تطوَّرت مهنة الإرشاد السياحي في مناطق مختلفة من العالم تطوّرًا مطّردًا مترافقًا مع تطور السياحة والبرامج السياحية في تلك المناطق، وفي المملكة العربية السعودية برز الاهتمام بالمرشد السياحي في منتصف عام 2006م مع تسلّم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لأول رخصة إرشاد سياحي بالمملكة بعد اجتياز سموه الاختبارات الخاصة بذلك في المركز الوطني للقياس والتقويم بالرياض. وتماشيًا مع سياسة الهيئة في تفعيل دور المرشد السياحي وضعت برنامج ترخيص المرشدين السياحيين في المملكة العربية السعودية، واطلعت على تجارب بعض الدول العربية والأجنبية التي لديها أنظمة في الترخيص للمرشدين السياحيين. ومن أجل الترويج لهذا القطاع كمقوم أساسي من مقومات السياحة الداخلية في المملكة، ومن أجل تقدير جهود العاملين في الإرشاد السياحي وغيره من قطاعات السياحة، عمدت هيئة السياحة إلى بث برنامج جوائز التميز السياحي السعودي؛ تطويرًا للخبرات السياحية، وتحفيزًا للأفراد والمؤسسات، وتعبيرًا عن تقدير وطني وعالمي لضمان مستمر في المنتجات والخدمات. تطوير مهنة الإرشاد السياحي وفي هذا الصدد يقول المهندس أحمد العيسى المدير العام لإدارة التراخيص والجودة في الهيئة العامة للسياحة والآثار: «من منطلق حرص الهيئة على تطوير صناعة السياحة في المملكة وتوفير الفرص الوظيفية للشباب السعوديين في هذا المجال، بادرت إلى تنفيذ برنامج للإرشاد السياحي يسعى إلى تنظيم وتطوير مهنة الإرشاد السياحي، من خلال الترخيص للمواطنين الراغبين في مزاولة هذه المهنة وفق ضوابط محددة، وقد أعدت الهيئة برنامج ترخيص المرشدين السياحيين في المملكة العربية السعودية من منطلق سياستها في تفعيل دور المرشد السياحي، وجعله أكثر احترافية، مع إعطائه الفرصة لإظهار الوجه الحقيقي والمشرق للمملكة المتمثل في عراقة حضارتها وأرضها، وأخلاق مجتمعها، إضافة إلى أن هذا البرنامج يهدف إلى إيصال المعلومات عن المواقع للسائح المحلي بطريقة صحيحة واحترافية، ويشمل هذا البرنامج الترخيص لثلاث فئات من المرشدين السياحيين، هي: مرشد عام على المستوى الوطني، ومرشد منطقة لكل منطقة من مناطق المملكة، ومرشد موقع لمواقع الجذب السياحي التي تتميز بها المملكة». وعن آلية الترخيص لمزاولة هذه المهنة يوضح العيسى: «يتم الترخيص للمرشدين السياحيين بعد اجتيازهم لاختبارات دقيقة تقيس الجوانب المهارية والثقافية والسلوكية والمعرفية للمرشد السياحي، ومن أجل تأهيل وتدريب المرخصين من الهيئة وإعداد أساتذة الجامعات والكليات الحكومية والأهلية والمهتمين كمدربين على الإرشاد السياحي، وقد نفذت الهيئة - ضمن سعيها لتمكين شركائها في تفعيل خطة التنمية السياحية الشاملة - عددًا من البرامج التدريبية بالتعاون مع الاتحاد العالمي للإرشاد السياحي، كما نفذت عددًا من الدورات التدريبية المتخصصة لتنمية مهارات المرشدين السياحيين المرخصين من الهيئة، وقامت من خلال المشروع الوطني لتنمية الموارد البشرية بإعداد مجموعة من الخطط لتوطين الوظائف السياحية، ومن ضمنها وظيفة الإرشاد السياحي، وتشمل تلك الخطط التدريب والتوظيف من خلال التعاون مع صندوق الموارد البشرية». تطوير النشاط من واقع التوجه الذي تنتهجه الهيئة في اعتبار القطاع الخاص شريكًا رئيسًا في تطوير وتحسين الخدمات المقدمة، وتهيئة البيئة المناسبة لنمو أي نشاط سياحي، يشير المهندس أحمد العيسى إلى أنه «تم تشكيل كيان من القطاع الخاص يساند الهيئة في تطوير نشاط الإرشاد السياحي تحت اسم (اللجنة الاستشارية للإرشاد السياحي)، وقد ضمت هذه اللجنة عددًا من المرشدين السياحيين المرخصين من الهيئة؛ للإسهام في إيجاد بيئة إيجابية لتنمية مستديمة لمهنة الإرشاد السياحي في المملكة، والتعريف بها من خلال الندوات وورش العمل، وزيادة وعي المجتمع، والعمل على رفع جودة الخدمات المقدمة من المرشدين السياحيين، وبحث المشكلات التي تعترض تحقيق مصلحة المرشدين السياحيين، واقتراح الحلول المناسبة لها، ومناقشتها مع الجهات