وزير الاتصالات: بدعم ولي العهد.. المملكة تقود أعظم قصة في القرن ال 21 في الشمولية وتمكين المرأة    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    البليهي: مشكلة الاتحاد انه واجه الهلال وكل المدافعين في اتم الجاهزية    للأسبوع الثاني.. النفط يواصل صعوده    «الأمم المتحدة»: السعودية تتصدر دول «G20» في نمو أعداد السياح والإيرادات الدولية    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    غزة.. الاحتلال يبيد العائلات    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    الهلال يكسب الاتحاد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    الابتكار يدعم الاقتصاد    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    أحلامنا مشروع وطن    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    فأر يجبر طائرة على الهبوط    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    يوم مجيد لوطن جميل    مسيرة أمجاد التاريخ    الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل".. الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    بلادنا مضرب المثل في الريادة على مستوى العالم في مختلف المجالات    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    رئاسة اللجان المتخصصة تخلو من «سيدات الشورى»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا ينبغي لمن غلبته الحمية في قضية أو أكثر من قضايا الناس أن يفتي فيها..!
مؤكداً أن الفتوى لأهل العلم والفقه والدراية فقط.. مفتي لبنان ل(الجزيرة)
نشر في الجزيرة يوم 11 - 03 - 2011

أكد سماحة مفتي لبنان الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، أن أهل العلم والفقه هم أهل الفتوى، وأن هناك ضوابط وشروطا للمفتي، ولا يمكن لغير العلماء والمؤهلين الفتوى، وأضاف: إن الفتوى في الشريعة مقترنة بالتقوى.
وثمن مفتي لبنان دور خادم الحرمين الشريفين في انطلاقة الحوار بين المسلمين وأتباع الأديان والفلسفات والأيديولوجيات الأرضية من أجل التعايش السلمي.. وفيما يلي نص الحوار مع مفتي لبنان:
كيف ترون وضع الفتوى الآن في ظل التضارب بين المفتين خاصةً مع دخول غير المؤَهلين ميدان الفتوى؟ وهل نحن بحاجة إلى ضبط الفتوى؟ أو تقنينها كما طالب البعض؟ ومن له حق الإفتاء؟
- الأَصل وهو المعتمد، أن لا يُفتي في أمور الدِّين إلاَّ مَن هوَ مِن أهلِ العلم والفقه في الدِّين، وبشروطٍ منها: أن يكونَ متمكِّناً من معرفة الأحكامِ الشرعية, وأدِلَّتها من القُرآنِ والسُنَّة والإجماع والقياس، والمصالحِ المُرسلة وغيرها، ووُجوه دلالَتِها، عارفاً من علومِ القرآن والحديث، والناسخِ والمنسوخ، وعلم أصول الفقه، وعِلمَي النَّحو واللغة العربية.
وعلى ذلك، فَكُلُّ من تكلَّمَ في مسألةٍ من مسائل العلم في قضايا الناس الفردية أو الاجتماعية أو العامة، وهوَ لاَ يستجمعُ شروط الإفتاء، لا يكونُ كلامُهُ أو حديثُهُ فتوَى، وينبغي تَوعية عامَّة الناس حتى لا يُسَلِّموا ويقبلوا كلَّ كلامٍ في الدين وأحكامه من غيرِ أهل العلم بهِ من جهة، وحتى لاَ يتَجَرّأَ على الفتوى مَن لَيسَ من أهلها.
وأهلُ العلم والفقه والتقوى هم أهلُ الفتوى، وهُم لاَ يفتونَ إلاَّ بعد تقليب المسألة، ومعرفة حُكمِها ووَجهِ الدليلِ والدّلالة فيها، ولمعرفة قَدرِ الفتوَى العلمي وحُرمَةِ الخوضِ فيها لِمَن ليسَ من أهلها، أَو لا يعرفُ دليها الشرعي من مصادر الأدلة في الشريعة، نسوقُ بعضَ كلامِ العلماء في ذلك للعِظَةِ والعِبرَة وعدم التَّقَحُّمِ فيها أَو علَيها ممَّن لَم يتَفَقَّهوا في الأحكام وأدلَّتها:
سُئِلَ الإمام مالِك رضي الله عنه عن مسألَةٍ فقالَ: لا أدري؛ فقيلَ لَهُ إنها مَسألَةٌ خَفيفةٌ سَهلة، فَغَضِبَ وقال: لَيسَ في العلمِ شَيءٌ خَفيف، أما سَمِعتَ قَولَ الله تعالى في القرآنِ الكريم: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}؟، وكانَ الإمام مالك رضي الله عنه يقول: «مَن أَجابَ في مسأَلة، فَيَنبغي قبلَ أن يُجيبَ فيها أن يَعرِضَ نفسَهُ على الجنَّةِ والنَّار، وكَيفَ يكونُ خلاصُهُ في الآخرة، ثُم يُجيبُ فيها»، وكانَ سُفيانُ بنُ عُيَيْنة وسِحنونُ بنُ سَعيد يقولان: «أَجسَرُ الناس على الفُتيَا أَقَلُّهُم علماً».
