انصاعوا إلى ما يقدم لهم من «أفخاخ» بحجة الحكم لله وغيرها من الدعوات التي أريد بها حق، قادت القوم إلى الباطل وأنتجت فرق الخوارج التي عرفها التاريخ الإسلامي كواحدة من أشد الفرق الإسلامية قسوة وخروجاً على الدين، رغم أنهم كانوا يدعون بأنهم يطبقون تعاليم الإسلام ولكن حسب فهمهم القاصر الذي كان أكثر المفاهيم غلواً وتطرفاً. ولعل المشاهد الكريم لابد وأن يربط بين مفاهيم وأقوال خوارج ذلك العصر وبين خوارج العصر الحديث من الإرهابيين الذين يستحلون دماء المسلمين لغرض مفاهيمهم الخاطئة التي تذهب بعيداً في غلوها وتطرفها. ولقد مرت قبل يومين ثمان سنوات على جريمة تفجير مجمع المحيا السكني الذي تم في ليلة 14-15-9-1424ه في غرب الرياض في ضاحية لبن والتي راح ضحيتها عشرون قتيلاً و144 مصاباً. هذه الجرائم الإرهابية التي هي نتاج الغلو والتطرف يحاكم مرتكبوها هذه الأيام أمام المحاكم السعودية، التي تظهر مدى عدالة الإسلام ونزاهة القضاء فيه، مما يدحض كل ما يردده المنافقون والخوارج الذين يريدون فرض فكرهم وإرادتهم بالقتل، فيما يعمل الإسلام على إيصال الكلمة الطيبة بالحوار وبالمجادلة الحسنة ومن يخرج على ذلك يحاكم محاكمة عادلة كما يجري هذه الأيام أمام المحاكم الشرعية السعودية.