المعنية». ويواصل العيسى حديثه: «إضافة إلى ذلك تم تقديم مجموعة من الدورات للمرشدين السياحيين بالتعاون مع كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة أسهمت في فهم وظيفة المرشد السياحي، والتعامل مع أدوات البحث وكيفية استخدامها، وتطوير تقنيات المشاهدة والمهارات العملية للإرشاد السياحي (الحافلة، المتحف، الجولات السياحية)، وتحديث مهارات الإلقاء والاتصال، وتطوير مهارات القيادة والتفاعل مع المجموعة وإعداد التقارير والتقييم». وحول حاجة المملكة إلى مزيد من المرشدين السياحيين، والإعداد الفعلية للعاملين في هذه المهنة يقول المدير العام لإدارة التراخيص والجودة في الهيئة: «لقد وصل عدد المرشدين المرخصين من الهيئة حتى الآن إلى (130) مرشدًا سياحيًا جميعهم من المواطنين المؤهلين لممارسة هذه المهنة، ولا تزال المملكة في حاجة إلى عدد أكبر من المرشدين السياحيين المرخصين؛ وذلك لمكانة المملكة التاريخية والآثارية، وتعدد المواقع السياحية فيها، والحقيقة أن الهيئة ترى في جميع المواطنين القدرة على تأدية الدور المناسب في إبراز المقومات العظيمة التي حبا الله بها هذه البلاد المباركة». وعن الاشتراطات المطلوبة للترشح لجائزة التميز السياحي أوضح المهندس أحمد العيسى: «لا بد للمترشح أن يكون حاصلاً على رخصة الإرشاد السياحي من الهيئة، وممارسًا للمهنة بشكل مستمر، ومتعاونًا مع اللجنة الاستشارية للإرشاد السياحي بشكل دائم، وألا يكون عليه أي شكوى أو مشكلة مع أي جهة، وأن يكون ترخيصه ساري المفعول، وأن يكون قد أسهم في عمل يخدم مهنة الإرشاد السياحي». جني الثمار جاءت نتائج مبادرات الهيئة ومجهوداتها في قطاع الإرشاد السياحي بارزة للعيان؛ فظهرت مجموعة من المرشدين السياحيين الحاصلين على تراخيص من الهيئة، والممارسين للمهنة منذ سنوات عدة، والخاضعين لمجموعة من الدورات التأهيلية. ومن هؤلاء توفيق محمد الصائغ (مرشد سياحي في منطقة مكةالمكرمة) الذي يعمل في أكاديمية الأمير سلطان لتدريب الطيارين، وقد أتته فكرة ممارسة الإرشاد السياحي أثناء ممارسة هواية الصيد، ومن مشاهداته للكثير من المناطق المهمة في المملكة عبر شاشة التلفاز؛ إذ دفعه فضوله إلى التعرف عليها، وتشجيع الناس على زيارتها والاطلاع على معالمها، يقول الصائغ: «الدورات التي خضعت لها، التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار أثبتت لي بُعد الكثيرين عن الأداء الصحيح أثناء ممارستهم للإرشاد السياحي، كما أثرت رصيدي بكم إضافي من المعلومات». وعدّ الصائغ جائزة التميز السياحي فكرة تشجيعية ممتازة؛ موضحًا: لا عمل يستمر دون تشجيع، وإن لم توجد أفكار تحفيزية كل فترة مثل هذه الفكرة فسينام كل المرشدين السياحيين وسيغطون في سبات عميق». من جانبه يرى بندر الرياعي (مرشد سياحي في منطقة القصيم) أن كمية الدورات المقدمة في هذا المجال قليلة إلى حد ما، ويطالب في هذا الصدد بإيجاد مراجع خاصة للمرشدين السياحيين، وتخصيص بعثات خارجية لهم إلى الدول السياحية؛ للاستفادة من قدراتهم ومضاعفة خبراتهم؛ حتى يتمكنوا من تجاوز امتحانات الحصول على ترخيص عمل؛ إذ إنه لم يتمكن من الحصول على الترخيص الخاص به إلا بمجهوداته الشخصية وباحتكاكه بالكثير من المرشدين في الدول المختلفة. كما يقترح تطبيق اتفاقيات مع دور الإيواء السياحي ووكالات السفر والسياحة لتسهيل أعمال المرشدين السياحيين الحاصلين فقط على ترخيص هيئة السياحة في كل منطقة، وتقديم أسعار خاصة لهم. وأبدى الرياعي إعجابه بجائزة التميز السياحي وضرورة الترشح لها. أما محمد علي جمعة (مرشد سياحي في المدينةالمنورة)، الذي سبق أن التحق بدورة تنمية مهارات الإرشاد السياحي، فيصف قطاع الإرشاد السياحي بالواعد، ويؤكد أنه على المرشد أن يتحلى بدماثة الخلق والإخلاص والدقة والنضج والقدرة على التعامل مع الجهات الحكومية ومقدمي الخدمة. وأشار إلى أهمية تعميم الإعلانات عن جوائز التميز السياحي، وتنظيم آلية للتعامل معها والتقدم لها، معربًا عن قناعته بأهمية دورها.