)محمد عبد الله الزهراني( شاب معاق، أخذ في طفولته حقنة انسولين بالخطأ أدت الى اصابته بشلل اطفال بيد انه نجح اكثر من الاشخاص المتعافين لم يعقه شيء عن الاجتهاد والتحصيل والنجاح ورغم ان قطار التعليم قد فاته الا انه لم ييأس وبدأ يرتقي السلم فدخل التعليم حتى اكمل المرحلة المتوسطة وجاهد كثيراً حتى ادخل مركز التأهيل بالرياض )تخصص أجهزة دقيقة( فنجح نجاحا باهراً ثم التحق بعدة وظائف حكومية مختلفة حتى استقر به الوضع في تحلية المياه بوظيفة مأمور سنترال، احبه الجميع نظراً لتعاونه وانضباطه بالعمل.. اضافة الى كل ذلك فهو حاصل على العديد من البطولات الرياضية بالمملكة ومنها استحواذه على بطولة المملكة في العاب القوى للعبة رمي الرمح والجلة والقرص لمدة سبع سنوات متواصلة وشارك باسم المملكة وحقق جوائز وميداليات عديدة عربيا ودوليا ويمتلك ابو عبد الله إضافة الى كل تلك الانجازات عددا من الهوايات التي تصعب على الشخص السوي ممارستها وهي هواية اصطياد العقارب والثعابين حيث اصطاد خلال عام واحد 100 ثعبان و50 عقربا ولنتعرف اكثر على هذا المعاق البطل الى هذا اللقاء.. * هل لك أن تحدثنا عن إعاقتك .. نوعها وكيف وقعت؟ عندما ولدت كنت سليماً معافى وعند بلوغي سنة واربعة اشهر ارتفعت درجة حرارتي فأعطتني الممرضة حقنة انسولين بالخطأ أدت الى اصابتي بشلل كامل )شلل اطفال( لكن ولله الحمد مع دخولي مراكز التأهيل انحسر الشلل الى قدمي فقط واصبح الامل مفقودا في شفائها وحمدت الله على ما كتبه لي في هذه الحياة. * وكيف كانت حياتك الاسرية والعملية؟ هذا سؤال كبير واجابته اكبر فأنا ولله الحمد اكملت المرحلة المتوسطة ولدي الطموح في مواصلة دراستي حتى شهادة الدكتوراه ثم احسست انني في عالم غريب نظرات الاهل غريبة وقاصرة على المعاق يفكرون بأنني لا استطيع ان اقوم بأي عمل فكانوا يكلفونني بأعمال بسيطة وصغيرة كي لا يثقلوا علي بالتكليف مما زادني ألما وحسرة فرفضت كل ذلك وقررت ان اثبت لهم بان المعاق قادر على اداء وظائف ومهارات وهوايات ربما كثير من المتعافين لا يستطيعون القيام بها قررت تحدي الذات وفرض الاحترام على الاخرين لا العطف والشفقة التي تعتبر جرحا قاسيا علينا فالتحقت بعدة اماكن ما بين محلات خاصة واماكن حكومية احضر فيها مبكرا واخرج متأخراً وانجز مهماتي باتقان حتى انذهل مني الجميع وهنا يجب ألا يفوتني ان انوه بفضل رجل لا يمكنني ان انساه وهو صاحب السمو الملكي الامير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز الذي فتح قلبه للمعاقين مع توظيفهم واضاف يقول اما الان فتحلية المياه المالحة فتحت لي ايضا باب وظيفة مأمور سنترال وانا مرتاح في العمل بجوار اخوان وزملاء اعتز بهم كثيراً. * ماذا عن زواجك هل واجهتك صعوبة في ذلك؟ ابداً لم اجد صعوبة في ذلك بل العكس من ذلك وجدت التشجيع والدعم المعنوي والمادي لانني حينما عزمت على الزواج لم اجد اي عائق طالما انني مستعد للقيام بواجبات الحياة الزوجية وطالما ان الزوجة متعلمة وفاهمة لظروف المعاق وحصول القناعة والرضا بين الزوجين فبلاشك ان حياتهم ستكون سعيدة فاحمد الله ان لي سنة ونصف منذ ان تزوجت ورزقت بولد اسمه عبد الله وبنت اسمها بشرى. * وكيف تقضي حوائج بيتك؟ أولا انا انسان اقتصادي كما هو مفترض لاي شخص في الوقت الحالي ولا احب التكرار على الاسواق لذا احاول ان انهي جميع مشتريات شهر كامل في مشوار واحد وانزل اغراضي بنفسي دون مساعدة احد كذلك اذهب مع اسرتي الى الاسواق بنفسي لقضاء حاجياتهم في كل المناسبات ونذهب سويا الى الشواطئ واماكن الترفيه. عموما احب ان اقول لك انني انسان افرض نفسي على المجتمع لا أخجل منه في اي مكان. * هل تعاني حالياً من أمراض معينة؟ لا توجد هناك ولله الحمد اية امراض سوى بعض الاصابات من جراء ممارسة الرياضة في بعض البطولات وللأسف لا يوجد هنا بالمنطقة الشرقية قسم خاص للطب الرياضي سوى في مدينة الرياض التي كنت اتابع فيها علاجي فقد عرضت اصابتي على العديد من الاطباء هنا لكنهم لا يستطيعون علاجها فاصابات المعاقين غالباً ما تتركز في الاكتاف والاصابع والاذرعة واليدين. وعن ممارسته للرياضة فيقول: بفضل من الله ومنته تخصصت في العاب القوى )رمي القرص والجلة( وشاركت في بطولات خارجة عديدة من ابرزها في مصر وتونس حصلت على الميدالية الذهبية في رمي القرص وميداليتين فضيتين في رمي الجلة والرمح وبعد ذلك شاركت في بطولة العالم لالعاب القوى للمعاقين في بريطانيا عام 1418ه وحصلت على الميدالية الذهبية في رمي القرص وفضيتين في رمي الرمح والجلة وحصلت على ثلاث فضيات في البحرين وشاركت مع منتخب المعاقين لكرة السلة عام 1416ه في بريطانيا وحققت المركز الاول والميدالية الذهبية في رمي القرص والرمح في بطولة الخليج عام 1417ه والميدالية الذهبية والمركز الاول في رمي الجلة والمركز الاول والميدالية الذهبية في البطولة التأهيلية لبطولة العالم. اما بالنسبة للبطولات المحلية فمنذ سبع سنوات وأنا محتكر بطولات القرص والرمح والجلة بالمملكة. * خلال سفراتك ومشاركاتك الخارجية . ما المشاهد التي استفدت منها هناك؟ شاهدت الاهتمام الكبير بتقديم الخدمات التي يحتاجها المعاقون وشاهدت اشياء كثيرة غير متوفرة لدينا شاهدت بنفسي في ملعب مانشستر 20 دورة خاصة للمعاقين وشاهدت في نفس الملعب اماكن جلوس خاصة بالمعاقين )بها كراس شاشة تلفزيون مع مترجم سماعات للمكفوفين( شاهدت التاكسي معظمها مهيأة لركوب فئات المعاقين. واردف يقول: لقد اثلج صدري وسررت بتوجيهات صاحب السمو الملكي الامير محمد بن فهد امير المنطقة الشرقية بمتابعة الخدمات المقدمة للمعاقين في الاسواق والبنوك والدوائر الحكومية )مثل المواقف وغيرها( وكم اتمنى ان تتواصل تلك الجهود والمتابعة نحو تحقيق السعادة للمعاقين. * هل لديك هوايات أخرى تمارسها؟ لدي هوايات كثيرة منها السفر والتصوير والتنزه لكن سأذكر لك هواية اردت من خلالها ان ابين للانسان السليم ان المعاق قادر ولديه امكانات لا يمكن ولا يجب ان تهمل لان الله سبحانه وتعالى يأخذ شيئا ويعطي شيئا فلدي هواية تعتبر خطيرة وهي صيد الثعابين والعقارب قليل ان تجد رجلا متعافيا يجيد هذه الهواية فما بالك بمعاق فمارست هذه الهواية بعد ان لمست خوف الناس منها واستطعت خلال سنة واحدة من اصطياد 50 عقربا و100 ثعبان واخراج السم منها. اضافة الى كل تلك الهوايات فأنا انسان مخترع حيث استطعت ولله الحمد من تصميم وتنفيذ معدات احتاجها ويحتاجها زملائي في مختلف الالعاب الرياضية فصممت آلة خاصة برمي القرص والجلة للمعاقين وكلفت حوالي 3000 ريال بالرغم من ان سعرها في السوق حوالي 11000 ريال. * ما الذي تطمح تحقيقه في المستقبل؟ إنني مؤمن بقضاء الله وواثق من ارادته التي تعلو كل ارادة لانها ارادة الحق.. متسلح بالصمود والعمل والكفاح لذا فان العنصر البشري الذي يعمل بتصميم وارادة من اجل بلوغ الاهداف المنشودة يأتي في المرتبة الاولى قبل كل الاعتبارات واردف يقول: أنا صديق دائم للمعاقين بالرغم من بعدي عنهم بسبب العمل الا ان قلبي واحاسيسي معهم لا تنقطع اراهم دوما امامي وذلك بسبب نظرة المجتمع الغربية لهم كذلك احاول ان اصنع شيئا يسعدهم حتى لو عن طريق الاختراع والابتكار. * هل من كلمة أخيرة؟ بحكم ان جريدة الجزيرة كثير من القراء يحبون ان يقرأوها فأحب ان اوجه كلمة اتمنى ان يقرأها القارئ وينقلها للغير وهي ان الاتجاهات الايجابية للمجتمع نحو المعاقين تتحدد وتعتمد على تقبل الشخص المعاق على انه شخص بنفس القدرات والمشاعر والرغبات والآمال وغير ذلك من الخصائص والامكانات مثل اي شخص آخر في المجتمع يحصل على المساعدة لنموه بان يسمح له بكل تجارب الحياة وخبراتها ويتوقع منه انجاز كل ما تمكنه قدراته للقيام به من انجازات ولا مانع من ان توجد له من الوسائل والطرق ما تمكنه من التغلب على نواحي عجزه وقصوره بل هذا واجب لمساعدته حتى يتسنى له تجاوز منحى الشعور بالنقص والاحباطات التي قد تضره ومن ثم يساهم ويشارك في بناء مجالات التنمية من مواقفه الاجتماعية ومكانته الذاتية ومركزه الذي يمكنه ان يصل اليه بقدراته وامكاناته. ويضيف قائلا: ان المعاق طاقة بناءة يمكن استغلالها والاستفادة منها في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع لا سيما بتعزيزات قدراته وتدعيم مواهبه واتاحة المجال له للتعبير عن ذاته وافكاره واردف يقول: يا اخواني لدي اصدقاء كثيرون من المعاقين محبطون نفسيا الى آخر درجة ولا يخرجون الا معي اخرجهم للمجتمع للاحتكاك به في الاسواق وفي الاماكن العامة احاول ان ارغم المجتمع بهم والتعرف عليهم لكن وقتي لا يسمح لي بان اكون قريبا منهم ولعل الكلام المسبق يكون كافيا.