الذهب يتحرك في نطاق ضيق    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    حوادث الطائرات    المملكة وتعزيز أمنها البحري    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    الرياض الجميلة الصديقة    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظرية السياسية في توحيد الأمة للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
من أهم الكتب السياسية في المكتبة العربية


*عرض : إبراهيم سعد الماجد
يعد كتاب النظرية السياسية في توحيد الامة للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من اهم الكتب السياسية التي صدرت ضمن المطبوعات العربية في العشر سنوات الاخيرة اذ انه يعد اضافة تاريخية هامة للمكتبة العربية وخاصة فيما يتعلق بالمؤسس التاريخي للدولة السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله .
ويعكس الكتاب الانيق والطباعة الفاخرة اهتمام مؤلفيه الاستاذ عبدالله مرعي بن محفوظ والاستاذ يوسف التويم بالتاريخ والسياسة والقانون ويترجم هذا الاهتمام عبدالله بن مرعي بن محفوظ في التمهيد ببداية الكتاب حيث يقول عن دوافعه لاخراج هذا الكتاب الهام الى النور:
ترجع فكرة هذا الكتاب الى سنوات عدة قضيتها افكر واتأمل في الطريقة التي اساهم بها في ايفاء هذا البطل الوطني والمناضل الجسور والمعلم الاول حقه فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ونحن ابناء المملكة العربية السعودية مدينون بنهضتها للانجازات التي تحققت على يد الشخصية الاسطورية والتاريخية والكاريزمية لجلالة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود.
ويؤكد عبدالله بن مرعي بن محفوظ على احد الثوابت الهامة في اتجاهه لاخراج هذا الكتاب وهو رد الجميل لهذا الوطن الذي يرعى العلم والعلماء فيقول:
وكغيري من ابناء وطني الذين تلقوا قدرا من العلم مطالبون بالبحث والتنقيب عن ثروات وكنوز هذه الامة الراسخة، مطالبون باحياء وبعث التراث السعودي، بغرض تبصير الاجيال القادمة بمقومات النهضة التي تمتعت بها الامة السعودية والعلم والايمان هما سلاحنا لتحقيق ما نصبو اليه من عمل .
اما عن تناول شخصية الملك عبدالعزيز آل سعود بجوانبها المختلفة وكذلك انجازاته يذكر المؤلف ذلك قائلا:
اجزم انه من الصعب الالمام بالجوانب المختلفة لشخصية وانجازات الملك عبدالعزيز في مجلد او مجلدين فالرجل شمس وهاجة وسراج منير القى بضوئه الساطع على جوانب شتى من الموضوعات كل منها يستحق ان تفرد له مجلدات، فحياته وهو طفل متفردة، واعادة فتح الرياض اسطورة، واستعادة نجد جسارة وبطولة وضم الاحساء والحجاز وعسير بما فيها من سهول وجبال تهامة العملاقة قصة من قصص الكفاح التي يجف المداد ويعجز الكف عن ايفائها حقها وتوحيد هذا الكيان تحت مظلة المملكة العربية السعودية وانشاء نظام للحكم تمتع بالدنياميكية والحيوية التي مكنته من تفجير طاقات الشعب السعودي في ارضه الشاسعة في شكل نهضة تنموية رفعتها من ربقة الدول الفقيرة الى واحدة من اغنى دول العالم يعكس الرؤية والكياسة وصدق الحدس التي تمتع بها طيب الذكر وحادي الركب مؤسس المملكة العربية السعودية.
وعن منهج البحث الذي اتخذه المؤلف يقول:
البحث هو قطرة في محيط اذا استطاع الكاتب ان يلقيها فيكون قد ساهم في بناء المحيط الشامل للفكر والتراث الانساني ودراسة من هذا القبيل تتطلب اتباع منهج يجمع داخله العديد من المناهج الدراسية والذي يعرف بInterdisciphlinary Opproach وهذا المنهج يمكن من القاء الضوء على الموضوع بصورة مترابطة تجعل منه كلا عضويا مركبا وقد اشرنا له هنا بمنهج الظاهرة السياسية.
