أشرت في المقال السابق إلى رشاقة خالد الفيصل أمير مكةالمكرمة وهو يتحرك على مسرح المنتدى الاقتصادي (شباب الأعمال) بجدة يخاطبهم ويحاورهم. أيضاً إلى د. خالد العنقري وزير التعليم العالي وهو يشق طريقة في صعوبة وسط غابة من طلاب المؤتمر العلمي الثاني لطلاب التعليم العالي بجدة يحاورهم ويتبادل معهم الآراء... مشهد الفيصل والعنقري في جدة قد يحدث ويتكرر في كل مدينة من مدن المملكة على الرغم من أن (جدة غير) وعلى الرغم من أن جدة أيضاً (أم الرخا والشدة)، فالمطر كله خير على الرغم مما أحدثه من أضرار نفسية وجسدية وأتلف الممتلكات، فقد انضج شباب جدة وجعلهم متحفزين ونشطين ويقظين وقوى لديهم روح التعاون والتطوع، وهو ما لمسناه في المؤتمر الثاني لطلاب التعليم العالي الذي انعقد مؤخرا في مدينتهم، حيث أصبح المؤتمر ينبض بالحيوية وروح الشباب الذي أحب بلاده ومدينته وعمل من أجلها. أعود إلى مشهد رشاقة الأمير خالد الفيصل في المنتدى الاقتصادي ورشاقة وحيوية الوزير العنقري في ردهات وممرات المؤتمر الطلابي ومصدر ذلك الوميض الذي تجلى في الروح الجديدة الوثابة والطموحة التي أظهرها الطلاب, تقابلها الشهية المفتوحة لدى المسؤول... طلاب الجامعات على غير عادتهم اندفعوا إلى مقر المؤتمر مما اضطر إدارة المؤتمر إلى تفويجهم للقاعات والصالات. هذا التدافع ليس برغبة الوجود والاطلاع أو حتى الفضول، بل بسبب الروح الجديدة لهذا الجيل المملوء بالدافعية الذاتية ودافعية الأهل حتى إن البعض حضر ومعه أحد والديه.. وليس كما قيل إنه بسبب ما أشيع من أن من يحضر جلسات المؤتمر سيحصل على درجات، وهي إجراءات مستحقة في العرف الأكاديمي تدخل في إطار درجات المشاركة... الأمر الآخر انه مؤتمرهم وساحة للتعبير عن أنفسهم وشخصياتهم, وكما أن الطلاب جاؤوا بفعل الدافعية أيضاً كان وجودهم الكثيف بدافع التنافسية وهي أحد أهداف التعليم لأن المؤتمر يقوم على التنافس الأكاديمي بين الطلاب والجامعات ويقدم طروحات وأفكارا علمية جديدة في المحاور البحثية... لذا كانت مشاركتهم تغذيها قوة التنافسية والدافعية. ونحن أمام جيل جديد لمس إرهاصاته وبوادره الأمير خالد الفيصل عندما وقعت جدة تحت حصار مطر السماء وفيضانات السيول المنقولة. كذلك حس بذلك وزير التعليم العالي د. خالد العنقري عندما وجد نفسه وسط غابة نخيل وأعناب وأشجار الحمضيات من طلاب الجامعة يقرأ في عيونهم الحرص والرغبة والطموح الأكاديمي وإشعاع الإبداع وحبهم لوطنهم وقيادتهم، فقد شاهد بعينيه وسمع أصوات الترحيب الكبير والإنشاد العذب للقيادة وللوطن وكأننا باحتفال وأعراس وطنية كانت فيهما الانتماء والولاء حاضرة... لا شك أن الخالدَين الفيصل والعنقري خلال الأسبوعين الماضيين اصبح لديهما ذاكرة جديدة مع جيل جديد تشكل وسط أحداث ساخنة اجتاحت سماء وارض الوطن العربي.