وخُلاصةُ القَول، أنَّ الفتوَى في الشريعة مُقتَرِنَةٌ بالتَّقوِى، فلا ينبغي لِمَن غلَبَتهُ الحميَّةُ في قضيَّةٍ أو أكثَر من قضايا الناس الفردية أو الاجتماعية أو العامة، أن يقولَ فيها بالرَّأيِ دونَ فقهٍ فيها، ودليلٍ مُعتَبَرٍ عندَ أهلِ العلم؛ وكلُّ ذلكَ مِمَّا يجبُ تَوعيةُ جمهور الناس فيه بكلِّ وسائلِ التوعية والتعريف، وعلى المسئولينَ عن القنوات الفضائية أن يَتَّقوا اللهَ في عقول وأفكارِ المشاهدينَ والمستمعين، فلا ينتَدبوا لبرامجِ الحلَقات أو الندَوات إلاَّ أهل العلم، وإذا كانوا لا يعرفونَ تمييزَ هذا من ذاك فيُمكِنُهُم مُراجَعَةُ المرجعية الدينية في بلادهم لانتداب أهلِ العلم والفقه في الدِّين لهذه البرامج والحلَقات والندوات.
حوار الأديان: نجحت المملكة العربية السعودية في وضع أُسُسٍ له، هل يحتاج الأمر إلى الاهتمام باللغات في المنهج التعليمي لإعداد الجيل المستقبلي القادر على الحوار والإقناع لمُفَكِّري ومثقفي الغرب بشكل خاص؟ وما هيَ رُؤيَتكم الشخصية في هذا الشأن؟
- المملكة العربية السعودية هيَ مَهدُ الإسلام منذ نشأته في تاريخه وحاضره ومستقبله، فَفي عاصمتها المقدَّسة مكة المكرَّمة وُلِدَ نبيُّ اللهِ ورَسولُ الإسلام محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وفيها وفي المدينة المنورة نزَلَ القرآن آخرُ رسالات الله إلى الناسِ كافَّة في مشارقِ الأرضِ ومغارِبِها، وفيها أيضاً قِبلَةُ المسلمين في العالَم، وتَضُمُّ في رحابها المشاعرَ المقدَّسة للرُّكنِ الخامس من أركانِ الإسلام وهو الحج، لذلك يجب أن تكون فهيَ طليعةُ الدَّاعين إلى الحوار في العالَم وقُدوَتُهم في ذلك.
وفعلاَّ فقد أخذَ خادمُ الحرَمين الشَّريفَين الملِك عبدالله بنِ عبدالعزيز حفِظَهُ الله بزمامِ دعوة العالم إلى الحوار في المؤتمرات في المملكة وفي الخارج، وفي المؤسَّسَة التي أنشَأها في المملكة لتفعيل الحوار في العالَم، خاصَّةً وأن الإسلام الذي قامت المملكة العربية السعودية على قواعده ومبادِئهِ هو دين العقل والحوار، وهوَ مِمَّا ينبغي التَوعيةُ والتعريفُ به، وفي كتاب الإسلام وهوَ القُرآنُ الكريم: يُعَلِّمُنا اللهُ حِوارَ العالَم فيَقول للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}؛ ويقولُ للنَبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وهوَ خطابٌ لَنا أيضاً بِالاِقتداء: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}، ويقولُ للنَبيِّ ولَنا أيضاً: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}؛ ويقول اللهُ تَبارَكَ وتَعالى أَيضاً: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}.