ويضيف قائلا:
ويساعد هذا المنهج على اعتبار الملك عبدالعزيز ظاهرة سياسية توفرت لديها ظروف سيكولوجية وسوسيولوجية واجتماعية تمخضت عنها الانجازات التي جرى تحقيقها خلال رحلة استرجاع حكم آل سعود منذ عام 1902 مرورا بمرحلة توحيد المملكة انتهاء باعلان قيام المملكة العربية السعودية وبناء نظامها السياسي وحتى وفاته رحمه الله في عام 1953م.
ويؤكد المؤلف على ان الدراسات الحديثة لابد لها من ان تستند على منهجية تمكنها من السير في طريقها لتجنبها شر الاطناب والاستغراق الذي يصرفها عن موضوعها الاساسي من جهة ويجنبها كذلك مغبة الايجاز الذي يبتر كثيرا من جوانبها الهامة فتأتي مشوهة ناقصة.
ويؤكد الكاتب عبدالله بن مرعي بن محفوظ على الطابع العلمي والموضوعية كمنهج اساسي في التناول وعن ذلك يقول:
مجال العلوم السياسية والعلوم ذات الصلة به غنية بالمناهج العلمية في ظل المدرسة السلوكية والمدرسة ما بعد السلوكية التي شهد العالم تفجرها عقب الحرب العالمية الثانية وتواترت خطواتها وتسارعت عند مطلع الثمانينيات من القرن العشرين الذي اشرف على الانتهاء.
وهذا يعكس اهتمام الاستاذ عبدالله بن مرعي بن محفوظ بالعلوم السياسية والقانونية حيث صدر له اكثر من مطبوعة اثرت المكتبة العربية منها كتاب نظام استثمارات رأس المال الاجنبي في المملكة العربية السعودية عام 1990 وبحث العقوبات التشريعية في الاسلام مقارنة بالقانون الامريكي عام 1992م وكتاب حقوق والتزامات العامل وصاحب العمل في النظام السعودي 1994م وطبعة ثانية عام 1995م وكتاب حقوق وقضايا المرأة في عالمنا المعاصر 1996م وكتاب صيغ العقود في النظام السعودي 1997 وكتاب الافلاس في النظام السعودي 1999م تحت الاصدار وقرص مدمج بعنوان المستشار القانوني في الانظمة السعودية 1999 وكتاب حول قبائل كندة تحت الاصدار 1999.
المنهج الشامل
وفي الفصل الاول وتحت عنوان المنهجية يستهل المؤلف المبحث الاول بتحديد الفترة الزمنية التي يتناولها بالدراسة فيقول:
لا تحصر هذه الدراسة بحثها في الفترة من 21 جمادى الاولى من عام 1351ه الموافق 18 سبتمبر 1932م الميلاد الرسمي لاتخاذ البلاد السعودية اسم المملكة العربية السعودية الى الثاني من ربيع الاول عام 1373ه الموافق 9 نوفمبر 1953م يوم وفاة الملك عبدالعزيز ونهاية حكمه وتولي ابنه الملك سعود مقاليد الحكم وذلك لانها تتبنى منهجا علميا متداخلا شاملا.
وعن منهجية البحث ذاتها يؤكد المؤلف قائلا:
هذا المنهج يتطلب توسيع نطاق التحري والبحث في الفترة التي كانت عليها الجزيرة العربية قبل مجيء الملك عبدالعزيز للحكم في عام 1319ه/1902م باسترجاع الرياض من آل رشيد بعد فترة حكم دانت لهم فيها العاصمة النجدية لمدة عشر سنوات وسيتحرى البحث بصفة خاصة في الظروف التي ساعدت الملك عبدالعزيز على بسط نفوذه على عموم الاقليم النجدي 1322ه والقصيم 1326ه وتحرير الاحساء من الاتراك 1331ه والقضاء نهائيا على حكم آل رشيد وضم حائل وعسير 1340ه ثم السيطرة على الحجاز 1344ه .
