عرفت منذ القدم بأن سيول الأربعاء هي سيول جارفة، وهالكة للأرواح والممتلكات وكانت تؤرخ بها المواقف والمواليد والحوادث. وقد مرت على منطقة مكةالمكرمة أكثر من أربعة سيول يتذكرها كبار السن في مكةالمكرمة ومنهم من أعطاه الله طول العمر قد شارك في المساعدة والإنقاذ وخصوصاً عندما تدخل هذه السيول إلى بيت الله الحرام، أو تتسبب في تدمير الممتلكات، حيث ترى الجميع من أهل مكةوجدة والطائف يقفون صفا واحدا إلى جانب الجهات الحكومية ويهبون لتنظيف المسجد الحرام، وإعادته إلى وضعه وفتح أبوابه أمام المصلين والمعتمرين ومساعدة من أضر بهم السيل. وفي عام 1360ه ضرب سيل مكةالمكرمة ليلاً وقد أفاق الأهالي على انهمار الأمطار بقوة وكثافة عالية، وفي أقل من نصف ساعة أخذت السيول تجري في أحياء مكة وشوارعها وتجرف كل شيء بطرقها من الأشخاص والسيارات والمواشي وقد أضرت هذه السيول بالمنازل والدكاكين وهدمت العديد منها. ومنذ ذلك اليوم أخذ المسؤولون بوضع الحلول المناسبة لمنع سيول الأمطار وتحويل جريانها عن بيت الله الحرام والمنازل بمكةالمكرمة من خلال المشاريع التي أقرت من ولاة الأمر حفظهم الله في ذاك الزمن، ولكن فوجئ الجميع في يوم الأربعاء من العام 1376ه بسيل ثان جارف ولكن أضراره كانت أخف على الأهالي من السيل الأول رغم ما تسبب به هذا السيل من جرف بعض السيارات وهدم المحلات التجارية وخصوصاً الواقعة في منطقة المعابدة والخانسة والجميزة والغزة. ومن هنا بدأت القيادة الرشيدة بالتوجيه بالبدء بدراسات فنية لإقامة مشاريع تصريف مياه السيول حفاظاً على أرواح الناس وممتلكاتهم. وفي يوم الأربعاء من العام 1388ه هطلت أمطار غزيرة على مكةالمكرمة والقرى والضواحي القريبة منها جدة وبحرة والجموم والمرشدية وقرى أخرى, وقد صاحب هذه الأمطار سيل قوي وجارف قادم من أعالي مكة من جهة الشرق ومن الجبال في شمال وجنوب مكة واقتلع كل ما بطريقه من سيارات وأرواح ومواشٍ ودكاكين وهذا السيل دخل المسجد الحرام وامتلأت أروقته وسطح المطاف بالمياه التي ارتفع منسوبها إلى باب الكعبة المشرفة، ويعد هذا السيل الأكثر والأقوى خسائر شهدتها منطقه مكةالمكرمة وراحت فيه أرواح في مكةالمكرمة والقرى والهجر التابعة لها، كما أهلك هذا السيل الكثير من المزارع في منطقة المرشدية والجموم وعين شمس. وعليه كثفت الجهات المسؤولة دراساتها من خلال الخبراء والمختصين والاستعانة بعدد من الأهالي للتعرف على مناطق جريان السيول لوضع مشروعات تمنع هذه السيول من دخول مكةالمكرمة وحماية القرى والهجر من أخطارها، فقد أقيم في مكةالمكرمة سدان بشارع الحج وسد آخر في وادي فاطمة، وقد خففت هذه السدود في ذلك الوقت من قوة جريان السيول وكوارثها ومع مرور الزمن وتطور العمران ردمت الأودية التي كانت تعتبر مجاري للسيول وشيدت بها عمائر سكنية ومناطق صناعية وهذه الأعمال قد طمأنت الناس إلا أنه في يوم الأربعاء 12-12-1425ه هطلت أمطار على مدينة مكةالمكرمة لا تقل قوتها عن سيل 1388ه وكان السيل في هذا اليوم قويا ومدمرا وجرف العديد من السيارات في جميع أحياء ومناطق مكةالمكرمة العتيبية جرول المسفلة الزاهر حي العمرة العزيزية شارع الحج ومنطقة حدا ومحافظة الجموم وتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. وبعد هذا السيل فقد أمرت القيادة الرشيدة حفظها الله بإنشاء مشاريع عملاقة لتصريف مياه السيول تفوق قيمتها ملايين الريالات.