لا نفشي سراً إن قلنا إن اليابان في حالة أزمة. ولكن بعدما شاهدنا كيف اتّحد شبابه في أعقاب الزلزال الذي ضرب البلاد والتسونامي الذي تلاه في آذار (مارس)، يبدو أن مستقبل اليابان بين أيادٍ أمينة. فقد لجأ الناس في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم إلى الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعي لإطلاق مشاريع بهدف مساعدة ضحايا الكوارث من دون إعداد مسبق. بعدما ضرب الزلزال شمال شرق اليابان بعد ظهر الحادي عشر من آذار (مارس)، أُصيبت أنظمة السكك الحديدية والحافلات بشلل تام في طوكيو، وتعذر على آلاف الناس إيجاد وسائل نقل، ومن بينهم العديد من سكان الضواحي وتلامذة المدارس. وقد واجه هؤلاء الناس خيارات صعبة: إما الانتظار إلى حين استئناف أنظمة النقل عملها، أو اجتياز عدة أميال على الأقدام للعودة إلى ديارهم عبر طرقات مزدحمة بالسيارات، أو إيجاد مأوى يمضون فيه ليلتهم. لقد هرعت إلى نجدتهم مجموعة صغيرة من مبرمجي الحواسيب الذين عمدوا سريعاً إلى إعداد خريطة تفاعلية لمدينة طوكيو على الإنترنت مستخدمين موقع «تويتر» لترويجها. وفي غضون ساعات قليلة، ملأ الناس الخريطة بمعلومات حول أماكن الإقامة المؤقتة. وبحلول منتصف الليل، كان قد دخل ما يزيد على 180 ألف شخص الموقع وتجنَّب العديد من سكان الضواحي العالقين في العاصمة محنة تمضية ليلتهم في العراء والبرد. أما في الشركات اليابانية الكبيرة، فكان العديد من الرؤساء التنفيذيين الشبان في طليعة من أطلق برامج لمساعدة الناس في المناطق المنكوبة. على سبيل المثال، باشر الرئيس التنفيذي تاميهيتو تاكشيما، 36 عاماً، لشركة «وين رودر» العائلية المتخصِّصة في لوجستيات إعادة التدوير، مشروع «من القلب إلى القلب» من أجل توزيع المستلزمات إلى ضحايا التسونامي. أما دايسوكي كان، 30 عاماً، وهو المدير التنفيذي لشركة المشروبات «تشيريو»، فقد عمد إلى التنسيق مع شركات الحافلات المحلية وغيرها من المؤسسات ليوزِّع مجاناً حوالى 150 ألف قارورة من مشروب الطاقة «لايفغارد» للأشخاص المحتاجين. كما بادرت عدة شبكات اجتماعية بإطلاق برامج جمع أموال في سبيل إغاثة منكوبي الزلزال. وفي 12 آذار (مارس)، بدأت الشبكة الاجتماعية «غري» على الهواتف المحمولة الخدمة الجديدة «متطوِّع غري» التي سمحت للمستخدمين بشراء «أفاتار» عن طريق عملة خاصة بشبكة «غري». ثم تبرَّعت الشبكة بالقيمة ذاتها من الأموال إنما بالين إلى ضحايا الزلزال. وبحلول 20 آذار (مارس)، كان تبرَّع أكثر من 885 ألف مستخدم بمبلغ 174 مليون ين (ما يعادل 2.1 مليون دولار). وحتى الآن، غالباً ما كان الجيل السابق يصرف النظر عن الشباب الياباني واصفاً إياه بالضعيف والمنغلق. الشبان ضعفاء لأنهم ينفقون الأموال ويشربون أقل مما كان يفعله آباؤهم، ومنغلقون لأنهم يفضلون العيش في اليابان. إلا أن هؤلاء الشبان برهنوا على قدراتهم في مواجهة الأزمات الخطيرة وبناء مستقبل جديد لليابان. (*) المدير التنفيذي ومايوكا يامازاكي هو كبير الباحثين الجامعيين، في «مركز البحوث اليابانية» التابع لكلية هارفرد للأعمال، في طوكيو.