ويهدف هذا المنهج الشامل المتداخل مسك جميع الخيوط التي تمكن من فهم نظام الحكم الذي بناه مؤسس المملكة العربية السعودية والذي اقتفى ابناؤه اثره من بعده في حكم اكبر البلدان في المنطقة العربية واهمها في السياسة العالمية.
الظواهر السياسية
ويتناول المؤلف في نفس الفصل تحليل الظواهر السياسية بشكل علمي وفي ذلك يقول:
تحليل الظواهر السياسية يتطلب تفكيك عناصرها والتعرف على العلاقات التي تربط بين هذه العناصر ومن ثم ارجاعها الى حالتها الكلية المركبة وتعقيد وتشابك الظواهر السياسية نابع من طبيعة تكوينها الذي يعتمد على التفاعل بين الانسان والمحيط البيئي الذي يعيش فيه وهذا التفاعل يصبغ الظاهرة السياسية بالطابع الديناميكي الحركي الذي ينقلها من حالة الاستقرار الاستاتيكي الى حالة الحركة الديناميكية ويكسبها صفة التحول والتغيير.
فالظواهر السياسية خلافا لموضوعات العلوم الطبيعية والرياضيات لا تقاس بالابعاد والارقام وانما يتم تحليلها تحليلا وصفيا من خلال الدراسات التجريبية التي تقوم على الملاحظة ووضع الفروض واختبارها واستخلاص عموميات او نظريات تساعد على تفسير الاحداث المستقبلية.
وتتطلب عملية تحليل الظواهر السياسية وفقا لذلك معرفة طبيعة كل عنصر من عناصرها والدور الذي يضطلع به في تشكيل الظاهرة السياسية ويقتضي هذا الالمام بالعوامل الثابتة والعوامل المتغيرة التي تشكل منها الظاهرة السياسية والعوامل الثابتة تسمى في مجال المنهجية السياسية بالمتغيرات المستقلة وهي السبب او العلة التي تشكل الظاهرة السياسية ويؤدي الجانب الحركي الديناميكي في المتغيرات المستقلة الى توليد عوامل اخرى تسمى بالمتغيرات التابعة وهي تعني النتائج التي تم الحصول عليها من جراء التحول الزمني او المكاني او الكمي او الكيفي الذي حدث في المتغيرات المستقلة والعلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة السبب والنتيجة تحدثها عوامل تسمى بالمتغيرات الوسيطة ولا يقف تشكيل الظواهر السياسية على السبب والنتيجة والمتغيرات الوسيطة فحسب بل ايضا يشمل متغيرات سابقة وهي العوامل التي تكون قد حدثت قبل ان تبرز الظاهرة السياسية الى حيز الوجود الا ان لها علاقة كبيرة بظهورها.
ولايضاح تشكيل الظواهر السياسية نضرب مثلا بموضوع بحثنا الذي يقوم على فرضية اساسية هي القدرات القيادية التي تمتع بها الملك عبدالعزيز وهي التي ادت الى بناء نظام سياسي راسخ بالمملكة العربية السعودية فالمتغير المستقل السبب هو القدرات القيادية التي تمتع بها الملك عبدالعزيز .
والمتغير التابع هو النظام السياسي الراسخ والمتغير الوسيط هو التصميم والارادة والجهد التي بذلها الملك عبدالعزيز.
اما المتغير السابق فهو التقاليد والموروثات والقيم التي سادت في الجزيرة العربية قبل ظهور الملك عبدالعزيز على مسرح السياسة في المملكة العربية السعودية ومن خلال ذلك يمكننا ادراك العلاقة الوثيقة بين الانسان والمحيط الاجتماعي في تشكيل الظواهر السياسية.
