في الصراع الدائر بليبيا حيث تنهال الاتهامات المتبادلة وتحولت المزارع إلى ساحة معارك لا يوجد أي شك في سقوط خسائر بشرية أيا كانت طبيعتها وأعدادها. كان المشهد مروعا وفوضويا في بلدة زليتن الساحلية مساء الثلاثاء بعد أن تزاحم المصورون ومسؤولو الحكومة في مشرحة صغيرة شديدة الحرارة بإحدى المستشفيات مستعينين بالأوشحة أو الأقنعة الورقية لتغطية أنوفهم من الرائحة التي تزكم الأنوف. كانت المشاهد أكثر سوءاً بينما كان العاملون في المشرحة يخرجون عدداً من الجثث من الحقائب التي كانت ملقاة بشكل عشوائي على الأرض.. أشلاء متناثرة مغطاة بالدماء والأتربة.. وقدم موضوعة من الجهة العكسية مع جثة أحد الأشخاص ومنظر مفجع لرضيع ما زال يرتدي الحفاضات. هذه هي حقيقة الصراع الدائر في ليبيا منذ أكثر من أربعة أشهر بعد أن بدأت دول غربية ضرباتها الجوية لمساعدة قوات المعارضة على هزيمة قوات الزعيم معمر القذافي. وسارع المسؤولون الليبيون الذين يرغبون في أن يظهروا للعالم أن عمليات القصف التي يقوم بها حلف شمال الأطلسي ضلت عن أهدافها العسكرية بنقل المراسلين الأجانب لمشاهدة آثار الضربات الجوية في ماجر التي قالوا إنها قتلت 85 مدنياً هم 33 طفلاً و32 امرأة و20 رجلاً في وقت متأخر من الليلة الماضية. عندما وصل الصحفيون رأوا ان التفجيرات الشديدة تسببت في انهيار المنازل الريفية التي كانت تحيط بها أسوار عالية في وسط حقول جافة تكسوها بقايا الزرع. وفي الداخل كان يوجد وسط الأنقاض بطاطين وحشايا وكتب مدرسية ولم يكن هناك أثر للأسلحة. وأظهرت لقطات قدمها مسؤولو الحكومة لاحقاً رجالاً وهم يتفقدون مواقع القصف الليلة قبل الماضية فيما يبدو وينتشلون الأيدي والأقدام وغيرها من الأشلاء من وسط الأنقاض. ووضعت جثة رضيع إلى جانب أشلاء طفل آخر. ولم ير المراسلون أكثر من 30 جثة طوال أمس الأربعاء رغم أنه قيل لهم إن باقي الجثث نقلت إلى طرابلس أو ما زالت محاصرة تحت الأنقاض. وقال حلف شمال الأطلسي الذي يتهم قوات القذافي بالاحتفاظ بمعدات عسكرية وسط المدنيين إن جنوداً ربما قتلوا في الغارة التي قال إنها ضربت منطقة للتخطيط العسكري إلى الجنوب من زليتن حيث يأمل مقاتلو المعارضة تحقيق تقدم في ظل جمود في مواجهة قوات القذافي. وفي حين أن قوات حلف شمال الأطلسي قالت إنه ليس هناك دليل على مقتل مدنيين في الغارة إلا أنه مستحيل فعلياً بالنسبة للحلف التحقق من طبيعة القلى في مثل تلك الهجمات. من جهة أخرى ظهر خميس نجل الزعيم الليبي معمر القذافي أمس الأربعاء على التلفزيون الليبي بعد أيام على إعلان الثوار نبأ مقتله سرعان ما نفى النظام صحته. وعرض التلفزيون الليبي لقطات لخميس القذافي الذي قال المعارضون الأسبوع الماضي إنه قتل وهو يزور جرحى ليبيين أصيبوا في غارة جوية على شرق طرابلس. ونفت الحكومة الليبية ما ردده المعارضون عن قتل خميس قائد إحدى أكثر وحدات الجيش ولاء للقذافي وأحسنها تدريبا وتجهيزا في غارة جوية شنها حلف شمال الأطلسي بالقرب من زليتن. وقال التلفزيون الليبي إن اللقطات سجلت الثلاثاء. وإذا صدق ذلك سيكون هذا أول دليل مرئي تقدمه حكومة القذافي على أن خميس مازال حيا. الى ذلك توجه اربعة نواب اوروبيين سابقين هم ثلاثة فرنسيين وبريطاني مطلع آب/اغسطس الى طرابلس حيث أجروا اتصالات مع نظام معمر القذافي، حسبما ذكر أحدهم. وأكد النواب السابقون وبينهم الفرنسي تياري كونريي (الحزب الراديكالي، يمين الوسط) رئيس الاتحاد الدولي للمناطق الفرنكوفونية «بعد 140 يوما من الحرب التي خاضها التحالف، علينا أن نشير إلى أن النزاع بين الحلف الأطلسي وليبيا يشهد انزلاقا يصعب الخروج منه». واوضح هذا النائب أن نوابا في منطقة الساحل طلبوا منه تنظيم هذه الزيارة.