هَذا، وتَعلُّمُ وإتقانُ لُغاتِ العالَم هوَ خَيرُ مُعينٍ بعدَ الله تعالى على حوارِ الشعوبِ والعالَم، وهوَ أفضَلُ بكثيرٍ منَ ترجمةِ كلامِ المُحاوِر للآخَر، وهُناكَ ثروةٌ ضَخمة لَم نَستَخدِمها بعد في الحوار، أو لَم نَتَفَطَّنَ لتأثيرِها الكبير في النتائجِ الإيجابيةِ للحوار، وهي أولئكَ الشباب الذين يُسافرونَ إلى دُوَلِ العالَم للدراسةِ والتَّخَصُّص، فَعندما تقوم الجهةُ الثقافية المعنية بالحوار في كلِّ بلَد والعاملةُ من أجلِه بتنظيم دوراتٍ قصيرةٍ ومُكّثَّفةٍ لهَؤُلاء الطلاب لمعرفة طريقة ومَضمون التعريف بالإسلام ومبادئِهِ وقيَمِهِ العُليا، وبآدابِ الحوار وكيفيَّته معَ الآخَر، حيثُ يلتَقي هؤلاء الطلاَّبُ معَ الناس وأمثالِهِم في البلدان التي يدرسون ويتعلَّمونَ ويتَخَصَّصُونَ فيها، فَهُم خيرُ مَن يحمل هذه الرِّسالة إلى العالم والتعريفِ بها، وليسَ بالضرورَةِ أن يبذُلوا وقتاً كبيراً في ذلك وهُم في مهمة طلبِ العلم التي سافروا بالأساسِ من أجلها، بل حين تجمَعُهُمُ المجالسُ أو النوادي أو الندَوات، وحين يجدونَ فرصةً مناسبةً وظروفاً تُتيحُ لَهُمُ أَو تَقتَضي التعريفَ أو البيان في مَوضوعٍ أَو قضيَّةٍ أَو أَكثَر، الأَمرُ الذي ينبغي التَّنَبُهُ لَه والاستفادَةُ منه بتأهيلِ أبنائنا الذين يطلبون العلم في الخارج.
انطلَقَت دَعواتٌ في أنحاءٍ متفرقة في الإعلام الغربي مفادُها أن إنقاذ الاِقتصاد العالَمي يَكمُنُ في النظام الاقتصادي الاجتماعي الإسلامي، كيفَ يُمكِنُ ذلكَ من وُجهَة نظرِكُم في مجالَي الزكاة والتَّكافُل؟
- لا بُدَّ من تمهيدٍ موجَزٍ أولاً بينَ يدَيّ الجواب في هذا الموضوع، الرِّبا في النظام الاقتصادي هو علَّة العِلَل، حيث تُشَكِّلُ الفائدة وهيَ صورةٌ من صُوَر الرِّبا في الاقتصاد المعاصر كابحاً على درجة التنمية والاستثمار واتِّساعِهِ ومُثَبِّطاً لَه، خَشيَةَ تراكُم الفائدة على المؤسَّسة الاقتصادية، وتَقومُ بإضافةِ سعر الفائدة على كلفة السلعة التي يتحملها المستهلك، ومعَ ارتفاعِ الكُلفَةِ والسِّعر يقِلُّ إقبالُُ المُستَهلِك على الشراء، وكلَّما قَلَّ الاستهلاك ضَعُفَ الإنتاج، ومع زيادة التَضَخُّم أيضاً يضعُف الإنتاج ويَعُمُّ الكساد، وهكَذا دوالَيك، وكلَّما زادَت الديون والفوائد الرِّبَويَّة على المؤسسة وصَعُبَ عليها إيفاءُ ما عليها للدَّائنين، وصَعُبَ عليها استيفاءُ ما لها من الناس أو المؤسسة الأُخرى المتعاملة معها، كلَّما زادَت الأزمة المالية والاقتصادية. والأزمةُ الماليةُ العالَميةُ، وفي اليونان خاصةً وغيرِها من هذا القبيل، وتحمِلُ بصَماتِ الديون والفوائد الرِّبَويَّة عليها وصعوباتِ الإيفاءِ والاستيفاء، ويُشَكِّلُ الرِّبا وفوائدُهُ المصرفية عاملاً أساسياً في هذه الأزمة العالَمية الرَّاهنة وآثارها المُدَمِّرة، وصَدَقَ اللهُ تعالى في قَولِهِ في القرآنِ الكريم: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، وذلكَ لأنه نوعٌ من أنواع أكلِ أموالِ الناسِ بالباطل.