ثم يركز المؤلف على المحطات العديدة التي مرت بها المنهجية السياسية منذ افلاطون وتلميذه ارسطو حيث اعتمد الاول النظام المثالي للحكم الذي يقوم على معايير القدرة الذهنية والبنية الجسمانية لتصنيف المواطنين الى حكام ومحكومين واعتمد الثاني على معايير القوة ومشتقاتها بالاضافة الى مساهمة العديد من الكتاب في تفسير الظواهر السياسية في مجالات الاجتماع والسوسيولوجيا والسيكولوجي والفلسفة والتاريخ والقانون والاقتصاد وحتى مجالات العلوم الطبيعية كالاحياء والفيزياء والرياضيات كما استخدمت مناهج وطرق بحث معيارية واستنباطية واستقرائية لتحليل الظواهر السياسية.
الصراع السياسي
وفي المبحث الثاني وتحت عنوان القيادة السياسية يؤكد المؤلف حقيقة هامة حيث يقول:
الصراع ليس بالضرورة ان يتخذ صورة الاقتتال واستعمال ادوات العنف فهو يتدرج ما بين الاقناع والاجبار الا انه في جميع مراحله واشكاله يحسم عن طريق امتلاك القوة.
وكذلك فليس من الضروري ان يكون مصدر القوة هذه امتلاك ادوات العنف والقهر بل ان مصادرها قد تكون الثروة او المنصب او الجاه الاجتماعي او الديني او التعليمي او الثقافي وغالبا ما لا يكون امتلاك تلك المصادر كافيا في حالته الساكنة لان يكون اداة فعالة من ادوات حسم الصراع السياسي في المجتمع فممارسة القوة تكون ضرورية كسلاح ديناميكي في ذلك وعملية الممارسة هذه تسمى النفوذ الذي يعرف على انه الوسيلة التي تجعل الاخرين يسلكون سلوكا يرغب فيه صاحب النفوذ بصورة ما كان لهم ان يقوموا به بدون تأثير هذا النفوذ.
ويأخذ المؤلف القارىء الى تقرير حقيقة هامة وهي كما يقول:
لقد اهتمت الدراسات السياسية والاجتماعية السوسيولوجية والسيكولوجية والتاريخية والفلسفية بدراسة ظاهرة القيادة من زوايا ورؤى مختلفة تختلف باختلاف مجالات تلك العلوم فعلم السايكولوجيا يهتم بالجوانب التي شكلت نفسية القيادة وذلك يتتبع الفرد في مراحل حياته المختلفة ثم يطرح المؤلف اسئلة تشكل صدمة لجذب القارىء حيث يقول:
هل الكاريزمية هي سمات حقيقية؟ ام انها سمات يتصورها الاتباع عن قائدهم؟ ام انها خليط من هذا وذاك؟
وتلك الاسئلة تقودنا لطرح اسئلة اخرى كثيرة,, مثلا هل الانجازات التي حققتها القيادة الكاريزمية كان يمكن لها ان تتحقق في غيابها اذا توفرت نفس الظروف الاجتماعية؟
فمثلا اذا لم يكن هناك مصطفى كمال اتاتورك الا يمكن وجود دولة امة تركية بالشكل الذي تحققت على يديه؟ ام ان العلاقة بين القيادة الكاريزمية والظروف الاجتماعية قوية بصورة لا يمكن فصل احدهما عن الاخر.
ويشير المؤلف الى ان التعريف الذي ذكره فيبر للكاريزما فيه نوع من الغموض فقد ذهب الى انها صفة معينة لشخصية القائد الفرد تميزه عن الناس العاديين كما اشار الى ان هذه الصفات لا يلزم ان تكون حقيقية وانما يمكن ان تكون صفات يرسمها الاتباع عن زعيمهم في عقولهم الا انه اشار الى انه يلزم ان تكون هذه الصفات قد نتجت عن دلالات ما تصور على انها معجزات.
