النزيف الأنفي هو عرض شائع، ولا يوجد أحد تقريبا إلا وقد عانى منه مرة أو مرات عديدة، وهو أكثر شيوعا في الأطفال من سن 2-10 سنوات، وأيضاً في كبار السن. وبالرغم من أن أكثر حالاته تكون بسيطة وتتوقف تلقائيا إلا أن الرعاف يمكن أن يكون خطيراً بل وقاتلا أحيانا, وربما يتساءل أحدنا عن سبب شيوعه وانتشاره؟ والإجابة بسيطة.. فلكون الأنف غني بالأوعية الدموية، ولكون الأنف نفسه موجود في مكان بارز وناتئ، فهو معرض أكثر للإصابة وبالتالي النزيف. ولكي نبدأ حديثنا يجب أن نعلم أنه يوجد نوعان من نزيف الأنف.. الأمامي والخلفي اعتمادا على مصدر الدماء، ففي النزيف الأمامي يمكن رؤية مصدر النزف ومكانه والذي يكون عادة من الحاجز الأنفي وبخاصة المنطقة الأمامية منه، أما النوع الخلفي فهو الأخطر والأقل شيوعا وبخاصة في كبار السن. أسباب الرعاف نأتي لمسببات النزيف الأنفي والتي يمكن تقسيمها لأربعة أسباب رئيسية: 1 - العوامل البيئية.. وبخاصة نقص الرطوبة وجفاف الجو والذي نعاني منه بشدة في منطقتنا، وأيضاً بسبب تلوث الهواء ودخان التبغ. 2 - الأسباب الموضعية.. فالنزيف قد يكون بسبب موضعي ناشئ من الأنف نفسه أو الجيوب الأنفية أو البلعوم الأنفي، فمن المسببات الموضعية الأكثر شيوعا ما يسمى بالنزيف التلقائي والذي يحدث مع ارتفاع حرارة الهواء والمجهود البدني وبسبب إصابات الأنف الناتجة عن عادة وضع الإصبع في الأنف والأجسام الغريبة بالأنف، وهذان السببان من الأسباب الأساسية في الأطفال، وأيضاً يمكن أن يكون بسبب إصابات الأنف المباشرة أو كسر عظام الأنف, ومن الأسباب الشائعة.. التهابات الجهاز التنفسي العلوي الحادة ونزلات البرد, وربما ينتج أيضاً بسبب اعوجاج (انحراف) الحاجز الأنفي مما يعطي فرصة لضعف الأوعية الدموية وتكون القشور على منطق الاعوجاج, وأخيراً ينتج النزيف في بعض الأحيان عن وجود بعض الأورام الحميدة أو الخبيثة. 3 - الأمراض العامة.. والتي تنعكس ثانويا على الأنف مثل ارتفاع ضغط الدم، ويجب أن ننبه هنا على أهمية الفحص الدوري حيث إن بعض المرضى يتم تشخيص ارتفاع الضغط لديهم للمرة الأولى بسبب نوبة نزيف أنف حادة بالرغم من أنهم يعانون من الضغط لفترات طويلة, ومن المسببات العامة أيضا الأمراض النزفية مثل (الهيموفيليا) وبعض الأمراض الوراثية الأخرى والحميات النازفة وأمرض الكبد والكلى المزمنة. 4 - تناول بعض الأدوية والعقاقير مثل مانعات التجلط والأسبرين والكحوليات واستنشاق المواد المخدرة كالهيروين والكوكايين. كيفية التعامل مع حالة النزيف الأنفي دائماً ما يأتي المريض أو الوالدين في حالة فزع شديد بسبب منظر الدماء ولكن يجب أن نعلم أن الكثير من الحالات يمكن أن يتم علاجها في المنزل باتباع بعض الطرق البسيطة (الإسعافات الأولية لنزيف الأنف) وذلك بالضغط على مقدمة الأنف اللينة بواسطة إصبعي السبابة والإبهام لمدة لا تقل عن 5 دقائق مع جعل الرأس مائلة قليلا للأمام وفتح الفم (مع ملاحظة عدم إمالة الرأس للخلف حتى نتجنب دخول الدماء لمجرى التنفس) ويجب أن يكون مستوى الرأس أعلى من مستوى القلب، كما يمكن الاستعانة بالكمادات الباردة على الأنف والوجه أو بعض قطرات الأنف القابضة بوضعها على قطعة صغيرة من الشاش وتوضع داخل الأنف مع الضغط عليها. متى يجب أن أذهب للطبيب؟ إذا لم يتوقف النزيف بالطريقة السابقة، أو إذا كان النزيف شديدا من البداية وتم فقدان كمية كبيرة من الدماء, أو أن المريض في حالة صدمة بحيث يصبح ذهنه مشوشاً أو يعاني من مرض مزمن أو كبر السن يجب نقله للمستشفى مباشرة. فيقوم طبيب الأنف والأذن بعمل تقييم سريع للمريض بهدف إيقاف النزيف الأنفي والذي يتراوح من بعض الأدوية الموضعية، إلى الكي الكيماوي للأنف عن طريق مادة كاوية توضع على مكان النزيف، أو الكي الكهربائي باستخدام مخدر موضعي بدون ألم تقريباً، أو عن طريق حشوات الأنف الأمامية والخلفية والتي تتراوح بين الشاش الطبي أو الأنواع الحديثة من الحشوات البالونية أو ذاتية الانتفاخ والتي أصبحت متوفرة الآن وتوضع بكل يسر وسهولة. وفي بعض الحالات القليلة يحتاج المريض للتدخل الجراحي لربط الشريان المسبب للنزيف أو عمل إغلاق للشريان بواسطة التصوير الإشعاعي التداخلي. لتتجنب النزيف بعد التعامل مع حالة الرعاف وعلاج المسببات وبعد العودة للمنزل يجب اتباع بعض التعليمات وبخاصة في أول يومين، فيفضل للمريض الراحة بالسرير مع استخدام وسادة مرتفعة، والاحتراز من تنظيف الأنف العنيف والاستنثار بقوة، والامتناع عن التدخين، وعدم حمل أشياء ثقيلة، وعدم شرب مشروبات ساخنة، واستخدام بعض المرطبات الأنفية التي يصفها الطبيب ويستحسن أن يتم ترطيب هواء الغرفة. بعد ذلك يتم التعامل مع مسببات النزيف الموضعية مثل عمل تعديل لانحراف الحاجز الأنفي، أو إزالة الزوائد النازفة، أو التعامل مع المسببات الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم. د. فادي فكري - وحدة الأنف والأذن والحنجرة