أما سؤالُكم عن النظام الاجتماعي الإسلامي وخاصَّةً نظام الزكاة، ونظام التكافُلِ فيه، ودَورُهُما في التَّخفيف من الأزمات الاقتصادية وآثارها السلبية على الاقتصاد والمجتمع، وإشادةُ كُتَّاب ومُفكِّرين بهذا الدَّور فهوَ صحيح، ذلكَ أنَّ الزكاةَ (في أحد معانيها) تعني الطّهارة، ويُقصَدُ بها طهارة النفس مِنَ الإمساك والشُحّ وخَشيَةِ الإنفاق، ويكون ذلك بالبذل والعطاء وصرف قيمة الزكاة الواجبة في مصارفها الشرعية التي ترعى شئوناً اجتماعية عِدَّة، وتَسُدُّ حاجاتٍ كثيرةٍ للناس تكون مفقودةً بدون زكاة المال. و(في المعنَى الثاني) تعني الزكاة النَّماء والنُمُوّ، حيثُ تكونُ زكاةُ المال سبَباً في دفع المال في عملية الاستثمار والتنمية فيَنمُو المال ويَزيد كَي لا تأكُلُهُ الزكاة في حال تجميده بالاِكتناز وانتقاصه بالزكاةِ كلَّ عام، كما تُساهِم أموالُ الزكاة التي يحصل عليها المستَحقون ويصرفونها في سَدِّ حاجاتِهِم في تفعيل دَورَة الاستهلاك والإنتاج والرَّواج، وكِلاَ المعنَيَين الطهارة والنماء يَرِدان على معنى الزكاة وحِكمَتِها ونتائجِها وآثارِها.
كما أن في نظام التكافُل في الإسلام نتائجَ باهرة في تحسينِ مُستَوَى الأَوضاع الاجتماعية لقِطاعات كثيرة في المجتمع، وعلى سبيل المثال يَحُضُ النَبيُّ محمدٌ صلى الله عليه وسلم المسلمين على تَفَقُّد أحوال الناس وبذل المعونةِ لَهُم فَيَقول: «مَا آمَنَ بي مَن باتَ شَبعاناً وجارُهُ جائعٌ إلى جَنبِهِ وهوَ يعلَم»، وهذا التكافُل مع الجار يمتَدُّ من جارٍ إلى جار حتى يشمُلَ المجتمع في هذا التكافُل، وقد جاء ذكرُ «الجوع» في الحديث على سبيلِ المثال وليسَ على سبيل الحَصر، وهذا يعني أنَّ التكافلَ الاجتماعيَّ في الإسلام لَيسَ في حالة الجوع فقط، بل على سبيل المثال في الحاجات الأساسية التي يتَكافَلُ الناسُ فيها معَ بعضِهم في المجتَمع.
وفي مثالٍ آخَر لأنواع هذا التَكافُل يقولُ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم:»مَن مَشَى معَ إنسانٍ ليُثَبِّتَ لَهُ حقَّهُ ثبَّتَ اللهُ قَدَميهِ على الصِّراط يومَ تَزِلُّ الأقدام» أي يومَ القيامةِ والحساب. ويَتَّسِعُ هذا التكافُلُ في الإسلام ليَشمُلَ كلَّ حاجاتِ الناس في حياتهم ومعَ بعضِهِم، وفي ذلكَ يقولُ النَبيُّ صلى الله عليه وسلم:»مَن كانَ في حاجَةِ أَخيه كانَ اللهُ في حاجَتِه، واللهُ في عَونِ العبد ما كانَ العَبدُ في عَونِ أَخيه».
ولا نَنسَى في هذا المَجال كَفالةَ الأيتام في المجتمَع في كلِّ حاجاتِهِم من قِبَل القادرين على كفالَتِهِم مِمَّن آتاهُمُ اللهُ من فَضلِه، وفي ذلكَ يولُ سَيِّدُنا ونَبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم:»أَنا وكافِلُ اليَتيمِ في الجَنَّةِ كَهاتَين» أَي في الجوارِ والقُرب، وضَمَّ النَبيُّ صلى الله عليه وسلم أُصبَعَيه إلى بَعضِهِما السَبَّابة والوُسطَى.