ظاهرة القيادة السياسية
وفي تناوله لهذه الظاهرة يقول د, عبدالله بن مرعي بن محفوظ مؤلف الكتاب : اهتم علماء السياسة بمرحلة البعد والاتصال والانغماس تولي السلطة في دراسة ظاهرة القيادة السياسية وتم تصوير القائد السياسي على انه مرسل ومتلق للرسائل مستفيدا من منصب السلطة التي يتقلدها في اطار علاقة ديناميكية تربطه مع اتباعه فالقائد السياسي مطلوب منه تمتين الصلة بينه وبين شعبه ليكسب ثقتهم ودعمهم, فديجول واتاتورك مثلا استطاعا من خلال تبني الثقافة التقليدية لشعبيهما ودمجها مع خبرتهما العسكرية ان يقنعا شعبيهما تحت ظروف التهديدات العسكرية التي تعرضت لها بلديهما بانهما الشخصان المناسبان لقيادتهما.
الا ان الاشكالية التي تواجه هذا النوع من الدراسات السياسية هي انه اذا سقنا بعض التبريرات لاثبات نجاح قيادة سياسية من خلال الصفات الكاريزمية او القيادية التي تمتعت بها فكيف نبرر فشل تلك القيادات في الاحتفاظ بالسلطة ومواصلة العطاء فادولف هتلر وموسوليني اثبتا قدرة قيادية فائقة خلال العشرينيات والثلاثينيات في بلديهما الا انهما عادا واثبتا فشلا ذريعا وقاما بهدم كل ما بنياه من جراء دورهما في قيام الحرب العالمية الثانية وهل نفسر ذلك على انه عبقرية قيادية ام عرض مرضي سببه حب الشهرة؟
وفي الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان الحالة السياسية والاجتماعية والدينية في جزيرة العرب قبل ظهور الملك عبدالعزيز يقول المؤلف في البداية: يركز هذا الفصل على الاوضاع السياسية والاجتماعية والدينية التي مهدت لقيام المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود وعلى هذا الاساس فإنه سيتعرض للصورة التي كانت عليها شبه الجزيرة العربية وخاصة منطقة نجد خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجري الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي ثم يتعرض لظهور الداعية والمجدد الاسلامي الكبير الشيخ محمد بن عبدالوهاب والذي لعبت الاوضاع الدينية والسياسية والاجتماعية تلك دورا كبيرا في ظهور دعوته الاصلاحية ويرمي هذا الفصل من وراء دراسة هذه الموضوعات الى تمهيد القارىء لفهم الاحداث المتلاحقة والتي اسهمت في توحيد المملكة العربية السعودية وتأسيس نظام حكم راسخ بها تحت حكم اسرة آل سعود.
ثم يدخل المؤلف في التفاصيل ليتناولها باسلوب تاريخي شيق فيقول:
كان لانهيار الدولة العثمانية اثر كبير على الاوضاع في المنطقة العربية ومن بينها شبه الجزيرة العربية فالحجاز كانت تحت السيادة العثمانية منذ عام 923ه فقد ارسل الشريف بركات مفاتيح الكعبة الى السلطان سليم الاول عندما قام العثمانيون باحتلال مصر كعلامة من علامات الولاء للدولة العثمانية.
وبدخول القرن الثاني عشر الهجري كان الاشراف يعيشون في منازعات متصلة حول الحكم وكان السلطان العثماني في الاستانة قد اوكل امرهم لواليه في مصر لينصب من يشاء ويعزل من يشاء.
اما المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية عند سواحل الخليج العربي فقد ادرك خالد بن براك زعيم قبائل بني خالد ضعف الدولة العثمانية واعلن نفسه حاكما على منطقة الاحساء في عام 1080ه 1670م اما في منطقة قلب الجزيرة العربية المعروفة بمنطقة نجد والتي كانت بعض اجزائها تعرف عند المؤرخين بمنطقة اليمامة فلم تكن خاضعة لسلطان العثمانيين ولم تحظ بقدر من الاعتبار الا بالقدر الذي تشكله لاستراتيجيات الدول الكبرى في البحر الاحمر والمحيط الهندي والخليج العربي.
