قبل عشر سنوات ولت الأدبار ظهر فهد السعوي على شاشة التلفزيون، وظن آثماً أن الناس قد اصطفوا لمتابعته، وأن ردود الأفعال ستحوطه بخيرها وشرها بعد نهاية الحلقة، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فلا أحد علم بظهوره أصلاً - كما يروي هو القصة بلسانه - فالوقت كان ميتاً والشاشة التي أطل منها كانت أضيق من أن تتسع لعشرة مشاهدين. لكن لماذا لم يدهمه الإحباط ويدفعه إلى التراجع دفعاً؟!..لأن الهزيمة «ليست من شيمه» كما يعرف نفسه ويعترف عنها، ويضيف: «فكرت في مخرج، لأنني لا أتولى من أرض التحدي، ورأيت أن أرسل لمن يهمني رأيهم تسجيلاً للحلقة، وبلغتني منهم وعنهم ردوداً طيبة، كانت كافية لأذهب قدماً». وفهد السعوي الذي يقدم برنامجي «الحياة كلمة» و «حجر الزاوية»، لا يترجل عن حصانه بعد أن ينتهي منهما، وإنما ينصرف إلى صناعة إعلام آخر يغذيه بأفكاره ووقته وعلاقاته عبر شركة «أصيلا» التي تضخ في القنوات الفضائية أكثر من خمسين برنامجاً تلفزيونياً، وتسخر إستوديوهاتها الضخمة لخمسين برنامجاً أخرى، تحت إدارة سعوديين مدربين. والغريب أن السعوي الذي دخل إلى حرم التليفزيون من دون «بروفات»، و بلا تدريب مسبق، واقتحم الهواء المباشر حتى استولى على رهبته وأرضخها لثقة في النفس لا يحصى عمرها، على النقيض تماماً لا يسمح في البرامج التي يتولى إنتاجها أن يظهر المذيع من دون أن يمر على فحص «البروفات»..فهذه بالنسبة له «لا رحمة فيها ولا تجاوز»، ويضيف: «صحيح أنني أكره البروفات كرهاً شديداً، إلا أنني مؤمن تماماً بقيمتها وبأثرها الإيجابي على المذيع والبرنامج، وإن كنت نجوت مرة ولم تنكسر «جرتي» فليس في كل مرة تسلم الجرة كما يخبرنا المثل الشعبي». لكن كيف وقع الاختيار على فهد ليرافق الشيخ الدكتور سلمان العودة في «الحياة كلمة» ومن ثم «حجر الزاوية»؟!..يجيب: «كان هناك توافق بيني وبينه على الفكرة والاتجاه والقناة والمشوار .. فحدث اللقاء..الذي دخل الآن عامه السابع، والصلة بيني وبين الشيخ سلمان متجذرة بفضل الحميمية الرائعة التي تغلف علاقتنا ولله الحمد، لكنها ليست قديمة، إذ لم تنشأ لي علاقة مع فضيلة الدكتور سلمان إلا قبل البرنامج بسنتين فقط على خلفية استشارات إعلامية لبرنامج له كان يعرض على قناة المجد آنذاك». ولا يجد المذيع السعودي الشاب حرجاً في توجيه بعض المتصلين على برنامجيه نقداً لاذعا له أو لقناة MBC التي تبثهما، ويعلق: «القناة أي قناة ملك للمشاهدين ورجع رؤاهم ما دامت تواصل ركضها البرامجي، فمن الطبيعي إذن أن تتلقى النقد كما هي الإشادات .. ورغم أن موقعي في البرنامج يمثل القناة أمام المشاهدين إلا أني لم أضجر يوماً بنقد يوجه لها من متصل ما لم يخرج عن حدود اللياقة الأدبية في ذلك...ولم يؤثر ذلك ولا ما تنتهجه القناة في هيكلتها البرامجية على مضمون الساعة التلفزيونية التي نقدمها في البرنامج..أما النقد الذي يوجه لي شخصياً فإنني دائما قيد الاستفادة منه، لكن ما يبلغ حد التجريح فأطعمه جاهداً للنسيان».وربما أن في ذلك بعض الأسباب التي تمنع السعوي من مشاهدة برامجه بعد عرضها «لا أحب مشاهدة حلقات أديتها.. ربما هي الثقة بأدائي أن ما مضى هو جيد بمجمله، وربما هو هاجس «كنقص القادرين على التمام» فأخاف أن أكتشف نقصاً حال دون تمام». ولوالده دين «عظيم» في رقبته، يعلم السعوي علم اليقين أنه لا يسدد، وإن عاش حتى يرد إلى أرذل العمر، يقول: «هو بالنسبة لي الداعم والأخ والصديق والمعلم والقدوة في النجاح، أسأل الله أن يحفظه ويمد في نجاحاته وتميزه».