هذه أَمثِلَةٌ لبعَضِ حالاتِ وتَطبيقاتِ النظام الاجتماعيِّ في الإسلام، تُصَوِّرُ لنا مدَى اهتِمام وعنايَةِ الإسلام بالناس وكفايَتِهِم في حاجاتِهِم وحياتِهِم، وفي الحقيقة أن هذا كلَّهُ من بعضِ آثارِ رَحمَةِ اللهِ تعالى بعبادِهِ وتأليفِهِ بينَ قلوبِهِم، فإنَّ اللهَ تعالى هوَ الواهِب والمُنعِم والمُعطي، ويُجرِي ذلكَ بفَضلِهِ على أَيدي مَن شاءَ مِن عبادهِ الصادقين الذينَ رَضِي َعنهُم ورَضُوا عنه، فَسُبحانَ مَن خَلَقَ فَسَوَّى، وقَدَّرَ فَهَدَى، ولَهُ الآخِرَةُ والأُولى، وبَعَثَ نَبيَّهُ ورَسولَهُ محمداً صلى الله عليه وسلم بالقُرآن الكريم رَحمَةً للعالَمين.
صَدَرَت فتاوَى وتوصيات من علماء الأُمة لتَسهيل أداء فريضة الحَجّ على الحُجَّاج الذين يؤَدون هذه الفريضة، فما هيَ السَبُل التي تكفُل نَشر هذه النتائج والتوعية بها وتطبيقها؟
- ملايينُ المسلمين والمسلمات تهفو قلوبُهُم لأداء فريضة الحَجِّ كلَّ عام، لكنَّ مساحةَ ودائرةَ ومُحيطَ بعضِ المشاعِرِ المُقَدَّسة وخاصَّةً في عَرَفة ومِنَى والمَسعى بين الصَّفا والمَروة، ومُحيطُ الطوافِ حَولَ الكعبةِ المُشَرَّفة، محدودُ المساحة بمعاييرِهِ وضوابطهِ الشرعية، لكنَّ خادم الحرَمَين الشريفَين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظَهُ الله أعطَى ويُعطي عنايَةً خاصة، واهتماماً استثنائياً، بالحَرمَين الشريفَين وبالمشاعِر المقدَّسة للحَجّ، فالأَعمال الجارية باستمرار لتوسعة الحرَمَين الشَريفَين في مكةَ المكرَّمة والمدينةِ المنوَّرة، ومنطقةُ السَّعي بينَ الصَفا والمَروَة، ومنطقةِ رَميِ الجمَرات الثلاث، بالطُرُق الهندَسيَّة والتجهيزات والتِّقنيَّاتِ الحديثة ساهَمَت كَثيراً في تسهيل أداء فريضة الحَجّ على الحُجَّاج القادمينَ منَ العالمَ بأعدادٍ مليونيةٍ هائلة إلى المملكة لأداء فريضةِ حَجِّهِم، فضلاً عن وسائل الخِدماتِ الصحية، ووسائلِ المواصلات والاتصالات والإقامة ومُتَطلَّبات المعيشة.
ومن مُنطَلَق حِرصِ المملكة على راحةِ الحُجَّاج وتَسهيلِ أداء حَجِّهِم، وبسَبَب محدوديَّة دائرة ونطاق ومُحيط بعض المشاعر المقدَّسة وضوابطها الشرعية، معَ الأعداد الهائلة الرَّاغبة في الحَجّ وتزدادُ كلَّ عام، رأَتِ المملكة السَّماحَ لنسبَةٍ مئويَّةٍ من عدد سكان كل بلَد إسلامي بالحَجّ كلَّ عام، بشروطٍ وضوابِطَ تكفُلُ العدالةَ بينَ الراغبين في حُجَّاج كلِّ بلَد.
وكلُّ ما سَبَق هوَ مِمَّا ينبغي التَوعيَةُ والتَّعريفُ به وبأسبابهِ وحِكمَتِهِ في أَوساط الشعوب الإسلامية، لحُسنِ تطبيقِهِ والعَمَلِ بِه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.