لهذا فقد ظلت معزولة الى حد كبير عن التأثيرات الخارجية ويعد هذا من الناحية السيكولوجية العربية عاملا هاما ساعد المنطقة على الاحتفاظ بالعنصر والثقافة العربيين نقيين صافيين وكان لعوامل المناخ اثر كبير في ذلك فوجود المنطقة في قلب الجزيرة العربية بمناخها الحار وتضاريسها الصعبة الاختراق وقلة مياه الشرب فيها اثر كبير في ذلك.
أهمية نجد
اما عن تركيبة المجتمع النجدي انذاك فيذكر المؤلف ذلك قائلا:
كانت تركيبة المجتمع النجدي انذاك تركيبة قبلية تتحكم فيها النعرات العصبية التي كانت لدى العرب قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم في القرن السادس الميلادي.
اما من الناحية السياسية فيذكر المؤلف ذلك قائلا:
اما من الناحية السياسية فلم تشكل منطقة نجد وحدة متماسكة تدين لحاكم واحد بالقدر الذي كان يحدث في كثير من المناطق حولها مثل الحجاز واليمن والاحساء.
وعن الوضع الديني يقول:
وقد كان الوضع الديني لاهل نجد قد شهد تدهورا مريعا ابعدهم كثيرا عن منابع الثقافة الاسلامية التي كان للنجديين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلافة الراشدة دور كبير في انتشارها وقد جاء وصف الحالة الدينية في نجد في كتابات المؤيدين لدعوة التوحيد التي جاء بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
ظهور الشيخ
ويتناول المؤلف بالتفصيل حياة الداعية الشيخ محمد بن عبدالوهاب ويتعرض لاهم قضية حين يذكر قائلا:
تعرضت الدعوة التوحيدية الى معارضة فكرية ومعارضة سياسية فقد اتهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب على انه يدعي النبوة وانه من الخوارج وانه يكفر الناس بالباطل وانه لا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حين يذكر اسمه صلى الله عليه وسلم وانه ينكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ووصف الشيخ محمد بن عبدالوهاب بانه يسعى وراء السلطان من قبل كثير من الكتاب والعلماء وخاصة الصوفية في مختلف انحاء العالم الاسلامي الذين اطلقوا على دعوته اسم الحركة الوهابية باعتبارها دعوة خاصة بصاحبها.
ثم يدافع عن ذلك ويقول:
ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليست مذهبا خامسا كما يتهمها البعض بل هي دعوة اصلاحية ترمي الى ازالة الغبار الذي لحق بالدين معتمدة في ذلك على المذهب الحنبلية واراء واجتهادات الفكر السلفي المتمثلة في كتابات ودروس الامامين ابن تيمية وتلميذه ابن الجوزية وهي بالتالي تسعى الى تنظيف عقائد المسلمين من الشرك.
الحكم السعودي
وفي الفصل الثالث الذي جاء بعنوان نشأة وتطور الحكم السعودي يبدأ المؤلف بتناول الدولة السعودية الاولى فيقول:
ينتسب البيت السعودي الى المصاليح احد فخوذ عشائر ولد علي التي تنتمي الى قبيلة عنزة ويرجع نسب هذه القبائل الى بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان والعدنانيون هم اصل السلالات الكبرى في شمال جزيرة العرب واليهم ينتمي نبي الله اسماعيل بن ابراهيم الخليل ابو الانبياء وكذلك ينتمي اليهم آل هاشم بيت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ويوازي العدنانيون القبائل القحطانية التي تتكون منها السلالات الرئيسية في جنوب الجزيرة العربية.
وعن الحكم السعودي يقول المؤلف:
يعود الحكم السعودي الى الامير محمد بن سعود بن مقرن بن مرخان بن ابراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي الذي اسس الدولة السعودية الاولى في عام 1157ه / 1744م.
وعن دور الدين في الدولة السعودية الاولى يذكر المؤلف قائلا:
اصبح الدين هو رائد العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي فقد زودت حركة التوحيد الدولة السعودية بعقيدة سياسية اكتسبتها دفعة قوية فأصبحت الحروب تسمى جهادا والغارات تسمى غزوات والانتصارات تسمى فتوحات والرعايا يدعون بالمسلمين والخروج عن طاعة السلطان يسمى ردة.
وفي التفاصيل يذكر ما يلي:
كانت الحجاز تحكم بواسطة الاشراف الذين يتبعون لسلطان العثمانيين وكانت العلاقة بينهم وبين السعوديين كثيرا ما يشوبها التوتر والنزاع ففي عام 1208ه الموافق 1793م سير الامام سعود الكبير بن عبدالعزيز حملة ضد مكة المكرمة وهدم اضرحتها ومشاهدها قبل ان ينسحب منها.
وادرك العثمانيون ان مكانتهم الدينية ستهتز في العالم الاسلامي من جراء توسع آل سعود وحملاتهم المتكررة ضد ممتلكاتهم في الاحساء والعراق والحجاز على وجه الخصوص وشعروا ان الحملات التي سيروها سواء عن طريق القبائل او الجيوش النظامية لم تستطع ايقاف المد السعودي فقاموا بتكليف واليهم القوي على مصر محمد علي باشا الالباني الاصل بتجهيز حملة عسكرية للقضاء على السعوديين تحركت الحملة بقيادة طوسون باشا في اواخر عام 1811م/1226ه وتوغلت في منطقة الحجاز الا انها صدت عند محاولاتها التوغل في الاراضي النجدية.
كان اندحار القوات التركية صدمة قوية للوالي العثماني الطموح في مصر وبعد ثلاث سنوات من تلك الحملة توفي الامام سعود الكبير بن عبدالعزيز وتولى مكانه ابنه الامام عبدالله وكان ذلك عاملا هاما استفاد منه الاتراك الذين ارسلوا حملة كبيرة بقيادة ابراهيم باشا بن محمد علي باشا استطاعت تلك الحملة هزيمة السعوديين وتدمير عاصمتهم الدرعية والقضاء على دولتهم بعد اسر الامام عبدالله بن سعود وارساله الى مصر ثم الى القسطنطينية حيث تم اعدامه هناك.
وهكذا سقطت الدولة السعودية الاولى سياسيا الا انها بقيت في نفوس الناس دينيا فقد استمر الناس في نجد على ولائهم للدعوة السلفية وقد أذكى ذلك العداء المستحكم بين العرب والاتراك فقد حز في نفوس الكثيرين من العرب رؤية الجنود والاداريين الاتراك يتحكمون في شؤون بلادهم.
ثم يتناول الكتاب الدولة السعودية الثانية فيقول المؤلف:
تبلورت كراهية العرب للاتراك في شكل حركات مقاومة للحكم العثماني في نجد فقد استطاع مشاري بن سعود اخو الامام عبدالله بن سعود الذي هرب من قافلة الاسرى السعوديين التي ارسلت الى مصر عقب الدرعية ان يجمع العديد من الناس ويتوجه الى الدرعية التي وضع عليها الاتراك محمد بن مشاري بن معمر احد افراد اسرة آل معمر حكام العيينة الذين قضى السعوديون على حكمهم والذين اووا الشيخ محمد بن عبدالوهاب ثم انقلبوا عليه قبل رحيله الى الامير محمد ثم يتناول الكتاب تحركات ابناء سعود مثل تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ثم اغتياله ثم استيلاء ابنه تركي بن عبدالله على الرياض وتنصيب نفسه اماما خلفا لابيه الى ان تمت هزيمته على يد خورشيد باشا الا انه عاد واستولى على الحكم الذي استمر فيه ثلاثة وعشرين عاما ثم عهد الى ابنه الامير عبدالله بتصريف شؤون الحكم حتى بويع اماما ثم يتحدث عن ذهاب الامام عبدالرحمن بن فيصل الى الاقامة بالكويت حتى عام 1902/1319ه حيث تمكن ابنه عبدالعزيز من استرجاع ملك آبائه باستيلائه على الرياض ومن ثم توسيع نطاق الحكم السعودي في دولته الثالثة.
ثم يتناول بعد ذلك تطور النظام السياسي في ظل الدولة السعودية الاولى والثانية.
القيادة والتحدي
وفي الفصل الرابع وتحت عنوان عبدالعزيز آل سعود القيادة والتحدي ويذكر المؤلف في بداية الفصل ما يدل على محتواه فيقول:
تقع الدراسة في هذا الفصل في جزأين يحاول الاول منها التقصي في مكونات شخصية عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ويركز الاخر على الجهود التي قام بها من اجل توحيد المملكة العربية السعودية في الفترة ما بين عام 1902/1319ه اي منذ استرجاع الرياض لحكم آل سعود وعام 1932م/1351ه تاريخ الاعلان عن تغيير اسم البلاد السعودية من نجد والحجاز وملحقاته الى المملكة العربية السعودية واتخاذ عبدالعزيز لقب ملك لاول مرة في تاريخ الحكم السعودي عملية توحيد المملكة كانت مهمة صعبة ومعقدة وكانت في حاجة لبطولة خارقة وشهامة نادرة وكفاح مستميت ومثابرة دؤوب وروية وبصيرة سياسية وعسكرية.
ثم يركز على التنشئة السياسية للملك عبدالعزيز وكذلك نشأته الدينية وكيف كانت حياته خليطا من الثقافة الدينية والتشبع بالفكر التوطيدي الذي ناصره اسلافه وساعدهم وساعدوه في الانتشار والانتصار.
وسمات الشجاعة والشدة والصرامة وصفات الكرم واقراء الضيف واعانة الضعيف.
ثم يتناول بسرد تاريخي كيف استعاد عبدالعزيز عرش آل سعود.
وفي الفصل الخامس وتحت عنوان نظام الحكم على عهد الملك عبدالعزيز يقول المؤلف في بداية هذا الفصل ما يلي:
تركز المدارس الغربية على دراسة النظم السياسية للحكم وفقا لرؤية تقوم على الثقافات التي نشأ وترعرع فيها الكتاب الغربيون فقد ذكر افلاطون وارسطو على وظيفة النظم السياسية من منطلق ما ينبغي ان يكون عليه النظام وليس ماهو قائم بالفعل.
ثم يركز المؤلف على نظام الحكم الذي اسسه الملك عبدالعزيز قائلا:
ودراستنا لنظام الحكم الذي اسسه الملك عبدالعزيز آل سعود تسعى للفكاك من اسر المفاهيم الغربية المتميزة ضد كل ماهو ليس غريبا ودفعه بالتخلف والعجز والنقص وتسعى ايضا لعدم التقوقع في الاشكال القانونية المؤسسية للحكم بالرغم من انها لن تمهلها تماما لان هذه الاشكال ماهي الا افرازات للقوى الاجتماعية في الدولة المتمثلة في القبائل والعشائر والمناطق الجغرافية والجماعات الدينية وغيرها من النظم المجتمعية اللاسياسية ولا تغفل النظام الدولي ودوره في التأثير والتأثر بالنظام السعودي.
ثم يتناول الطريقة التي حافظ بها النظام السعودي انذاك على بقائه وتكيف مع الضغوط الكثيرة التي واجهته فيقول:
النظام السياسي الذي انشأه الملك عبدالعزيز هو امتداد للنظم السياسية التي سادت في عهد العهدين السعوديين السابقين فمنذ ان آلت الرياض كان عبدالعزيز كلما سئل عن دستور بلاده يجيب بأن دستورها القرآن.
ويختتم هذا الفصل قائلا:
هكذا استطاع النظام الذي ارسى قواعده الملك عبدالعزيز آل سعود من احداث نهضة كبرى في المملكة العربية السعودية ونقلت المجتمع السعودي من مصاف الدول التي على ذيل التخلف النهضوي الى دولة من اغنى دول العالم وقد مكنها هذا من ان تحتل مكانة مرموقة وشامخة في مجريات السياسة العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.